قالت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد" إن قوات الجيش المصري المتواجدة في سيناء، شرقي مصر، أعادت تمركزها في مواقع جديدة قرب الشريط الحدودي مع قطاع غزة في رفح، وسيّرت دوريات مراقبة، بعد أن نفّذت طلعات جوية بالمنطقة، مساء أول من أمس الثلاثاء، وذلك مع استمرار غلق معبر رفح، بسبب القصف الإسرائيلي عليه يومَي الاثنين والثلاثاء الماضيين.
وقالت المصادر إن اتصالات أجراها مسؤولون أمنيون مصريون مع نظرائهم الإسرائيليين، خلال الساعات الماضية، طالب خلالها الجانب المصري، بالحرص على عدم تكرار مثل هذه الحوادث.
وأعلنت وزارة الداخلية الفلسطينية، أن الطائرات الإسرائيلية قصفت بوابة معبر رفح بين الجانبين الفلسطيني والمصري مجدداً أول من أمس الثلاثاء، ما منع مغادرة ووصول المسافرين. ويُعتبر المعبر نقطة العبور الوحيدة المتاحة لسكان قطاع غزة الذين يُقدر عددهم بنحو 2,3 مليون نسمة. وباقي القطاع تحيط به إسرائيل والبحر.
حصار غزة غير مسبوق
وفي السياق، وصف أستاذ القانون الدولي العام وخبير حفظ السلام، أيمن سلامة، الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة بـ"الجائر". وقال في حديث لـ"العربي الجديد" إن "العديد من المدن تم حصارها على مدار تاريخ النزاعات المسلحة، ومنذ قديم الأزل، وفي الحربين الأولى والثانية وغيرها، لكن هذا الحصار الجائر الذي أمر به وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الاثنين الماضي، لم تختبره به أي مدينة ولا حتى ستالينغراد (الروسية) ولا إدلب في سورية، التي حاصرتها القوات السورية".
وأضاف سلامة أنه "حين تقطع إسرائيل كافة المواد الضرورية من مياه ووقود وطعام وكهرباء ومستلزمات طبية عن كل قطاع غزة، الذي يضم مليونين و300 ألف مواطن، وحين يصف وزير الدفاع الإسرائيلي هذا الحصار بالشامل، فإنه يقر ويعترف، وهو ممثل عن دولة إسرائيل، بارتكاب جريمة حرب دولية".
سلامة: القانون الدولي نظّم حالة الحصار وهو ليس ما تفرضه إسرائيل على غزة
وأشار سلامة إلى أن "القانون الدولي الإنساني الذي يضبط ويحكم النزاعات المسلحة وعلاقات المتحاربين، وأيضاً حقوق وحماية المدنيين، نظّم حالة الحصار، وهو ليس الحصار الذي تفرضه إسرائيل المحاربة كسلطة احتلال ضد المدنيين الفلسطينيين الأبرياء العزل في غزة".
ولفت إلى أن "القانون الدولي الإنساني شرّع للطرف المحارب سواء كان دولة ذات سيادة أو حتى جماعة مسلحة، حصار وتجويع ومنع وصول المواد الضرورية من طعام ووقود ومياه ومستلزمات طبية للطرف المعادي".
وأوضح أن "القانون الدولي، يرخص اللجوء إلى سلاح التجويع كوسيلة من وسائل الحرب من أجل فرض الإرادة على مقاتلي حماس، الموجودين ضمن 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة، بغرض قتلهم نتيجة عدم وصول الإمدادات سواء من معبر رفح أو كرم أبو سالم أو معابر الأردن".
وحول كيفية "تحقق إسرائيل أو أي طرف محارب من عدم وصول الإمدادات للعدو المحارب وهو هنا الفصائل والجماعات المسلحة الفلسطينية حماس وغيرها"، رأى سلامة أنه في هذه الحالة "يجب أن تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بوصفها هيئة دولية غير حكومية مستقلة ومحايدة، بدورها الذي قامت به في العديد من النزاعات المسلحة، ومراقبة منع وصول المواد الضرورية اللازمة لحياة المقاتلين المسلحين".
وأضاف أنه "تستطيع أيضاً الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو أي قوة متعددة الجنسيات، أن ترسل مراقبين عسكريين مسلحين أو غير مسلحين، للتحقق من عدم وصول هذه المعونات والمواد الضرورية للمقاتلين الفلسطينيين".
معبر رفح تحت المراقبة الأميركية
من جهته قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل تتصرف في معبر رفح الحدودي، وكأنه لا وجود لطرف آخر".
الأشعل: إسرائيل تتصرف في معبر رفح وكأنه لا وجود لطرف آخر.
وأضاف أنه "منذ أن وقع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، اتفاقية كامب ديفيد (1978)، تم وضع فيتو أميركي إسرائيلي على مصر، وأصبحت هذه المنطقة تحت المراقبة الأميركية".
وكان محمود فريد، مدير فرع شمال سيناء في جمعية "الهلال الأحمر المصري"، قد أفاد بالتوقف عن إرسال المساعدات إلى قطاع غزة بسبب توقف حركة المرور في معبر رفح. وأضاف في تصريحات صحافية، الثلاثاء، أن "الهلال الأحمر أعد شحنة مساعدات كبيرة وينتظر عودة حركة المرور بالمعبر لتسليمها إلى الهلال الأحمر الفلسطيني".
وقصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية معبر رفح أول من أمس، ما أدى إلى انهيار جزئي لبوابة المعبر من الجانب الفلسطيني. وذكرت "القناة 12" التلفزيونية الإسرائيلية، الثلاثاء أن إسرائيل "أبلغت مصر بأنها ستقصف أي شاحنات تنقل مؤناً إلى قطاع غزة من معبر رفح".
محادثات مع مصر لإرسال مساعدات إلى غزة
وبعد التحذير الإسرائيلي، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإرسال قافلة مساعدات إنسانية وإغاثية إلى فلسطين.
بدوره قال "التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي" في مصر، أول من أمس، إنه تنفيذاً لتوجيهات السيسي "فإنه يستعد لإرسال قافلة شاملة محملة بكميات ضخمة من المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والعلاجية".
ووفقاً لتقارير صحافية فقد أجرت الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى، محادثات مع مصر لإرسال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر عبر معبر رفح. وقالت التقارير إن السلطات المصرية اتصلت بإسرائيل والولايات المتحدة لتأمين الممرات الإنسانية في غزة وسط القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وتفرض إسرائيل حصاراً مشدداً على حركة البضائع والأشخاص من وإلى غزة، كما تشدد مصر الإجراءات على الحدود.
ونفى الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء، وجود دعوة رسمية لتوجه سكان غزة إلى مصر، وكان اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت كبير المتحدثين العسكريين باسم الجيش الإسرائيلي قد قال للإعلام الأجنبي، في مؤتمر صحافي، "أعلم أن معبر رفح لا يزال مفتوحاً... وأنصح أي شخص يمكنه الخروج بالقيام بذلك".