قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، إن الوقت قد حان لاستبدال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بهيئات أخرى "غير متورطة بدعم الإرهاب"، وفق زعمه، مؤكدا، في سياق آخر، أنه ليس بحاجة للمساعدة لمعرفة طريقة إدارة علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة..
وزعم نتنياهو، في مستهل جلسة الحكومة، في مقر هيئة الأركان العامة في تل أبيب: "خلال الأيام الأخيرة، كشفنا أمام العالم أن أونروا تتعاون مع حماس، بل وشارك بعض أفرادها في أعمال المجازر والاختطاف في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما يؤكد ما كنا نعرفه منذ مدة طويلة أن أونروا ليست جزءاً من الحل، وإنما جزء من المشكلة. وقد حان الوقت لإطلاق عملية استبدال أونروا بهيئات أخرى غير متورطة بدعم الإرهاب"، وفق ادعاءاته.
ودأب الاحتلال الإسرائيلي على شنّ حملات اتهامات عدّة ضد "أونروا"، آخرها ادعاء مشاركة قرابة 12 موظفاً في الوكالة (وفق المتحدث باسم حكومة الاحتلال أيلون ليفي 13 موظفا) في عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فضلاً عن زعم إسرائيل أن أكثر من 190 موظفاً من موظفي الوكالة الأممية ينتمون إلى حركتي "حماس" أو "الجهاد الإسلامي".
وأعدّ "الموساد" الإسرائيلي ملفاً يتضمن هذه المزاعم، ثم أرسله، قبل نحو أسبوع، إلى الولايات المتحدة، التي أعلنت على لسان المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر عن "توقيفٍ مؤقتٍ لتخصيص تمويلٍ إضافي لأونروا"، قبل التحقق من مزاعم الاحتلال.
وحذا عددٌ من دول العالم حذو الولايات المتحدة (المملكة المتحدة، ألمانيا، أستراليا، كندا، اليابان، إيطاليا، فنلندا، هولندا، فرنسا، السويد، النمسا، رومانيا، نيوزيلندا)، معلنين عن تعليقٍ مؤقتٍ لمساعداتهم للوكالة الأممية على خلفية مزاعم الاحتلال، وقبل انتهاء تحقيق الوكالة في مزاعم الاحتلال، أو تحقيق مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية (أعلى سلطة تحقيق في منظومة الأمم المتّحدة).
ويعد تواطؤ الولايات المتحدة مع مزاعم الاحتلال، والمسارعة إلى دعمه ومساندته ضد وكالة "أونروا" الأممية، استمراراً للنهج الأميركي المتماهي مع الاحتلال كلّياً، والذي تكرس منذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى"، عندما تبنّت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مجمل ادعاءات الاحتلال التي اتهمت فصائل المقاومة الفلسطينية بقتل الرضع، وحرق جثث الأطفال، وبقر بطون الحوامل، واغتصاب النساء وسواها من الجرائم المدانة، وهي ادعاءاتٌ نفتها الوقائع لاحقا، عبر تحقيقاتٍ واستقصاءات مستقلة، وتأكد أنها محض افتراءات.
وعلى صعيد آخر، قال نتنياهو، خلال جلسة الحكومة اليوم الأحد، إنه ليس بحاجة للمساعدة لمعرفة طريقة إدارة علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة.
وأتى ذلك عقب مقابلة أجرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية مع وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، وجه فيها انتقادات للإدارة الأميركية وللرئيس الأميركي جو بايدن حول تعاملهما مع إسرائيل في حربها على قطاع غزة، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب "كان سيتعامل بشكل أفضل".
وقال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي: "إسرائيل هي دولة سيادية. ونثمن عاليًا الدعم الذي تلقيناه من إدارة بايدن منذ نشوب الحرب، والذي يتمثّل في إرسال أنواع الذخيرة، وفي دعم المؤسسات الدولية، وفي إرسال القوات إلى المنطقة وغير ذلك. ولا يعني ذلك أننا مجمعون على كل شيء، لكن حتى الآن تمكنّا من التغلب على الخلافات في الآراء من خلال القرارات العازمة والرزينة".
وأضاف: "دعوني أقول لكم شيئًا بناءً على تجربتي: هناك الذين يقولون (نعم) لكل شيء، حتى إذا كان الأمر يقتضي قول (لا)، ويصفّق لهم المجتمع الدولي، لكنهم يخاطرون بأمننا القومي. وفي المقابل، أولئك الذين يقولون (لا) لكل شيء، حيث يُصفّق لهم محلياً، لكنهم أيضاً يخاطرون بمصالح حيوية. وألتمس قول شيء لكم بناءً على تجربتي: تكمن الحكمة في معرفة المناورة وقول (نعم) إذا أمكن، وقول (لا) عند الضرورة".
وتابع نتنياهو: "لست بحاجة للمساعدة لمعرفة طريقة إدارة علاقاتنا مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مع الإصرار الثابت على مصالحنا الوطنية (..) إنني أقوم بذلك منذ سنين طويلة".
ومضى قائلا: "باعتبارنا دولة سيادية تحارب في سبيل وجودها ومستقبلها، فإننا نتخذ قراراتنا بأنفسنا، حتى في تلك الحالات حيث لا يوجد توافق مع أصدقائنا الأميركيين. ودعوني أوضح سياستنا، الهدف الضروري هو أولاً القضاء على حماس. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، ينبغي استيفاء ثلاثة أشياء: بدايةً، يجب القضاء على كتائب حماس. وحتى الآن، قمنا بالقضاء على 17 كتيبة من أصل 24. ومعظم الكتائب المتبقية موجودة في جنوب القطاع ورفح، وسنعالجها أيضاً".
وأضاف رئيس حكومة الاحتلال: "ثانيا، يجب القيام بعمليات تطهير بعد القضاء على الكتائب، على غرار ما تقوم به قواتنا بعزم من خلال شن عمليات مداهمة حازمة للغاية في شمال القطاع ووسطه. وثالثًا، يجب تحييد البنية التحتية التحت أرضية، وهو ما تقوم به قواتنا بشكل ممنهج في خانيونس، وفي كافة أنحاء القطاع، وما يتطلب مزيدًا من الوقت".
وأكد نتنياهو: "لن ننهي هذه الحرب قبل تحقيق كامل أهدافها: القضاء على حماس، وإعادة جميع مخطوفينا، وضمان أن غزة لن تعود لتشكل خطراً على إسرائيل. الجهود الرامية للإفراج عن مخطوفينا مستمرة دون توقف، وكما شددت أيضاً خلال جلسات المجلس الوزاري الموسّع، لن نوافق على كل صفقة، وليس بكل ثمن. ولن نوافق أبداً على الكثير من الأشياء التي يجرى تداولها عبر وسائل الإعلام، والتي يجرى طرحها وكأننا اتفقنا عليها، مثل ما يتعلق بالإفراج عن المخربين"، على حد تعبيره.