ميقاتي بعيد تكليفه بتشكيل الحكومة: المهمة صعبة وإخماد الحريق يتطلب تعاون جميع اللبنانيين
حصل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي على 72 صوتاً نيابياً من أصل 118، خلال الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس ميشال عون اليوم في قصر بعبدا الجمهوري لتكليف رئيس جديد للحكومة، في ظلّ عدم تسمية أكبر حزبَيْن مسيحيَّيْن، "التيار الوطني الحر" (برئاسة النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية) وحزب "القوات اللبنانية"، أحداً.
وبهذا، يكون ميقاتي قد ضمن تكليفه، للمرة الثالثة، برئاسة الحكومة (قبلها عامي 2005 و2011).
وقال رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، في أول تصريح له بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إن "المهمة صعبة، ولكن من شأنها أن تنجح في حال تضافرت الجهود، من دون مناكفات أو مهاترات أو اتهامات من دون طعمٍ".
وشدد ميقاتي على أن "إخماد الحريق وإيقاف امتداد نيران الانهيار يتطلب تعاون جميع اللبنانيين"، مضيفاً: "المهمة صعبة، ولكن أنا مطمئنٌ وأدرس الموضوع منذ فترة، ولو لم تكن لدي الضمانات الخارجية المطلوبة، ويجب أن يقدم أحد ليكون في الطليعة للحدّ من امتداد النيران، لما كنت أقدمت على هذه الخطوة".
وعبر الرئيس المكلف الجديد عن أمله بأنه "بالتعاون مع الرئيس ميشال عون تتشكل الحكومة، لتكون مهماتها الأولية تنفيذ المبادرة الفرنسية التي هي لمصلحة لبنان والاقتصاد اللبناني بهدف انتشال البلاد وإنقاذها".
وفي أول تعليق لها، شددت فرنسا في بيان، مساء يوم الاثنين، عقب تكليف رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي، على الحاجة الملحة لتشكيل حكومة في لبنان تتمتع بالكفاءة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات للنهوض بالبلاد "وهو ما ينتظره جميع اللبنانيين".
ودعت جميع القادة اللبنانيين إلى التحرّك سريعاً في هذا الاتجاه وتشارك المسؤولية، في حين أن فرنسا "ستبقى إلى جانب الشعب اللبناني كما كانت دائماً".
في السياق، ستجرى استشارات تأليف الحكومة بدءاً من صباح يوم غد الثلاثاء في مجلس النواب، وذلك بحسب ما أعلنت الأمانة العامة للمجلس، وذلك بعد تكليف ميقاتي.
وأضحى ميقاتي الرئيس الثالث الذي يُكلَّف بالتشكيل منذ استقالة حكومة حسان دياب في 10 أغسطس/آب 2020، إذ سبقه السفير اللبناني لدى ألمانيا مصطفى أديب وسعد الحريري.
وسمّت أكثرية الكتل النيابية ميقاتي، بما فيها "الوفاء للمقاومة" التي تمثل "حزب الله" برلمانياً، في خطوةٍ لافتةٍ لم يتناغم فيها مع حليفه باسيل الذي يخوض ملفات قضائية ومعارك سياسية بوجه الرئيس المكلف الجديد، وفي وقتٍ كان الحزب يرفض تسمية سعد الحريري في استشارات التكليف الماضية.
وشدد النائب محمد رعد باسم كتلة "الوفاء للمقاومة" على أن تسمية ميقاتي يقصد من خلالها "إعطاء جرعة إضافية لتسهيل مهمة التأليف، كما تعكس جدية التزامنا بأولوية تشكيل الحكومة"، مع الإشارة إلى أن حزب الله يُتَّهم بأنه لا يريد تشكيل الحكومة ربطاً بالملف الإقليمي والموقف الإيراني.
ودعم الحريري ترشيح ميقاتي علماً أنه كان قد صرّح عند اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، في منتصف يوليو/تموز، بأنه لن يسمّي أحداً في الاستشارات، وقال بعد لقائه عون: "إن البلد اليوم أمام فرصة، وكما تلاحظون بدأ سعر الدولار بالهبوط، وهذا هو المهمّ (..) سمّيت ميقاتي على أساس أن يتابع المسار الدستوري الذي اتفقنا عليه في بيت الوسط"، معربًا عن أمله في نجاحه بتكليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، مؤكدًا ضرورة عدم التوقف عند صغائر الأمور، بحسب قوله.
من جهته، قال المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية رفيق شلالا، في لقاءٍ مع الصحافيين حضرته مراسلة "العربي الجديد"، إن "الكتل النيابية أجمعت على ضرورة الإسراع في التشكيل لمعالجة الأمور الحياتية والاقتصادية".
وشدد على أن "لقاء الرئيس عون مع الكتل النيابية لم يتطرق إلى التفاصيل الحكومية ربطاً بالصيغة أو التشكيلة الوزارية التي سيدخل فيها الرئيس المكلف في المشاورات التي يجريها".
والكتل النيابية التي سمّت ميقاتي هي: "المستقبل" (18 نائباً من ضمنهم الحريري)، "الوفاء للمقاومة" (12 نائباً)، "التكتل الوطني" (5 نواب، وهو ينضوي ضمن تيار المردة برئاسة سليمان فرنجية)، "اللقاء الديمقراطي" (7 نواب، يمثل الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط نيابياً)، "الوسط المستقلّ" (3 نواب من ضمنهم رئيسه ميقاتي)، "القومية الاجتماعية" (3 نواب)، "اللقاء التشاوري" (نائبان من أصل أربعة صوّتا لميقاتي)، "التنمية والتحرير" (17 نائباً، يتزعم الكتلة رئيس البرلمان نبيه بري)، إلى جانب عدد من النواب المستقلّين.
أما الكتل التي لم تسمِّ ميقاتي، فهي: "لبنان القوي" (17 نائباً برئاسة باسيل)، "ضمانة الجبل" (4 نواب برئاسة طلال أرسلان)، "الجمهورية القوية" (14 نائباً يترأسه سمير جعجع ويمثل حزب القوات برلمانياً)، وعدد من النواب المستقلين الذين إما اعتذروا عن عدم الحضور أو رفضوا تسمية أحد.
وعلى وقع التطورات السياسية ربطاً بتكليف ميقاتي، شهد سعر صرف الدولار اليوم انخفاضاً كبيراً في السوق السوداء، وصل إلى ما دون 16 ألف ليرة لبنانية.