نائب إيراني لـ"العربي الجديد": اتصالات قطرية وأوروبية ومقترح صيني لحلحلة أزمة الاتفاق النووي
وصف عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، فدا حسين مالكي، في مقابلة مع "العربي الجديد"، اليوم الجمعة، الخطوات الأميركية تجاه الاتفاق النووي بأنها "إيجابية، لكنها غير كافية"، مؤكداً أن "على أميركا العودة إلى تنفيذ كامل تعهداتها" بالاتفاق، كاشفاً عن "اتصالات قطرية وأوروبية" مع الولايات المتحدة وإيران لحلحلة أزمة تنفيذ الاتفاق النووي.
وأضاف مالكي في حديثه أن بلاده "ستبني على عمل الإدارة الأميركية بالتزاماتها، وإن فعلت ذلك، حينئذ ستعتبره أمراً إيجابياً، وستقرّر بناءً على مصالحها القومية ما يلزم فعله".
واتخذت الإدارة الأميركية الجديدة خلال اليومين الأخيرين جملة إجراءات عملية، من شأنها أن تشكل اختراقاً في أزمة العودة إلى الاتفاق.
وأهم هذه الإجراءات سحب واشنطن إعلان الإدارة الأميركية السابقة إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران من مجلس الأمن، وإنهاء القيود على تحركات البعثة الدبلوماسية الإيرانية في الأمم المتحدة بنيويورك، وإعادة الوضع إلى سابق عهدها قبل فرض هذه القيود في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والموافقة الأميركية على طلب الاتحاد الأوروبي للمشاركة في اجتماع أطراف الاتفاق النووي في وقت لاحق، فضلاً عن أنباء حول احتمال إعلان الرئيس جو بايدن نيته العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران في "مؤتمر ميونخ للأمن" اليوم الجمعة.
وفي معرض ردّه على سؤال لـ"العربي الجديد" عما إذا كانت الخطوات الأميركية الأخيرة يمكن أن تصرف إيران عن وقف العمل بالبروتوكول الإضافي الذي يفرض رقابة صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية ويمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفتيشات مفاجئة، قال النائب المحافظ مالكي إن "هذه الإجراءات ليست كافية، وعندما ترفع معها العقوبات فحينئذ ستتخذ الجمهورية الإسلامية إجراءات مماثلة".
وأكد أن الاتفاق النووي "بُني على التعهد مقابل التعهد، أي أن الجمهورية الإسلامية قبلت بتعهدات نووية مقابل رفع جميع العقوبات النفطية والبنكية وغيرها"، قائلاً إن طهران نفذت جميع تعهداتها بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ من يناير/كانون الثاني 2016 "لكن ترامب أنهى التعهدات الأميركية وانسحب من الاتفاق النووي" عام 2018.
تتجه إيران إلى وقف تنفيذ "جميع الإجراءات الطوعية" التي تعهدت بها في الاتفاق النووي، في مقدمتها البروتوكول الإضافي، اعتباراً من 23 فبراير/شباط الجاري بسبب استمرار العقوبات الأميركية وعدم رفعها
وأوضح مالكي الذي عمل في السلك الدبلوماسي الإيراني أيضاً أن "أوروبا خلال السنوات الأخيرة لم تتمكّن في دفع أميركا إلى تنفيذ التزاماتها"، مشيراً إلى القانون الذي أقرّه مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لخفض تعهدات نووية في حال استمرار العقوبات، وعزاه إلى "أن الجمهورية الإسلامية لم تعد تتحمل أكثر أن تنفذ الاتفاق النووي من جانب واحد، وأقرّت هذا القانون بناءً على مصالحها القومية والحفاظ على حقوق الشعب".
وبموجب هذا القانون الذي يحمل عنوان "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات"، تتجه إيران إلى وقف تنفيذ "جميع الإجراءات الطوعية" التي تعهدت بها في الاتفاق النووي، في مقدمتها البروتوكول الإضافي، اعتباراً من 23 فبراير/ شباط الجاري بسبب استمرار العقوبات الأميركية وعدم رفعها.
"مفترق طرق"
ويبدو أن ثمة تفاؤلاً لدى الجانب الإيراني بإمكانية أن تتخذ الإدارة الأميركية الجديدة مقاربة جديدة تجاه طهران تختلف عن سياسات الإدارة السابقة، حيث قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني لـ"العربي الجديد" إن الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن "بعد وصوله إلى الرئاسة، بعث إشارات على عدم رغبته في مواصلة سياسات سلفه دونالد ترامب"، مشيراً في السياق إلى عدم تطرقه لإيران والاتفاق النووي في أول خطاب له بعد أيام من حفل التنصيب، ليعتبر أن ذلك "يعني أنه كان بصدد تقييم الوضع ودراسته".
"بايدن أمام مفترق طرق"، كما يقول البرلماني الإيراني، "فإما أن يواصل نهج ترامب وسياسته الفاشلة التي كانت تقود المنطقة والعالم إلى حرب مدمرة، أو أن يقرّر العودة إلى التعهدات بالاتفاق النووي، حيث كان له تأثير في التوصل إليه".
وعن المباحثات المحتملة المرتقبة بين إيران والمجموعة السداسية الدولية بعد تجاوب واشنطن مع دعوة الاتحاد الأوروبي للمشاركة في اجتماع لمجموعة "1+5"، أكد مالكي أن "الجمهورية الإسلامية لن تقبل بالتفاوض حول الاتفاق النووي مرة أخرى".
وكشف عن "اتصالات قطرية وأوروبية" مع إيران والولايات المتحدة الأميركية لحلحلة أزمة تنفيذ الاتفاق النووي، مشيراً إلى مقترح الصين لعقد اجتماع لمناقشة عودة الولايات المتحدة الأميركية للاتفاق النووي وترحيب روسيا بالمقترح.
وأضاف "إننا ننظر بتفاؤل للاتصالات القطرية ومقترح الصين والترحيب الروسي به"، داعياً الولايات المتحدة للتجاوب مع هذه التحركات "لمنع دخول المنطقة والعالم في أتون توتر وتحدٍّ جديد"، وأضاف أن "المنطقة لا تحتمل توتراً آخر وأميركا اليوم أمام اختبار كبير".
وعما إذا كانت طهران قد تلقت "عرضاً" من واشنطن من خلال الحراك الدبلوماسي الأخير، قال إنها "لم تتلقَ عرضاً رسمياً".