استمع إلى الملخص
- **ردود الفعل المغربية**: عبر نشطاء مغاربة عن استيائهم، معتبرين أن تصرف نتنياهو يعكس تجاهلاً للوضع القانوني للصحراء. دعوا إلى طرد ممثل إسرائيل وإنهاء العلاقات معها.
- **انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي**: انتقد النشطاء التطبيع مع إسرائيل، معتبرين خطوة نتنياهو اعترافاً بالبوليساريو، مما أثار تساؤلات حول نوايا إسرائيل الحقيقية.
أثار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غضبا في صفوف النشطاء الحقوقيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، بعد عرضه، خلال ندوة صحافية يوم أمس، خريطة لا تعترف بسيادة الرباط على الصحراء في خطوة اعتبرت "استفزازاً" جديداً، فيما تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة لانتقاد التطبيع مع إسرائيل والدعوة إلى إنهائه وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالعاصمة الرباط.
وتناقل نشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع صورة الخريطة التي عرضها نتنياهو، معبرين عن إدانتهم استعماله تسمية الصحراء الغربية على أراضي الصحراء. وليست المرة الأولى التي يقدم فيها نتنياهو على ما يعتبره المغاربة استفزازا لهم بخصوص قضيتهم الأولى، إذ كان قد فجر غضبا واسعا في المغرب، بعد أن أقدم خلال مشاركته في برنامج حواري على إحدى القنوات الفرنسية، في 30 مايو/ أيار الماضي، على عرض خريطة للعالم العربي وشمال أفريقيا تظهر المغرب من دون منطقة الصحراء.
كما أثار ظهور خريطة المغرب منقوصة من الصحراء، خلال استقبال نتنياهو رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سخطا وتذمرا كبيرين. وبالنسبة لرئيس "العصبة المغربية لحقوق الإنسان" (أقدم تنظيم حقوقي مستقل في المغرب) عادل تشيكيطو، فإن ما قام به نتنياهو بعرض خريطة للمملكة المغربية مرفقة بعبارة "الصحراء الغربية" في جنوب البلاد، هو "خطوة متكررة تعكس تجاهلا واضحا للوضع القانوني والسياسي المتعلق بالصحراء وتتعارض مع التوجهات الدبلوماسية المعترف بها دوليا".
وقال في حديث مع "العربي الجديد" إنها "ليست المرة الأولى التي يجرى فيها التلاعب بالخريطة السيادية للمغرب، فقد شهدت مناسبات سابقة محاولات مشابهة للإشارة إلى الأقاليم الجنوبية بعبارة الصحراء الغربية، أو بفصل الأقاليم الجنوبية في الخريطة بخط متقطع أو تمييزها بلون مخالف، وكما يُقال، الشيء إذا تكرر تقرر.. هذا التصرف لا يمكن اعتباره مجرد خطأ عرضي، بل هو رسالة موجهة للمغرب، ويضغط في اتجاه دفع الدولة إلى منع حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "يبدو هذا الانزعاج غير المعلن من الجانب الإسرائيلي واضحا من خلال تغريدات وتدوينات الموالين لنتنياهو"، مؤكدا أن على "الخارجية المغربية ألا تقابل هذا الاستفزاز بالصمت، وأن تتقدم في دعمها الثابت للقضية الفلسطينية وتؤكد أن المساس بوحدتها الترابية من أي طرف لن يقابل بالصمت، وأن الدفاع عن سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية أمر غير قابل للنقاش، وأن تطرد ممثل الكيان الصهيوني بالرباط وتنهي أية علاقة تربطها باسرائيل التي تتفنن في الغدر والقتل ونقض العهود".
وبينما لم يصدر إلى حد الساعة أي موقف رسمي مغربي، علق رئيس "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع" أحمد ويحمان على الجدل الذي أثاره نتنياهو بالقول: "ندين ناصر بوريطة (وزير الخارجية) والسياسة الخارجية للمغرب قبل نتنياهو وكيان الاحتلال والإبادة الجماعية... الملوم، حقيقة في هذه القضية، ليس كبير الإرهابيين نتنياهو الذي قضت المحاكم الدولية بتصنيفه مجرم حرب، ولا كيانه الإجرامي، وإنما القرار السياسي المغربي الرسمي الذي داس على أرواح شهداء الجيش المغربي من ضباط وضباط الصف وجنود من أبناء الشعب الذين ضحوا بأنفسهم لتحرير وحماية أقاليمنا الصحراوية والتأكيد على وحدة التراب الوطني، وجعلوا مغربية هذه الأقاليم رهينة اعتراف كيان منبوذ في العالم أو عدم اعترافه".
واعتبر ويحمان في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "المجرمين في حق الوطن بهذه الاستفزازات وفي حق الشعب بهذه الإهانات هم المطبعون الذين أقاموا العلاقات مع كيان الاحتلال والإبادة الجماعية والتطهير العرقي". وأضاف: "في عز المجازر الصهيونية، وبينما ينظم الشعب مسيرات ووقفات لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول مطالبا بإلغاء جميع العلاقات مع كيان الإجرام وإغلاق مكتب الاتصال، يفاجأ الجميع بتجديد التمثيل الدبلوماسي بمجرم قال عن المغاربة إنهم حيوانات؛ هو الإرهابي كعيبة (حسن)".
تساؤلات حول معنى خطوة نتنياهو تجاه الصحراء
من جهته، تساءل مسؤول ملف مناهضة التطبيع في الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة سعيد مولاي التاج عن "المقصود من هذه الخطوات الاستفزازية لمشاعر ملايين المغاربة، أو إن كانت ورقة لابتزاز النظام المغربي المطبع وإجباره على تقديم المزيد من التنازلات، أو إنها رسالة طمأنة ومغازلة إلى الانفصاليين وداعميهم إقليميا ودوليا، أو هل هو الاستخفاف المطلق بسيادة دولة وتاريخها واتفاقاتها ومشاعرها؟".
واستدرك قائلا خلال حديث مع "العربي الجديد": "نحن أمام مجموعة من الاحتمالات، لكن الحقيقة التي لا جدال فيها هي أن هذه الخطوة هي صفعة كبيرة للنظام المغربي وكافة المطبعين والمحتفين بالتطبيع وباتفاق الخزي والعار الذي وقع مع الصهاينة في فترة حكومة العدالة والتنمية في 10 ديسمبر/كانون الأزل 2020، والذي ربط التطبيع مع الكيان الصهيوني باعتراف أميركي/ صهيوني بمغربية الصحراء ودعم مطالبه التاريخية ومبادراته السياسية". وبحسب قوله، "فإن هذا الرهان فشل وفشلت معه كل المقولات الأخرى التي حاولت التسويق للاتفاق العاري من كل فائدة أو عائد على الشعب المغربي".
وقال: "ما نذّكر به في هذه المناسبة وندعو له في كل مناسبة هو أن كل رهان على الكيان الصهيوني هو رهان فاشل على كيان نازي فاشي مفسد لا يقيم وزنا للمعاهدات والاتفاقات الدولية ولا يحترم تعهداته والتزاماته، بل هو لا يكف عن خرق القانون الدولي الإنساني ويقدم على اقتراف جرائم حرب وإبادة جماعية، بل وحتى الاعتداء على مقار الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في فلسطين المحتلة".
وتابع: "لماذا لا يراجع النظام المغربي موقفه ويعيد ترتيب أوراقه من جديد ويستجيب لمطالبات فئات عريضة من شعبه بإسقاط التطبيع وتجميد كل الاتفاقات وأشكال التعاون العسكري والأمني وإغلاق وكر الفساد والإجرام في الرباط وطرد ممثل كيان الإجرام الصهيوني وتطهير المغرب منهم". وقال إن الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة تدين "كل مس بكرامة المغرب ووحدة أراضيه وسلامة مواطنيه وأي تطاول على سيادته من أي كان، فكيف بها من كيان مجرم لا ماضي له ولا مستقبل"، مبديا استعرابه من عدم صدور أي موقف رسمي لحد الآن يدين هذه الاستفزازات.
من جهة أخرى، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب إلى ساحة لانتقاد التطبيع مع إسرائيل والدعوة إلى إنهائه وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالعاصمة الرباط. وعلق الناشط نور الدين عثمان على الحادث بالقول: "الصورة التي لا يريد رؤيتها الآن أنصار التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم، أو بالأحرى هدية المجرم بنيامين نتنياهو للمطبعين المغاربة". وتابع: "هذه المرة لم يكتف المجرم بحذف الصحراء من خريطة المغرب، بل عمد هذه المرة إلى وصف أقاليمنا الجنوبية بالغربية، وهو اعتراف صريح من المجرم بالكيان الوهمي المسمى البوليساريو"، على حد تعبيره.
من جهته، كتب الناشط عبد المجيد بلفاسي على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك قائلا: "مجددا المجرم نتنياهو لا يقيم وزنا للمطبعين ويظهر خريطة المغرب من دون صحرائه". وكان نتنياهو قد وجه في 17 يوليو/ تموز 2023 رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، تضمنت إعلان تل أبيب الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء وأنها تدرس "إيجابياً فتح قنصلية لها في مدينة الداخلة" (ثاني كبريات حواضر الصحراء)، والتي عكست تحولاً في تعاطي إسرائيل مع هذا الملف، وذلك بعد التردد والغموض اللذين طبعا المواقف الإسرائيلية من القضية، وما اعتبر "ابتزازاً" من قبلها للجانب المغربي.