استمع إلى الملخص
- يركز نتنياهو على أهداف داخلية بعيدة عن الجبهة، مثل تعيين حاخامات وتهرب اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية، مما يعكس استراتيجيته في التعامل مع الأزمات وتعقيدات السياسة الإسرائيلية.
- يسعى الجيش الإسرائيلي لإنهاء الحرب والتحول إلى مرحلة المداهمات لتحقيق وضوح استراتيجي والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى، في ظل مخاوف من توسع النزاع ليشمل حزب الله وإيران، مما يعكس التحديات الكبيرة أمام إسرائيل.
يخوض نتنياهو حرباً داخلية لحسابات سياسية
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدفع المستوى السياسي لإنهاء حرب غزة
هدف نتنياهو النهائي هو بقاؤه الشخصي على أمل فوز ترامب في نوفمبر
ازدادت في الأيام الأخيرة، التقارير والتحليلات الإسرائيلية التي تشير إلى رغبة جيش الاحتلال في إنهاء الحرب على غزة بشكلها الحالي، في حين يتمسك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو باستمرارها "حتى تحقيق أهدافها" على حد تعبيره. وفي خضم ذلك، يخوض نتنياهو حرباً داخلية لحسابات سياسية، ضد المؤسسة العسكرية والأمنية، قد لا تقل أهمية عنده عن غزة ولبنان.
وعبّر المعلق العسكري ألون بن دافيد عن حروب نتنياهو، في مقال لصحيفة "معاريف" اليوم الجمعة، أشار فيه إلى أن الجيش والمؤسسة الأمنية منشغلان في الحرب على غزة ولبنان، في حين أن نتنياهو "مشغول حالياً بالحروب ضد أعداء آخرين، الأول بينهم هو الجيش الإسرائيلي وقادته، والذين يريد نتنياهو إخضاعهم قبل رفح. والعدو الثاني بعد الجيش هو الولايات المتحدة، ليس الحليف المثالي، ولكنها آخر من تبقّى لنا، فيما يحاول رئيس الحكومة إبعادها بأي طريقة".
وأضاف ساخراً، أنه في غضون ذلك، يركّز نتنياهو على ما سيضمن النصر: "تعيين حاخامات محليين من وزارة الأديان، وضمان تهرب عشرات الآلاف من اليهود الحريديم (المتزمتين دينياً) من الخدمة العسكرية".
في مقابل ذلك، ذهب بن دافيد للحديث عن انطباعه من "زيارته" رفح خلال الأسبوع الحالي، متحدّثاً عن أهميتها لحركة حماس، وأن هزيمة جيش الاحتلال "حماس" هناك هي على بعد أسابيع قليلة، في رأيه، معتبراً أن تقدّم الجيش في المدينة أسرع مما كان متوقعاً.
وليست انطباعات بن دافيد بمعزل عن توجهات جيش الاحتلال وتمهيده لرغبته في إنهاء الحرب على قطاع غزة بشكلها الحالي والتحول الى مرحلة جديدة هي مرحلة المداهمات، وهو الأمر الذي تلتقي خيوطه مع تصريحات الناطق بلسان الجيش دانيال هاغاري قبل أيام، الذي اعتبر أن "القضاء على حركة حماس ذر للرماد في العيون".
ولا يبتعد ذلك عما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" قبل أسبوع بالضبط، بأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدفع المستوى السياسي نحو إنهاء الحرب في قطاع غزة مقابل استعادة المحتجزين الإسرائيليين، بادعاء أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي على وشك هزيمة حماس. كما يأتي ذلك وسط ازدياد المخاوف من احتمالات الدخول في حرب واسعة أمام حزب الله في لبنان، وإمكانية تدخل إيران، وفق تقدير مسؤولين إسرائيليين.
ويشي بهذا التوجه لدى الجيش الإسرائيلي، ما كتبه المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل اليوم الجمعة، إذ قال: "لحظة أخرى من الحقيقة بشأن الحرب قد تظهر في غضون أسابيع قليلة. سيكمل الجيش الإسرائيلي هجومه في رفح -في ظل القيود الأميركية في حين لا يزال بعيداً عن هزيمة حماس بالكامل- وسيرغب في إعلان نهاية الحرب. سيتوجه الجنرالات إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ويطلبون منه مساعدتهم على تحقيق وضوح استراتيجي. وسيوصون بإنهاء الحرب في قطاع غزة بشكلها الحالي. سيقترح الجيش تقليص القوات، المحدودة أصلاً، العاملة في محور فيلادلفيا على الحدود المصرية، والمحور الآخر وسط قطاع غزة، والتركيز على دهم أهداف إضافية لحماس وإعطاء فرصة من جديد لخطوات أخرى".
نتنياهو ينتظر ترامب
ومن شأن هذه الخطوات، في رأي هارئيل، أن تشمل محاولات لتحريك الاتصالات للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى ووقف لإطلاق النار في غزة، بالتزامن مع المحاولات الأميركية للتوصل الى تسوية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله تبعد عناصر الحزب عن الحدود. وفي حال فشل ذلك، تكون هناك استعدادات لاحتمال حرب شاملة على الجبهة الشمالية أو على عدة جبهات.
ولفت الكاتب إلى أن نتنياهو يعرف موقف الجيش ولا يميل إلى قبوله، ويؤكد استمرار الحرب، كما عاد نتنياهو إلى توزيع الوعود على مؤيديه حول النصر المطلق. وأضاف الكاتب: "عملياً، توجد حرب أبدية هنا أكثر من النصر المطلق".
ويظل هدف نتنياهو النهائي هو بقاؤه الشخصي، في رأي هارئيل، ويتمثّل ذلك من خلال "اجتياز الدورة الصيفية للكنيست، والانتظار على أمل فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وهذا أفضل له من البديل، المتمثّل في وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وصفقة مختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في غزة)، واعتراف عملي بالفشل في تحقيق أهداف القتال، وانسحاب أحزاب اليمين المتطرّف من الائتلاف وانهيار الحكومة". وقال هارئيل: "عندما يكون البقاء السياسي هو الهدف الأسمى، تتضاءل أهمية العواقب الأخرى المتوقّعة نتيجة لشن حرب بلا نهاية: العبء المتزايد على الجنود النظاميين وجنود الاحتياط، وتفاقم الأزمة مع إدارة بايدن والإضرار بالشرعية الدولية للخطوات الإسرائيلية".
في سياق متصل، أوضح المراسل العسكري لموقع "والاه" العبري أمير بوحبوط أنه بحسب قاموس مصطلحات الجيش الإسرائيلي فإن تعريف كلمة "نصر"، هو "التغلّب على العدو، وخلق وضع يحقق فيه المنتصر في الحرب أهدافه العسكرية كاملة أو أهمها، بثمن يمكنه تحمّله".
واعتبر المراسل أنه بعد أكثر من 8 أشهر من الحرب جيشُ الاحتلال "سيطر على قطاع غزة، إذ ألحق ضرراً بالغاً بحرية عمل حماس ومؤسساتها، وفكَّك ذراعها العسكري، وما تبقى منها حرب عصابات، لكن لن يتم الحفاظ على هذه الإنجازات من دون اغتيال كبار مسؤولي التنظيم، وصيانة مستمرة"، على حد قوله.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تكثيف عدوانه على رفح وعدة مناطق في قطاع غزة وقتل الأبرياء وقصفهم. وفي المقابل، قتل جنديان في معارك قطاع غزة أمس الخميس، وبالمجمل قُتل 14 جندياً على الأقل في الأسبوع الأخير. كما يواصل الجيش الإسرائيلي تكبّد خسائر فادحة في غزة، ويعاني نقصاً في القوات وإرهاقاً في صفوف الجنود، ورفضاً من "الحريديم" لسد الفجوة، الأمر الذي يعمّق مشكلات الجيش وأزمات الداخلية الإسرائيلية، التي بات يختلط فيها الحابل بالنابل، في خلافات المستوى الأمني والسياسي والعسكري.