قالت مصادر بمطاري شرم الشيخ والغردقة في مصر، إنّ سلطات المطارين قامت بتجهيز أماكن خاصة داخلهما، رجحت أن تكون لمراقبين روس، سيشرفون على تأمين الرحلات الروسية إلى مدينتي شرم الشيخ والغردقة، المتوقع عودتها قريباً، وهو الأمر الذي طالما رفضته مصر في السابق. واستمرت المفاوضات بين مصر وروسيا، لإعادة رحلات الـ"شارتر" (رحلات خاصة يتم تنظيمها عند الطلب كالرحلات السياحية) المتوقفة منذ حادثة تفجير الطائرة الروسية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، وهي الفترة التي تم خلالها اتخاذ العديد من الإجراءات لضمان سلامة الرحلات في مصر، منها دعوة خبراء أمنيين روس لفحص إجراءات السلامة في المطارات المصرية، وعلى رأسها مطار القاهرة. لكن الجانب الروسي اشترط وجود ضباط روس بشكل دائم في مطاري الغردقة وشرم الشيخ، وهو الأمر الذي رفضته مصر واعتبرته أمراً يتنافى مع السيادة.
وفي فبراير/شباط 2017، صادقت وزارة النقل الروسية، على بروتوكول التعاون بين مصر وروسيا، حول توفير أمن الطيران المدني. وقالت الوزارة، في بيان لها: "وزارة النقل حصلت على موافقة الحكومة الروسية للتوقيع على بروتوكول مع الحكومة المصرية للتعاون في مجال توفير أمن الطيران المدني". وحسب ذلك البروتوكول، سيتمكن ممثلو روسيا من "مراقبة الوفاء بإجراءات أمن الطيران بالمطارات المصرية الدولية التي ستنفذ منها رحلات إلى روسيا" بحسب البيان الروسي.
موقف مصر قد يكون مرتبطاً بالتخوف من توترات مع واشنطن
وفي يوليو/تموز 2019، أكد رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية الروسي، قسطنطين كوساتشوف، أنّ مصر "لم تنفذ بعد توجيهات روسيا بخصوص أمن الطيران العارض (شارتر)". وقال كوساتشوف، لوكالة "سبوتنيك": "كانت آخر زيارة من المتخصصين الروس للتحقق من حالة المطارات المصرية في إبريل/نيسان (2019)، وبعد نتائج هذه الزيارة، أعددنا قائمة من المتطلبات الإضافية إلى الجانب المصري. الآن الكرة في ملعب مصر، يجب تنفيذ الملاحظات وعلى خبرائنا التصديق على ذلك". وأضاف: "نحن ننتظر رداً، نتوقّع رد فعل من الجانب المصري، بأنهم قد أزالوا كل شيء"، مؤكداً أنه "لا توجد مسائل سياسية في هذا الشأن، الأمر يتعلق فقط بسلامة الركاب".
في السياق، قال دبلوماسي مصري سابق، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يستبعد موافقة مصر الآن على وجود ضباط روس في مطاري شرم الشيخ والغردقة بشكل دائم لمراقبة إجراءات السلامة، وهو الأمر الذي كان مرفوضاً من الجانب المصري في السابق". وأضاف الدبلوماسي الذي تحفّظ على ذكر اسمه، أنّ "السبب في تغيّر الموقف المصري، قد يكون التخوّف من توتر العلاقات مع الولايات المتحدة في ظلّ إدارة الرئيس جو بايدن"، موضحاً أنّ "عادة السياسة المصرية الخارجية، أنها عندما تبتعد عن الحضن الأميركي، تلجأ إلى البديل الروسي، وهذا الأمر لا يحبه الروس بشكل عام، ولذلك، فقد يكون قرار دعوة المراقبين الروس للتواجد في المطارات الروسية خطوة من القاهرة لكسب ود موسكو".
تمثل السياحة الروسية نحو 30 في المائة من إجمالي الحركة السياحية الوافدة لمصر
يذكر أن حركة الطيران بين مصر وروسيا قد توقفت بالكامل في خريف 2015، بعد تفجير طائرة الركاب "آيرباص-321" الروسية، التي كانت متوجهة من شرم الشيخ إلى سان بطرسبورغ، ما أسفر عن مقتل 217 راكباً كانوا على متنها، و7 من أفراد طاقم الطائرة. وفيما استؤنفت حركة الطيران من وإلى مطار القاهرة الدولي في 2018، فإنّ رحلات الطيران بين المطارات الروسية والمنتجعات المصرية على ساحل البحر الأحمر ما زالت متوقفة، إلى حين إتمام مراجعة وسائل الأمان في المطارات المصرية، بحسب الطلب الروسي. وكانت وكالة "تاس" الروسية، أفادت أخيراً، نقلاً عن وزارة الطيران المدني المصرية، بأنّ رحلات الطيران العارض قد تستأنف في مارس/آذار الحالي، من دون ذكر موعد محدد. إلا أنّ الوكالة الفيدرالية الروسية للنقل الجوي سارعت لنفي هذه المعلومات.
وتمثل السياحة الروسية نحو 30 في المائة من إجمالي الحركة السياحية الوافدة لمصر، إذ بلغ عدد الوافدين الروس، 2.8 مليون سائح في 2010، لكن العدد انخفض إلى 1.8 مليون في 2011، ثم إلى 1.6 مليون سائح في 2012، قبل أن يعاود الارتفاع في 2013 إلى 2.4 مليون سائح، وإلى 3.1 ملايين سائح في 2014، وفق بيانات وزارة السياحة المصرية. وعلى مدار الأشهر الـ10 الأولى من 2015، بلغ عدد السياح الروس نحو 2.3 مليون سائح، فيما بلغت إيرادات مصر من السياحة الروسية نحو 2.5 مليار دولار في 2014، من إجمالي إيرادات سياحية بلغت نحو 7.3 مليارات دولار في العام ذاته.