تتواصل الاغتيالات المرتبطة بتجارة المخدرات في الجنوب السوري، وتأخذ بعداً جديداً مع دخول إسرائيل على الخط، عبر استهدافها مساء الأربعاء الماضي أحد الضالعين بهذا النشاط في محافظة القنيطرة الحدودية.
ويتزامن الاستهداف المتزايد للمتورطين بتجارة المخدرات مع تصاعد القلق الأردني حيال ما يحدث على الحدود مع سورية، وسط تسريبات بأن عمّان تبحث عن خيارات لضبط الحدود، بما فيها إعادة إحياء فصائل المعارضة التي كانت تسيطر على الحدود قبل العام 2018، والتنسيق مع إسرائيل، التي توجّه ضربات منتظمة لما يعتقد أنها أهداف تخص إيران ومليشياتها في الداخل السوري.
واستهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية القيادي في حزب "البعث" الحاكم في سورية، أحد المقربين من "حزب الله" اللبناني، غربي محافظة القنيطرة، ويدعى فريد فؤاد مصطفى، ما أدى إلى مقتله على الفور، في حين ذكرت وكالة "سانا"، التابعة للنظام، أن الاستهداف الإسرائيلي كان عبر صاروخ موجّه على منطقة المرج، غربي بلدة حضر شمال غربي محافظة القنيطرة.
قتلت إسرائيل قيادياً في "البعث" ينشط في تجارة المخدرات وترويجها
وذكر مصدر محلي، لـ"العربي الجديد"، أن القتيل قيادي محلي في "البعث" ويعمل لصالح "حزب الله"، وكان ينشط مع مجموعة عسكرية في تجارة المخدرات وترويجها في المنطقة لصالح الحزب. ونشرت شبكات محلية موالية للنظام السوري، صورة له يظهر فيها باللباس العسكري، وبجانبه رشاش ثقيل.
كما شهدت بلدة نصيب الحدودية مقتل 4 أشخاص فجر الأربعاء الماضي، إثر خلافات بين عائلات محلية، يعتقد أن لها علاقة بتجارة المخدرات.
وذكر "تجمع أحرار حوران" أن معتز نعمان الراضي قُتل برفقة ولديه خالد ومحمد، وحفيده بشار قاسم الراضي، برصاص مباشر أطلقه عناصر مجموعة محلية في بلدة نصيب، بريف درعا الشرقي، على الحدود الأردنية.
وأشار إلى استدعاء القتيل وأبنائه من قبل فايز الراضي وعماد أبو زريق، إلى مكتب استراحة أبو زريق في مدخل جمرك نصيب الحدودي، على خلفية اتهامه بقتل شاب في وقت سابق، ويبدو أنهم وقعوا في كمين، للتخلص منهم. ومعتز الراضي هو شقيق ياسر الراضي الذي اغتيل في بلدة نصيب في إبريل/ نيسان الماضي، وكان يعمل في تجارة المخدرات.
ملاحقة تجار المخدرات
وشهدت الأيام الأخيرة العديد من عمليات الاغتيال لأشخاص على صلة بتجارة المخدرات، منهم أحمد غدير الحويطي الخالدي الذي قتل بالرصاص أمام منزله في بلدة العجمي بريف درعا الغربي، وهو يتحدر من محافظة حمص.
وكان الخالدي عمل في السابق ضمن صفوف "الفرقة الرابعة"، لينتقل بعدها إلى مجموعة لتجارة وترويج المخدرات بقيادة أبو سالم الخالدي، أحد أذرع "حزب الله" اللبناني و"الفرقة الرابعة" في بلدة خراب الشحم، حيث يدير أبو سالم أحد معملي تصنيع حبوب "الكبتاغون" في البلدة، بينما يدير شخص يدعى عطا الله الخالدي المعمل الآخر. وعطا الله يتحدر من محافظة حمص أيضاً، وهو من أقرباء أحمد الذي تم اغتياله. وتشير مصادر محلية إلى أن الحويطي يعتبر أحد كبار تجار المخدرات في درعا.
كما عُثر في السهول الزراعية جنوب مدينة داعل في ريف درعا الأوسط، على جثتي كل من محمد طه قنبر، وخالد طه قنبر، مقتولين، وكلاهما يعملان في تجارة وترويج المخدرات في المدينة. وعُثر أيضاً على جثة محمد قاسم قطليش، وهو أيضاً من مدينة داعل، في الأراضي الزراعية الواقعة بين بلدتي المزيريب والأشعري. وبحسب مصادر محلية، فإن قطليش يعمل أيضاً في تجارة وترويج المخدرات.
وقبل ذلك، جرى اغتيال المسؤول الأمني أبو علي مخلوف، وهو متنكر في سيارة مدنية، أثناء جمع واردات الحواجز التي يديرها، بالإضافة إلى عمله ليلاً في تهريب "الكبتاغون" على الحدود الأردنية.
وفي 21 يونيو/حزيران الماضي، قتل المقدم في قوات النظام شادي غسان ستيتي، وأصيب عنصر آخر برفقته، إثر استهدافهما بعبوة ناسفة على الطريق الواصل بين بلدتي جملة وعين ذكر في منطقة حوض اليرموك غربي درعا. وستيتي من مرتبات "اللواء 112"، وله سجل حافل بالانتهاكات عبر النقاط والحواجز العسكرية التي يشرف عليها في البلدات الحدودية مع الأردن وفلسطين المحتلة، فضلاً عن ارتباطه الوثيق مع "حزب الله" والمليشيات الإيرانية في المنطقة، ودوره في عمليات تهريب المواد المخدرة إلى الأراضي الأردنية.
وفي محافظة السويداء المجاورة، عثر على جثتي الشابين مجد عادل جربوع وسلطان أدهم نعيم قرب مفرق مردك، على طريق دمشق السويداء، وعليهما آثار التصفية بالرصاص بعد تعرضهما للتعذيب. ووفق شبكات محلية، فإن القتيلين متهمان بتجارة وترويج المخدرات في المحافظة.
وكانت المحافظة شهدت مقتل قائد "قوة مكافحة الإرهاب" سامر الحكيم، الذي تقول مصادر مطلعة إن فصيله كان في صراع مع المليشيات الإيرانية والنظام السوري، في مواجهة عمليات تهريب المخدرات.
من يقف وراء استهداف تجار المخدرات؟
وفي مقابل خطط قيل إن أجهزة النظام الأمنية وضعتها منذ العام 2018 لتصفية قيادات وعناصر وناشطين من المعارضة في محافظة درعا، بما يصل إلى نحو 200 اسم، أشارت معلومات إلى أن مجموعات من المعارضة في مناطق مختلفة من درعا والقنيطرة، تعمل على تصفية من تعتبرهم عملاء لإيران، وأبرزهم خلايا الاغتيالات ومهربو المخدرات.
ووفق مصدر عسكري من صفوف المعارضة السابقة، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن المجموعات المسلحة من بقايا المعارضة السابقة توافقت على ضرورة توجيه نشاطها ضد قوات النظام ومليشيات إيران الناشطة في تجارة المخدرات، التي باتت تغزو البيوت والمدارس والجامعات في الجنوب السوري.
أشارت معلومات إلى أن مجموعات من المعارضة تعمل على تصفية خلايا الاغتيالات ومهربي المخدرات
وحول الجهات التي تقف خلف هذه الاغتيالات التي تستهدف المتورطين بتجارة المخدرات، قال المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" أيمن أبو محمود، لـ"العربي الجديد": "لا شك أنها جهات معارضة ورافضة لانتشار المخدرات، إذ ينتشر السلاح في محافظة درعا بيد الأفراد ومجموعات كانت تنتمي سابقاً لفصائل مسلحة، وما زال لديها نشاط ضد قوات النظام، خصوصاً تلك التي يصدر عنها انتهاكات تجاه المدنيين".
وأكد أبو محمود أن محافظة درعا، ليست فقط محطة عبور للمخدرات باتجاه الأردن، بل "بات هذا الوباء منتشراً بين شبابها، ويتسبب في تصاعد وتيرة جرائم القتل والسرقة، وهو ما دفع إلى رفع الصوت من جانب ناشطين ومربين، كي يتحد المجتمع المحلي للوقوف ضد هذه الظاهرة، التي من المعتقد أن النظام وإيران والمليشيات التابعة لهما، تتعمد نشرها في المجتمع المحلي".
وحول ما إذا كانت جهات خارجية، مثل الأردن أو قاعدة التنف الأميركية، تشجع على استهداف الأشخاص المرتبطين بتجارة المخدرات في الجنوب السوري، قال أبو محمود إنه ليس لديه معلومات حول دور الأردن أو غيره على هذا الصعيد، لكن هناك وعياً محلياً في محافظة درعا، وكذلك محافظة السويداء، بضرورة محاربة هذه الظاهرة التي من بين أهدافها إفساد المجتمع المحلي، وتفكيك ترابطه، وإدخال الشباب في دوامة الإدمان، حتى يسهل على النظام السوري، وإيران ومليشياتها السيطرة على المجتمع.