- يوسف، من الحزب الوطني الاسكتلندي، دعا لوقف إطلاق النار في غزة ودعم الدولة الفلسطينية، وتعهد بتحقيق استقلال اسكتلندا وتحسين حقوق النساء وفرص الشباب من خلفيات مستضعفة.
- استقالته جاءت بعد خلافات حول خفض انبعاثات الكربون والمساواة الجندرية، مؤكدًا في خطابه على التزامه بقيمه ومبادئه وشكر عائلته وأشاد بالتعددية الثقافية في المملكة المتحدة.
أعلن رئيس وزراء اسكتلندا (الوزير الأول) حمزة يوسف عن استقالته بعد نحو عام من توليه المنصب، اليوم الاثنين، ودفعته أزمة في ائتلافه الحاكم مع حزب الخضر إلى ترك الحكومة، تجنباً لحرج حجب الثقة عنه في البرلمان.
أول رئيس وزراء مسلم في أوروبا
يعتبر يوسف، القادم من الحزب الوطني الاسكتلندي المؤيد للانفصال عن بريطانيا، أول زعيم مسلم لحكومة في أوروبا الغربيّة، وبرزت مواقفه الداعية لوقف إطلاق النار في غزة خلال الفترة الماضية. بدأ حمزة يوسف (39 عاماً) حياته السياسيّة في سن مبكرة خلال فترة وجوده في الجامعة، حيث انضم إلى الحزب الوطني الاسكتلندي. وكان يوسف رئيساً لاتحاد الطلاب المسلمين ومشاركاً في مجلس ممثلي الطلاب. وبعد ذلك عمل في البرلمان الاسكتلندي (هوليرود) مساعداً برلمانياً للنائب بشير أحمد من الحزب الوطني الاسكتلندي وهو أول عضو مسلم في اسكتلندا.
وبعد وفاة النائب بشير أحمد واصل منصبه وعمل مساعداً لعدد من أعضاء البرلمان الاسكتلندي، بمن فيهم نيكولا ستورجيون والوزير الأول آنذاك أليكس سالموند، ما عزز مكانته في الحزب، وفي عام 2011 انتُخب يوسف لأول مرّة عضواً في البرلمان وهو بعمر 26 سنة، كان أصغر عضو في البرلمان، ليبدأ انخراطه العلني والمؤثر في الأنشطة السياسيّة الاسكتلنديّة.
تقلّد يوسف منصب وزير الشؤون الخارجيّة والتنمية الدوليّة عام 2012، وتنقل بعدها في عدد من الوزارات، فعمل وزيراً للنقل عام 2016 ثم وزيراً للعدل عام 2018 ووزيراً للصحة عام 2021. وتعرض يوسف لعدد من الانتقادات خلال هذه الفترة، أبرزها عندما كان وزيراً للنقل في عام 2016، إذ ألقت الشرطة القبض عليه وهو يقود سيارة صديق دون تأمين، كما طاولته العديد من الانتقادات خلال توليه وزارة الصحة من قبل خصومه السياسيين.
تبوأ حمزة يوسف منصب رئاسة الوزراء في آذار/ مارس 2023، بعد استقالة مفاجئة لنيكولا ستورجن التي ظلّت ثمانية أعوام في الحكم، متغلباً على منافسيه كيت فوربس وآش ريجان. واعتبر فوز يوسف سابقة في تاريخ اسكتلندا وأوروبا فهو ابن لمهاجرَين وصلا إلى المملكة المتحدة خلال ستينيات القرن الماضي (والدته من كينيا ووالده من باكستان).
في أعقاب انتخابه رئيساً للوزراء قال يوسف "سنكون الجيل الذي سيحقق استقلال اسكتلندا"، مؤكّداً أن "الشعب الاسكتلندي بحاجة للاستقلال الآن أكثر من أي وقت مضى"، إلا أنه لم يجر تقدم حقيقي في هذه القضية التي تمثل تطلعات حزبه وحزب الخضر شريكه الائتلافي في حينه، وتعهد بالعمل لتحسين حقوق النساء ومنح الشباب من خلفيات اجتماعية مستضعفة فرصاً أكبر داخل المجتمع.
موقف حمزة يوسف من الحرب على غزة
وبرزت خلال الأشهر الأخيرة مواقف يوسف المتقدمة بشأن حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة من بين الزعماء الأوروبيين والبريطانيين، إذ دعا منذ الأسابيع الأولى إلى وقف إطلاق النار في غزة، خلافاً لرئيس الحكومة البريطاني، ريشي سوناك، وزعيم المعارضة، كير ستارمر، وصرّح في أكثر من مناسبة ولقاء صحافي عن ضرورة دعم غزّة ووقف القتل والاعتراف بالدولة الفلسطينيّة.
وتعرّض يوسف لحملة تشهير بسبب تبرع حكومته بمبلغ من المال لأجل غزة، الأمر الذي اعتبره حملة "معاداة للإسلام". وتجدر الإشارة إلى أن والدة زوجة يوسف كانت داخل القطاع بعد بدء الحرب الإسرائيليّة وخرجت بعد أسابيع من غزّة ونقلت المعاناة هناك.
لم يتوقع يوسف أن تنتهي مسيرته رئيساً للوزراء بعد سنة واحدة فقط وقبل الانتخابات العامّة المقبلة في اسكتلندا، المقررة في أيّار/ مايو 2026، ولكن أزمة الائتلاف مع شريكه حزب الخضر أفقدته الثقة. وكان قد تعهد للخضر في اتفاق "بوت هاوس" الائتلافي بخطوات متعلقة بالمناخ ومتمثلة في خفض انبعاثات الكربون بنسبة 75% بحلول عام 2030، الأمر الذي أراد تغييره حتى عام 2045، وقضايا أخرى تتعلق بالمساواة الجندريّة لمن هم تحت سن 18.
وفي كلمته التي أعلن فيها الاستقالة من منصبه ومن زعامة الحزب أيضاً، قال يوسف "كان شرفاً لي أن أخدم وزيراً أولـ لكني لم أكن مستعداً للتعامل مع قيمي ومبادئي أو عقد صفقات مع أي شخص لمجرد الاحتفاظ بالسلطة"، وأضاف أنه "لا يحمل أي سوء نية أو ضغينة اتجاه أي شخص" وشكر زوجته وأطفاله وعائلته، كما أشار إلى أنه "لم يكن يحلم أبداً" عندما كان صبياً بأن يصبح رئيساً للوزراء، مثنياً على "ازدهار التعدديّة الثقافيّة في المملكة المتحدة".
يترك حمزة يوسف منصبه في رئاسة وزراء اسكتلندا بعد مسيرة سياسية طويلة وحافلة في الحكومة والبرلمان، ولم يعلن يوسف خطواته المقبلة، وما هو المنصب السياسي الذي سيختاره هذا السياسي الشاب الذي تبوأ كل هذه المناصب قبل بلوغه سن الأربعين.