قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعليق مشروع التعديلات القضائية المثيرة للجدل والانقسام، اليوم الاثنين، "درءًا لانقسام الشعب"، على حد قوله، مع توسّع رقعة الاحتجاجات التي بدأت تحدث استقطابًا مضادًّا من أنصار اليمين، إلّا أن نتنياهو عاد وأكد التمسّك بالتعديلات على المدى المنظور، وأن الغاية من القرار إفساح المجال من أجل مزيد من المشاورات السياسية بشأن إنجازها.
وقال نتنياهو إنه "غير مستعد لأن يكون هو من يقسّم الشعب"، قائلًا إنه من المحظور أن تكون هناك "حرب بين الإخوة"، مقرًّا بأن المجتمع الإسرائيلي "على طريق تصادم خطير، وسط أزمة تهدد الوحدة المبدئيّة بيننا". لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي عاد ورمى بالتهمة على "أقلية متطرفة"، قال إنها "تستخدم العنف، وتضرم الحرائق، وتهدد باستهداف ممثلي الشعب، وتؤجج حرب الإخوة، وتدعو إلى العصيان الذي هو جريمة مروّعة".
وفي حين اتّهم تلك الاحتجاجات بأنها "كانت منظمة وممولة بشكل مشكوك فيه"، أشاد نتنياهو بمتظاهري اليمين المحتشدين في القدس "بصورة عفوية وغير منظمة، وليست ذات دفع إعلامي، ونابعة من القلب والروح"، على حد قوله، مخاطبًا إياهم بالقول "أنا فخور بكم، أنتم لستم مواطنون من الدرجة الثانية... صوتكم صوتنا، ولن يسكته أحد".
في مقابل ذلك، عاد نتنياهو وأصرّ على أحقية التعديلات القضائية، واصفًا إياها بـ"الضرورية"، مستدركًا بأن حكومته "ستتيح الفرصة لتسويتها بتوافق واسع، هذا هدفنا المنظور ولا بديل عنه".
ومضى قائلًا إنه "من أجل منع تقسيم الشعب"، فقد قرر تعليق القراءة الثانية والثالثة للقانون في هذه الدورة من الكنسيت، من أجل إعطاء حيز زمني للوصول إلى الاتفاق نفسه في ما يخص التعديلات في دورة الكنيست القادمة، مستطردًا: "بطريقة أو بأخرى سننجز إصلاحًا يعيد التوازن الذي فقد بين السلطات، مع الحفاظ على حقوق الفرد بل وتعزيزها"، على حد زعمه.
وجاء ردّ أقطاب المعارضة الإسرائيلية سريعًا، إذ قال زعيم "معسكر الدولة" في "الكنسيت"، إن "نضال المحتجين لم ينته بعد"، لكنه أكد على نيته الذهاب إلى مفاوضات مع معسكر الحكم في منزل الرئيس، إسحاق هرتسوغ، "بقلب مفتوح وعقل راغب وأياد مفتوحة"، على حد تعبيره، داعيًا نتنياهو إلى "وقف التهديدات والإنذارات والتصريحات المتطرفة التي تبعدنا عن الهدف".
من جانبه، قال زعيم المعارضة، يئير لبيد، إنه إذا توقف تشريع التعديلات القضائية "بشكل حقيقي ومطلق"، فسيكون على استعداد للذهاب إلى مقرّ الرئيس لإجراء محادثات، وتحويل هذه اللحظة إلى "لحظة تأسيسية في حياتنا المشتركة"، على حد تعبيره.
وبشأن المفاوضات المستقبلية، قال لبيد: "ينبغي أن نترك الرئيس يحدد آلية التفاوض ونثق به كوسيط عادل. هذا كل ما طالبنا به في الشهرين الماضيين"، لكنه ذكّر بأن التجارب مع نتنياهو في السابق كانت "مريرة"، قائلًا: "سنتأكد أولاً وقبل كل شيء من عدم وجود مناورة أو تعصيب للعينين". وعرّج لبيد في هذا السياق على التقارير التي تحدثت عن أن نتنياهو قال لمقرّبيه: "أنا أبدًا لن أتوقف، ولكن أهدئ النفوس فقط"، ملوّحًا في هذه الحالة بخروج مئات الآلاف من المحتجين "العازمين على القتال من أجل ديمقراطيتنا" إلى الشوارع مرة أخرى.
وكان زعيم حزب "المنعة اليهودية" اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، قد استبق إعلان نتنياهو بالقول إن الطرفين توافقا على تأجيل مناقشة إقرار التعديلات القضائية حتى الصيف، وأن الأخير وعده بمناقشة بالتصويت على قانون لإنشاء حرس وطني يكون تابعًا لوزير الأمن القومي- وهو المنصب الذي يشغله بن غفير حاليًّا.