تباينت ردود السياسيين في تونس مباشرة بعد تعيين رئيس الجمهورية قيس سعيّد، اليوم الأربعاء، نجلاء بودن رمضان رئيسة للحكومة.
وأكد القيادي في حزب "تحيا تونس" وليد جلاد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن التعيين تأخر كثيرًا، مشيرًا إلى أن "اختيار امرأة لمنصب رئاسة الحكومة هو خطوة مهمة ومسألة إيجابية، لأنه ولأول مرة ترأس امرأة الحكومة في تونس"، مبينًا أن "قبولها بهذا المنصب يحسب لها، خاصة في مثل هذا الظرف الدقيق"، مشيرًا إلى أن "الأهم هو برنامجها؟ وماذا ستقدم لتونس؟".
وقال جلاد "نأمل أن تكون (ميركل تونس) وأن تكسب التحدي"، مشددًا على أهمية أن يكون لديها برنامج لإنقاذ تونس.
من جهتها، أكدت النائبة عن حزب "قلب تونس" سهير العسكري أن "هذا الاختيار يدل على إيمان رئيس الجمهورية بدور المرأة واعترافه بدورها وقدرتها على إخراج البلاد من الأزمة التي تمر بها"، مشيرة في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن قبول بودن بمهمة تشكيل الحكومة يحسب لها، وخاصة أن الكواليس تفيد برفض عدة شخصيات قبول منصب رئاسة الحكومة في هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد دون برلمان، ومؤسسات في غالبها معطلة.
وأكدت العسكري أن هناك عدة تحديات مطروحة أمام بودن تتعلق بمدى قدرتها على حل الإشكاليات المالية، وخاصة أن تونس تشهد أزمة مالية خانقة وغير مسبوقة، مشيرة إلى أن "هذه الحكومة إن لم تتم المصادقة عليها من قبل البرلمان فستبقى فاقدة للشرعية ولا يمكن الاعتراف بها، وهو ما قد يعيدنا إلى التجاذبات السياسية".
كما أكدت العسكري أن هناك العديد من المسائل غير واضحة ولا تزال غامضة، متسائلة "كيف ستكون هذه الحكومة، هل هي حكومة الرئيس؟ هل نحن أمام رئيسة حكومة أو وزيرة أولى؟ هل ستشكل حكومة مصغرة أم لا؟ هل هي حكومة محاصصة؟".
وقال النائب عن التيار الديمقراطي محمد بونني إن "اختيار امرأة لرئاسة الحكومة يبعث على الفخر، ولكن الأهم هو الفريق الذي سيعمل معها"، معربًا عن أمله في التوفيق في اختيار الشخصيات الملائمة لتشكيل الحكومة.
وأكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "هذه الحكومة وعلى أهمية دورها إلا أنها لن تكون شرعية، لأنها لن تؤدي اليمين في ظل غياب مجلس نواب الشعب، وبالتالي هناك إشكاليات عميقة، وخاصة أن الدستور لا يزال قائمًا ولم يتم إلغاؤه".
وترى رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة راضية الجربي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك "ارتياحًا لهذا الاختيار، لأن تونس جاهزة بفضل الوعي الذي اكتسب لأن تكون رئيسة حكومتنا امرأة"، مضيفة أن "نضال التونسيات والتشريعات الموجودة والكفاءات قادت لهذا الاختيار والوصول إلى مواقع القرار".
وبينت أن "المفاجأة سارة ومنتظرة، لأن سعيد صرح في عديد من المناسبات بأنه لا رجوع عن مكتسبات المرأة"، مضيفة أن "تجسيد دور المرأة يكون على أرض الواقع وضمن المواقع السيادية، ووجود امرأة في السلطة التنفيذية خطوة للأمام ويمكن أن تعزز دور النساء في عديد من المواقع الريادية".
وشددت على أن "قبول بودن لهذا المنصب في هذا الظرف الدقيق الذي لا يخلو من صعوبات يؤكد أن التونسيات أهل للمسؤولية ولنداء الواجب".
بدوره، اعتبر مدير مكتب المغرب العربي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان رامي الصالحي أن "هذا لا يغير من جوهر الموضوع في شيء"، مؤكدًا أن "الانقلاب لا يزال ساري المفعول، وكذلك المقاربة الأحادية الإقصائية لقيس سعيد لا تزال كذلك سارية المفعول، إضافة لاستمرار نهج تهميش كافة الفاعلين دون استثناء وتجميع كافة الصلاحيات والسلطات دون حسيب أو رقيب ودون سلطات وهياكل رقابية".
وأكد في منشور له عبر "فيسبوك" متابعته وتفاعله وممارسة مواطنته كاملة "غصبًا عن كل من يبغض حقنا في تقرير المصير"، قائلًا "تونس ملك لنا جميعًا وليست حكرًا على سعيّد وأتباعه".
واعتبر النائب سمير ديلو، في تدوينة على حسابه الرسمي في "فيسبوك"، أن "تعيين رئيسة للحكومة لأوّل مرّة في تاريخ تونس قرار يستوجب الإشادة".
وأعرب عن أسفه لتزامن تعيين امرأة في منصب رئاسة الحكومة مع تعليق الدستور وانفراد رئيس الجمهورية بصلاحيات "فرعونية".
مضيفًا "دون التّوقّف عند صلاحيّاتها الفعليّة في ظلّ ما تضمّنه الأمر 117 من أحكام، قد تجعل منها واجهة تحمل أعباء فشل لا يتمنّاه تونسيّ يحبّ بلاده"، مشيرًا إلى أن "استناد تعيينها للأمر 117 يجعل منها مخالفة للدّستور (المجنيّ عليه) ومن حكومتها حكومة غير شرعيّة".
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري لـ"العربي الجديد" إن الاتحاد يرى أن الإعلان عن تكليف بودن لتشكيل الحكومة يبعث برسائل إيجابية للداخل والخارج ويقطع مع حالة الفراغ الحكومي التي طالت منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/ تموز الماضي"، معتبرًا أن "هذا التعيين هو استجابة لمطلب مؤكد للاتحاد" والمنظمات الوطنية والأحزاب.
وأضاف أن "تكليف امرأة بتشكيل الحكومة يكسر الصورة النمطية لبعض المواقف السابقة من القضايا النسوية ويمكن المرأة من حقها في الوصول إلى سدة الحكم"، معتبرًا أن "هذا التعيين رسالة مهمة للرأي العام الدولي المنشغل" بالوضع التونسي.
وأشار الطاهري إلى أن "بلاغ رئاسة الجمهورية بشأن تعيين نجلاء بودن يكتنفه بعض الغموض بشأن الصلاحيات التي ستكون موكولة لها كرئيسة حكومة أو وزيرة أولى"، لافتاً إلى أن "موقف الاتحاد سيكون أكثر وضوحًا بعد إعلان بودن عن برنامجها الحكومي، سيما وأن الشخصية التي اختارها الرئيس لقيادة المرحلة القادمة لم تكن لها مشاركات في الشأن العام سابقًا".
وأعتبر أن "التقييم لأداء الحكومة الجديدة سيتم على ضوء التزامها بمدى تطبيق البرنامج المعلن عنه لإنقاذ الاقتصاد وتحسين الوضع الاجتماعي في البلاد، مؤكداً، في ذات السياق، أن "تكليف رئيسة حكومة سيمنع إمكانية انحراف البلاد نحو مزيد من توتر الأجواء التي بدأت بوادرها تلوح في الأيام الماضية".