- الاحتجاز المطول قبل المحاكمة ورفض طلبات الإفراج المؤقت دون أدلة موثوقة يُعد مخالفًا للمعايير الدولية، ما يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان.
- جبهة الخلاص الوطني تدين استخدام قانون مقاومة الإرهاب لملاحقة المعارضين وتحذر من أن القمع يعمق الأزمة السياسية ويهدد الاستقرار، مؤكدة على أهمية حرية الرأي والتعبير.
دعت منظمات حقوقية دولية في بيان مشترك، اليوم الثلاثاء، السلطات في تونس إلى وضع حدّ فوري لملاحقة الشخصيات السياسية المعارضة، والإفراج عن المحتجزين منذ أكثر من عام من دون أسباب وجيهة، خيام تركي، وعبد الحميد الجلاصي، وعصام الشابي، وجوهر بن مبارك، وغازي الشواشي، ورضا بلحاج، المعتقلين تعسفياً منذ فبراير/ شباط 2023 على خلفية ما عُرف بقضية التآمر.
والمنظمات الموقعة على البيان هي اللجنة الدولية للحقوقيين، ومنظمة العفو الدولية، ومحامون بلا حدود، والأورومتوسطية للحقوق، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان. وذكر البيان أنه "في تاريخ 2 مايو/ أيار 2024، أحالت دائرة الاتهام في المحكمة الابتدائية في تونس 40 شخصاً، بمن فيهم الستة المذكورون أعلاه، إلى الدائرة الجنائية في المحكمة الابتدائية من أجل محاكمتهم، ورفضت طلب الإفراج الذي قدّمه محامو المحتجزين الستة. وسبق للسلطات القضائية أن رفضت ثمانية طلبات على الأقل للإفراج المؤقت عن المحتجزين الستة، بما في ذلك في شهر أغسطس/ آب 2023، ويناير/ كانون الثاني 2024، على الرغم من عدم وجود أي أدلة موثوقة تورطهم في أي مخالفات، وعدم استجوابهم منذ أوّل استجواب في بداية احتجازهم في فبراير 2023".
وأضاف البيان أنه "ممّا لا شكّ فيه أنّ السلطات التونسية، باعتقالها شخصيات المعارضة، وإساءة استخدامها لنظام العدالة الجنائية من أجل خنق حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية، تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي تلتزم تونس بالتقيّد بأحكامه. علاوةً على ذلك، فإنّ الاحتجاز المطوّل ما قبل المحاكمة يُعتبر مخالفاً، في جميع الأحوال تقريباً، للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللمعايير الدولية، فهو عبارة عن إجراء لا يجوز أن يستخدم إلا في حالاتٍ استثنائية، وليس أداة موجّهة ضدّ المعارضة السياسية السلمية، وبالأخصّ ضدّ أشخاص لا تتوفّر ضدّهم أي أدلة على ارتكاب مخالفات ولا يجوز احتجازهم في المقام الأول. ثم إنّ حبسهم الاحتياطي لفترات مطوّلة يشكّل انتهاكاً للقانون التونسي".
وأشار البيان إلى أن "قضية التآمر وغير ذلك من الإجراءات الجنائية التعسّفية، كانت أقيمت ضدّ صحافيين، وناقدين، ومحامين، ومعارضين سياسيين، وناشطين حقوقيين، في ظلّ تراجع استقلال القضاء، وتدخّل السلطة التنفيذية في إدارة العدل بتونس، الأمر الذي قوّض بصورة أساسية من حقوق المحاكمة العادلة للمدعى عليهم، بما في ذلك افتراض البراءة".
وطالبت المنظمات الموقعة، السلطات التونسية، بـ"الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسّفاً في سياق "قضية التآمر"، وإسقاط التُّهم التي لا أساس لها ضدّ جميع الأشخاص الذين وُجّهت إليهم الاتهامات من دائرة الاتهام، ووقف جميع الإجراءات الجنائية التعسّفية والمدفوعة بأسباب سياسية ضدّ من يفترض أنّهم معارضون سياسيون وضدّ الأفراد الذين يتمّ احتجازهم أو ملاحقتهم لمجرّد ممارستهم لحقوقهم".
جبهة الخلاص تتضامن مع المرزوقي
وفي سياق متّصل، عبّرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس عن تضامنها مع الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، بعد فتح بحث قضائي جديد ضده، أمس الاثنين، حيث كانت المتحدثة الرسمية باسم النيابة العمومية بتونس العاصمة، حنان قداس، ذكرت في تصريح لإذاعة موزاييك الخاصة، أنه تقرر فتح تتبع عدلي بحق المرزوقي، "من أجل اقترافه لجرائم إرهابية على خلفية عقده لندوة صحافية في الخارج، تضمنت نقداً لبعض القضاة الراجعين بالنظر إلى قطب مكافحة الإرهاب في تونس".
وقالت الجبهة في بيانها "إن هذا الإجراء يكفي وحده لإلقاء الضوء الكاشف على ما وصلت إليه الأوضاع بتونس، حيث يُوظف قانون مقاومة الإرهاب، الذي وُضع أصلاً لحماية الأرواح والأملاك، وصون الأمن القومي التونسي، في مصادرة حرية الرأي والتعبير، وملاحقة زعماء المعارضة التونسية من أجل نشاطهم السلمي المشروع".
واعتبرت الجبهة أن "هذا الإجراء الجائر يأتي في سياق إحالة 40 من قادة الحركة السياسية التونسية على الدائرة الجنائية لمقاضاتهم من أجل "الانتماء إلى وفاق إرهابي" و"التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" على خلفية نشاطهم السياسي الشرعي المعارض للسلطة القائمة، في حين ينتظر عدد آخر إحالته على المحاكمة بحالة إيقاف منذ أكثر من سنة. وفي السياق نفسه يحال أبرز الإعلاميين على المحاكم التونسية لمقاضاتهم من أجل آرائهم بناء على المرسوم عدد 54 السيئ الصيت، الذي وُضع لمصادرة حرية الرأي والتعبير وإرهاب الأصوات المستقلة".
ودانت الجبهة "هذا التتبع الجائر"، معربة عن تعاطفها وتضامنها الفعال مع الدكتور منصف المرزوقي وكل المعتقلين من سياسيين، وإعلاميين، ومدونين، ونقابيين، مجددة التنبيه إلى أن القمع لا يؤسس للاستقرار، بل يعمّق الأزمة ويدفع بها إلى الانفجار. ونبّهت أيضاً إلى أن أجواء محاكمة حرية الرأي والتعبير، وحرية الاجتماع في سنة انتخابية، لا يمكن أن تؤسس لمنافسة حرة ونزيهة، بدونها لا يمكن أن تقوم شرعية سياسية في البلاد، بحسب البيان.