مثل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام المحكمة اللوائية، الساعة التاسعة من صباح اليوم الإثنين، في القدس المحتلة، في إطار تهم الفساد الموجهة إليه، في وقت بدأ رئيس دولة الاحتلال، رؤبين ريفلين، مشاورات لاختيار المرشح لتشكيل الحكومة المقبلة.
وقالت المدعية العامة الإسرائيلية، لئات بن أريه، إن نتنياهو استخدم سلطته "بشكل غير مشروع"، في إطار سعيه لتبادل المنفعة مع أقطاب الإعلام.
وأشارت المدعية العامة مع بدء المرافعات إلى أن رئيس الحكومة استخدم "السلطة الحكومية الواسعة الموكلة إليه للحصول على منافع غير لائقة من مالكي وسائل الإعلام الرئيسية في إسرائيل من أجل تعزيز قضاياه الشخصية".
وكان قضاة المحكمة المركزية في القدس حددوا الخامس من إبريل/نيسان موعداً لبدء الاستماع للشهود، في تهم تتعلق بقبول رئيس الوزراء هدايا فاخرة وسعيه لمنح تسهيلات تنظيمية لجهات إعلامية نافذة في مقابل حصوله على تغطية إعلامية إيجابية.
وينفي نتنياهو الذي يعتبر أول رئيس للحكومة توجه له اتّهامات رسمية وهو في منصبه، ما ينسب إليه.
وعلى بعد عدة كيلومترات من المحكمة في القدس المحتلة حيث استعرضت المدعية العامة الإسرائيلية لئات بن أريه التهم الجنائية ضد رئيس الوزراء، بينما من المتوقع أن، يباشر الرئيس رؤبين ريفلين محادثات لتحديد مستقبل نتنياهو السياسي.
ونظمت الدولة العبرية في 23 مارس/آذار الماضي رابع انتخابات غير حاسمة خلال أقل من عامين، ما يطيل أمد جمود سياسي هو الأطول الذي تعيشه إسرائيل.
وفاز حزب الليكود اليميني في الانتخابات حاصداً ثلاثين مقعداً في البرلمان المؤلف من 120 عضواً، لكن قدرة زعيم الحزب، نتنياهو، على تشكيل ائتلاف حكومي قابل للاستمرار لا تزال محفوفة بالمخاطر.
ويبدأ ريفلين مع انتهاء عطلة عيد الفصح اليهودي، ولمدة يومين، مشاورات مع قادة الأحزاب لتحديد الشخص الذي يمكنه تشكيل الحكومة بغالبية 61 مقعداً في البرلمان المنقسم بشدة.
ويمنح القانون الإسرائيلي 28 يوماً لتشكيل الحكومة، ويمكن تمديد هذه المهلة لأسبوعين إضافيين وفق ما يرتئيه الرئيس.
اصطفافات غير واضحة
وعلى الرغم من بدء مشاورات رئيس الدولة مع رؤساء الأحزاب، لتشكيل الحكومة، إلا أن صورة الاصطفاف وكيفية توصية عدد من الأحزاب لا تزال غير واضحة للآن.
ومن المتوقع أن يحصل نتنياهو على دعم 30 نائباً من أنصار الليكود، بالإضافة إلى 16 نائباً يمثلون الأحزاب اليهودية الدينية المتشددة في إسرائيل وستة أصوات من حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتشدد، أي ما مجموعه 52 مقعداً.
وحتى الساعة، لم يعلن كل من زعيم حزب تكفا حداشاه، غدعون ساعر، وزعيم حزب كاحول لفان، بني غانتس، وزعيم حزب يمينا نفتالي بينت، هوية زعيم الحزب الذي يرشحونه للحصول على تكليف بتشكيل الحكومة، كما أن مواقف القائمتين العربيتين، القائمة المشتركة والقائمة العربية الموحدة لم تعلن بعد.
ووفقاً للوضع الحالي يتمتع نتنياهو بتأييد 52 نائباً من أصل 120 نائباً في الكنيست، بينما يحظى منافسه يئير لبيد، زعيم المعارضة، بتأييد 37 عضواً فقط.
وفقاً للسيناريو السابق، يبقى رئيس الوزراء بحاجة إلى تسعة مقاعد إضافية لازمة لتشكيل الحكومة.
وكان ريفلين أشار الأسبوع الماضي إلى أنه لن يلتزم بالاحتكام للأرقام، وأنه قد يمنح تفويض تشكيل الحكومة للنائب الذي لديه فرصة أكبر.
وقال رئيس الاحتلال الإسرائيلي: "نعالج الانقسامات بيننا ونعيد بناء المجتمع الإسرائيلي".
وأضاف في تصريحات أثارت حنق الليكود، أن "الائتلافات الخارجة عن المألوف" ربما مطلوبة لكسر الجمود السياسي الحاصل.
وفسر حزب الليكود الذي شهدت علاقة زعيمه بريفلين توتراً، هذه التصريحات بأنها إشارة إلى تأييد الرئيس الإسرائيلي الضمني لمعسكر المعارضة.
واتّهم الحزب اليميني الرئيس الذي كان عضواً في الليكود عندما كان في البرلمان، بتجاوز صلاحياته الرمزية بشكل كبير.
سنوات عدة
في تحول غير مسبوق لسياسات تشكيل الائتلافات السياسية في إسرائيل، يبدو أنه من المستحيل على معسكر اليمين ومعسكر المعارضة تشكيل حكومة من دون دعم حزب "القائمة الموحدة" بزعامة منصور عباس الذي حصل على أربعة مقاعد.
وقال عباس إنه منفتح على جميع الأطراف، إلا أن حزب الصهيونية الدينية اليميني المتشدد استبعد المشاركة في حكومة إلى جانب القائمة العربية الموحدة، الأمر الذي يجعل احتمال تشكيل نتنياهو لائتلاف حكومي أصعب.
والوضع ليس أفضل في صفوف المعارضة، ما يزيد من احتمال إجراء انتخابات خامسة في أقل من ثلاث سنوات.
والثلاثاء، سيعلن رئيس الاحتلال الإسرائيلي عن النائب الذي سيعهد إليه مهمة تشكيل الحكومة، وفي حال فشل في ذلك، سيتعين على ريفلين اختيار الاسم الثاني في القائمة.
العام الماضي، اتهم نتنياهو رسمياً بالفساد، وبدأ المتظاهرون المناهضون له الاحتجاج أمام مقر إقامته في القدس المحتلة مطلقين عليه لقب "زعيم الجريمة"، وعادوا للاحتجاج مجدداً اليوم الإثنين.
ومكث نتنياهو في قاعة المحكمة قرابة الساعة قبل أن يغادر، إذ سمحت له المحكمة بعدم البقاء طيلة إدلاء الشاهد الرئيسي، إيلان يشوعاه، المدير العام السابق لموقع "والاه" الإخباري، بشهادته حول دور نتنياهو وزوجته سارة في نشر أخبار إيجابية عنهما، مقابل خدمات ورشاوى قدمها نتنياهو لصاحب الموقع. إلى جانب رشاوى يتهم نتنياهو بتلقيها من مدير شركة بيزك للاتصالات الأرضية، شاؤول ألوفيتش، تصل إلى عشرات ملايين الشواقل.
وليس متوقعاً أن يصدر حكم سريع في ملفات الفساد في حق رئيس الوزراء، الذي لن يجبر على الاستقالة من منصبه ما لم تتم إدانته بعد استنفاد جميع الطعون، وهو ما قد يستغرق سنوات عدة.