أظهرت نتائج أولية لمشاهدات تشريح جثمان المعارض الفلسطيني والناشط نزار بنات، والذي توفي بعد اعتقاله وتعرضه للضرب أثناء الاعتقال في مدينة الخليل فجر اليوم الخميس، أن وفاته لم تكن طبيعية، بل إن جثمانه كانت عليه إصابات وكدمات.
وأعلنت "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان"، و"مؤسسة الحق" الفلسطينية عن النتائج الأولية للتشريح، في مؤتمر صحافي عقد مساء اليوم الخميس، بمدينة رام الله، استناداً إلى حضور طبيب شرعي منتدب عنهما عملية التشريح، وذكرت المؤسستان أن المشاهدات "أكدت وجود إصابات تتمثل في كدمات وتسحجات في مناطق عديدة من الجسم بما في ذلك الرأس والعنق والكتفين والصدر والظهر والأطراف العلوية والسفلية مع وجود آثار تربيط على المعصمين وكسور في الأضلاع".
وبحسب بيان نتائج التشريح الأولية، الذي قرأه مدير عام الهيئة المستقلة عمار الدويك، فإن كلاً من الطبيب الشرعي المنتدب من المؤسستين والطبيب الشرعي الذي مثل عائلة بنات أكدا أن الوفاة غير طبيعية بالمصطلح الطبي، ووفاة جنائية حسب التعبير القانوني، لكن وبحسب الدويك، فإن "تحديد سبب الوفاة الرئيس من الناحية الإكلينيكية يحتاج إلى بعض الوقت لحين ظهور النتائج المخبرية لفحص الأنسجة والسوائل".
وبحسب الطبيب الشرعي المعتمد لدى الهيئة ومؤسسة الحق، سمير أبو زعرور، فإن الوقت ما بين لحظة الاعتقال والوفاة كان قليلاً جداً، وأن الجلطة القلبية في كثير من الحالات تظهر بعد ثلاث إلى أربع ساعات، مستدركاً أنه لا يريد التسرع قبل ظهور نتائج التحاليل، لكنه أكد "أنها وفاة غير طبيعية"، لرؤيته الإصابات العديدة في جسد نزار، وأكد رؤيته كمية من السائل المدمى بعد سؤاله عن صحة وجود نزيف في الرئة، لكنه رفض الإفصاح عن أي شيء حتى إعلان التقرير النهائي من ناحية مهنية.
وقال الطبيب زعرور "إن سبب الوفاة يبقى معلقاً إلى حين ظهور نتائج الفحوصات المخبرية والسوائل، أي بعد أسبوع أو عشرة أيام وليست معلقة إلى الأبد".
وحول إعلانه أن سبب الوفاة "غير طبيعي" قال زعرور "خلال عملية التشريح لم نرَ سبباً كلاسيكياً نستطيع من خلاله القول إنها جلطة قلبية أو دماغية".
وأشار زعرور إلى وجود آثار للضرب، أما عن الفحوصات للأنسجة والسوائل "فهي مهمة حتى يتم استثناء أسباب أخرى كإعطائه أي مواد سواء مخدرة أو سامة أو أي شيء آخر".
واعتبرت "الهيئة المستقلة" و"مؤسسة الحق"، في بيانهما، أن "الحادثة خطيرة بحق معارض سياسي"، وطالبتا بفتح تحقيق جنائي فوري في الحادثة وتقديم المسؤولين والمتورطين فيها إلى الجهات القضائية المختصة، كما دعتا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وقف حالة الطوارئ المعلنة منذ 5 مارس/آذار 2020، والتي يتم تجديدها بشكل شهري منذ ذلك الحين.
وطالب الدويك خلال تلاوته البيان أيضاً، بضرورة التزام أفراد الأمن بالقانون والأنظمة والحريات واحترام الحقوق والحريات التي أقرها القانون الأساسي الفلسطيني ووقف ملاحقة أي مواطن على خلفية الرأي والتعبير وإطلاق الحريات والحقوق العامة وتعديل تشريعي فوري لجميع القوانين التي تجيز توقيف مواطن احتياطياً على خلفية موقفه أو رأيه، وعمل مراجعة شاملة لإجراءات تنفيذ مذكرات الإحضار وتوقيف المواطنين والذهاب إلى منازلهم في ساعات مبكرة من الفجر.
وطالبت المؤسستان بضرورة الإفراج بشكل فوري عن جميع الموقوفين حالياً على خلفية نشاط سياسي أو رأي أو تعبير أو مشاركة في الانتخابات التشريعية التي تم تأجيلها، مع المطالبة بإجراء تلك الانتخابات.
كما أشارت المؤسستان في بيانهما إلى تعرض نزار بنات إلى مضايقات وتهديد من فترة وأنه تتم ملاحقته على خلفية نشاطه السياسي المشروع وتعبيره عن الرأي، كما أشارتا لتعرض منزله لإطلاق نار بتاريخ 2 مايو/أيار الماضي، وأن "الهيئة المستقلة" كانت طالبت بوقف ملاحقته وتوفير الحماية له.
بدوره، أكد مدير "مؤسسة الحق" شعوان جبارين أن بنات وصل إلى مستشفى عالية الحكومي في الخليل وهو متوفى، أي أن ما فصل اعتقاله عن وصوله إلى المشفى حوالي ساعة، مؤكداً أن هذا ليس الحادث الأول وقد جرى مثله خلال السنوات الأخيرة، ولذلك اعتبره مقلقاً بشكل كبير.
وقال جبارين "في دول ديمقراطية تحترم نفسها يجري فيها استقالات لوزراء وحكومات، برأيي حان الوقت لمراجعة واستخلاص الدروس الجدية التي تتناسب مع مرحلة فيها المجتمع محتقن".
كما كرر جبارين المطالبة بالإفراج عن أصحاب الرأي ومعتقلي الرأي مؤكداً اعتقال من مثلوا قوائم انتخابية، قائلاً "حان الوقت للإفراج عنهم"، مشيراً إلى أن المساءلة والمحاسبة والجدية غير موجودة، "لا مساءلة ولا محاسبة جدية نهائياً".