نددت عدة منظمات وجمعيات وطنية تونسية بحملات التشويه التي تستهدف السلطة القضائية والمجلس الأعلى للقضاء، واصفة إياها بالتصعيد الخطير والممنهج.
وقالت المنظمات والجمعيات التونسية في بيان مشترك لها مساء أمس الخميس، إن هناك عدة حملات ممنهجة على شبكات التواصل الاجتماعي من بعض الصفحات المشبوهة، تهدف إلى تقويض أسس بناء السلطة القضائية وإسقاط مؤسساتها بالدعوة إلى حل المجلس الأعلى للقضاء والاعتداء عليه وعلى قيادته من خلال حملة إساءة وتشهير طاولت رئيسه وعدد من أعضائه.
وذكّرت المنظمات "بتوطئة الدستور التي تنص على ضرورة قيام النظام الجمهوري على مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها"، مؤكدة ضرورة احترام استقلال القضاء خاصة في ظل الإجراءات الاستثنائية المتخذة وتجميع السلطتين التنفيذية والتشريعية في يد رئيس الجمهورية.
وأشارت إلى أن "ما جاء في باب السلطة القضائية في الدستور، بما في ذلك وجود المجلس الأعلى للقضاء، يعد تكريسًا لتعهدات تونس بموجب الاتفاقات الدولية وعلى الأخص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى أنه يعد ضمانة أساسية لعدم الانحراف بالمسار الديمقراطي والحفاظ على علوية القانون وحماية الحقوق والحريات".
ومن بين المنظمات والجمعيات الموقعة على البيان، جمعية القضاة التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، ومنظمة محامون بلا حدود، والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب.
وقال عضو منظمة محامون بلا حدود خيام الشملي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن توقيع منظمته على البيان يأتي باعتبار أن "مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء هي رمز لاستقلالية السلطة القضائية"، مؤكدا أنه "كان من المفروض أن تكون هناك محكمة دستورية منذ سنوات ولكن في ظل عدم تركيزها يبقى المجلس الأعلى للقضاء ضامنا لاستقلالية القضاء".
كما بيّن رفضه حملات التشويه بحق المجلس قائلا "هذه التهديدات غير مقبولة"، فيما حذر من تبعات تغيير القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء. وأضاف أن "حملات استهداف رئيس المجلس الأعلى للقضاء تصعيد خطير وممنهج"، مشيرًا إلى أن "المجلس رغم النقائص يبقى ضامنًا أساسيًا في مسار العدالة"، مؤكدا أنه "لا بد من حماية المجلس وإجراء إصلاحات ضرورية فيه".
كما أكد الشملي مطالبة المجلس بإجراء إصلاحات في وقت سابق، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان الآن لإجراء إصلاح جذري وحقيقي. وقال إن "المجلس الأعلى للقضاء حصر نفسه في مربع ضيق وفضل الانزواء، وهو ما جعله اليوم مستهدفًا وسهل الانتقاد"، مشددًا على أن الحل لا يكمن في حل المجلس، بل في إصلاحه.
وأشار إلى أن من الإصلاحات الكبرى الواجب تنفيذها تلك المتعلقة بالملفات التي ينظر فيها المجلس، إذ "تحال هذه الملفات عادة من قبل التفقدية التابعة لوزارة العدل وينظر فيها وزير العدل. هذا يعوق العدالة ويجعل عملية التسييس والتأثيرات الحزبية ممكنة، ما يعني أن المجلس لن ينظر في الملفات إلا بعد وصول تقرير من وزارة العدل، في حين أنه سلطة مستقلة ورئيس المجلس هو رئيس كبقية الرؤساء وأن المجلس يشرف على المسار المهني للقضاة، وعلى الحركة القضائية، وعلى تنظيم عمل المحاكم".