دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الثلاثاء، إلى الإقلاع عن أي محاولة لإسقاط لبنان من داخله بضربات التعطيل وإغراق مؤسساته في الفراغ والكفّ عن الإمعان في العبث السياسي والدستوري والتضحية بالوطن على مذبح الأحقاد الشخصية والأنانية.
واعتبر بري في رسالة وجهها إلى اللبنانيين بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لعدوان تموز 2006 أن "هذه الأفعال والسياسات من حيث يدري أو لا يدري مرتكبوها ترقى إلى مستوى الجريمة لا بل الخيانة بحق لبنان واللبنانيين".
وتنشر أوساط رئيس البرلمان اللبناني الإعلامية أجواءً تؤكد رفض الأخير أي محاولات للتعطيل الحكومي أو إدخال البلاد في فراغ رئاسي مع تأكيدها أن بري سيدعو لانتخاب رئيس للجمهورية في سبتمبر/أيلول المقبل وفق الأصول والمهل الدستورية وذلك في وقتٍ تنتهي فيه ولاية الرئيس ميشال عون في أواخر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والذي بدوره شدد في أكثر من مناسبة على أنه سيغادر القصر الجمهوري فور انتهاء عهده.
يأتي كلام بري في وقتٍ يستمرّ الصراع السياسي على مستوى تشكيل الحكومة الجديدة وخصوصاً على جبهتَيْ رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المُكلَّف نجيب ميقاتي وسط تصعيد متبادل بين أوساط الطرفَيْن واتهامات بالتعطيل وانتفاء نوايا التأليف، وفي ظل رفع "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل (صهر عون) مستوى مواقفه عبر نوابه تجاه ميقاتي الذي أعطى لبري ما يريده حكومياً خصوصاً لجهة وزارة المال، بينما يرفض منح وزارة الطاقة لفريق رئيس الجمهورية الذي رغم نفيه التمسّك بها إلا أنه يدعو في المقابل للمداورة في الحقائب الوزارية غامزاً من قناة المالية أو الداخلية التي يريدها ميقاتي ضمن حصّته.
وتتجه الأنظار إلى اللقاء المُرتقَب بين الرئيسَيْن عون وميقاتي بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى ومع مرور حوالي أسبوعين على اجتماعهما الأخير مطلع يوليو/تموز في ظلِّ رمي أوساط رئيس حكومة تصريف الأعمال والرئيس المُكلَّف تهمة رفض تحديد موعدٍ في ملعب رئيس الجمهورية وتأكيدهم أن ميقاتي لا يمانع في لقاء عون ولكن التأخير يأتي من قبله، ملوحَّة إلى شروط يضعها الأخير من حيث تعديل التشكيلة الوزارية التي قدّمها ميقاتي تمهيداً للاتفاق على موعد للقاء الجديد بينهما.
في المقابل، يقول مصدرٌ في قصر بعبدا الجمهوري، لـ"العربي الجديد"، إن "الرئيس عون لا يضع شروطاً على ميقاتي بل يمارس حقه الدستوري الطبيعي في المشاركة بتشكيل الحكومة وإبداء رأيه وملاحظاته على التشكيلة الوزارية التي بالصيغة التي قُدِّمت تظهر نوايا واضحة بنية افتعال إشكالٍ وعدم وجود رغبة بالتأليف".
وقال بري في رسالته: "مجدداً كما كان اللبنانيّون في مثل هذا اليوم من يوليو/تموز عام 2006 أمام اختبار في انتمائهم الوطني والقومي الأصيلين هم اليوم أمام ما يحدق بوطنهم من مخاطر وتحديات أمام امتحان جديد مدعوون فيه لاستحضار كل العناوين التي مكّنتهم من الانتصار في تموز 2006 وفي مقدمها الوحدة والحوار والإقلاع عن أي محاولة لإسقاط لبنان من داخله بضربات التعطيل".
كما تطرّق بري إلى ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً، والذي يتعامل معه المسؤولون اللبنانيون بتكتّمٍ من حيث تفاصيل المفاوضات التي يجريها الوسيط الأميركي آموس هوكستين مع لبنان والاحتلال الإسرائيلي ومقترحات لبنان الرسمية؛ بينما اكتفى الرئيس عون بمقابلة مع قناة "أو تي في"، التابعة له، بالإشارة إلى أن نتائج الترسيم ستكون إيجابية لما فيه مصلحة للطرفين، وأن المدة التي سنصل فيها إلى حلّ بالملف قصيرة، معبِّراً عن اعتقاده "بأننا وصلنا إلى تفاهم مع الأميركيين الوسطاء بيننا وبين إسرائيل".
وفي ظل الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية براً بـ"استمرار احتلالها للشطر الشمالي من قرية الغجر، وجواً بانتهاك السيادة اللبنانية بأكثر من 22 ألف خرق جوي لمندرجات القرار 1701 (2006)، وبحراً من خلال النوايا العدوانية المكشوفة والمبيّتة لنهب ثروات لبنان من نفط وغاز"، على حدِّ تعبيره، دعا بري المجتمع الدولي إلى "تحمّل مسؤولياته للضغط على المستويَيْن السياسي والأمني في الكيان الإسرائيلي وكبح جماح عدوانيته والإذعان للقرارات الدولية ذات الصلة وبالتوازي".
وأكد "باسم لبنان الذي انتصر فيه مثلث الجيش والشعب المقاومة بأننا سندافع عن مواردنا البحرية والبرية تماماً بل أكثر مما دافعنا فيه عن برنا".
تجدر الإشارة إلى أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يطل، غداً الأربعاء عند الساعة الثامنة والنصف مساءً بتوقيت بيروت، ليتحدث بآخر التطورات السياسية بحيث من المرتقب أن يكون له موقف من ملف ترسيم الحدود البحرية والمسيرات غير المسلحة التي اطلقها الحزب باتجاه المنطقة المتنازع عليها عند حقل كاريش للقيام بمهمة وصفها بالاستطلاعية.