استمع إلى الملخص
- المصنع كان ينتج أجزاء لمقاتلة "إف 35" المستخدمة من قبل الجيش الإسرائيلي في استهداف المدنيين بغزة، مما أثار اتهامات بالمساهمة في القصف العشوائي والإبادة الجماعية.
- تظاهرة وشهادات مؤثرة أمام بلدية برايتون أند هوف قبل القرار، تعبيرًا عن الرفض المجتمعي لتمديد تصريح المصنع، مع تأكيد الناشطين على استمرار الضغط لإغلاقه بالكامل.
بلدية برايتون رفضت التمديد لمصنع L3Haris الذي يورد أسلحة لإسرائيل
عريضة وقّعها أكثر من 1400 شخص طالبت بعدم تجديد رخصة المصنع
حملة أوقفوا إل ثري هاريس لـ"العربي الجديد": القرار انتصار تاريخي
احتفل العشرات من الناشطين في مدينة برايتون أند هوف، جنوب شرقي بريطانيا، بتحقيق نجاح لحملتهم ضد مصنع الأسلحة "إل ثري هاريس"، الذي يتهمونه بالمساهمة في الإبادة الجماعيّة في قطاع غزة، وذلك بعد عدم موافقة البلدية على تمديد عمل ملحق المصنع في المدينة. وجاء القرار بعد جلسة للجنة التخطيط في بلدية برايتون أند هوف، ظهر اليوم الأربعاء، في مبنى البلديّة، حيث صوّت أعضاء اللجنة بعد الاستماع لشهادات من المجتمع المحلي وخبراء، على طلب الإبقاء الدائم على ملحق مؤقت لمبنى مملوك لشركة تصنيع الأسلحة. وجرى منح الإذن لهذا الملحق عام 2018 لمدّة خمس سنوات، وانتهت صلاحية الإذن في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.
والمصنع المذكور (L3Haris) هو مصنع مسؤول عن تصنيع أجزاء خاصّة كي تتمكن مقاتلة "إف 35" من إطلاق القنابل، ويجري توريد هذه الأجزاء والتقنيات إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستخدمها في حرب الإبادة الجماعيّة في قطاع غزة، إذ تشارك مقاتلات "إف 35" في استهداف المدنيين في غزة، بحسب تقارير حقوقيّة عديدة.
واتّهم الناشطون في حملة "أوقفوا إل ثري هاريس" مصنع الأسلحة بالعمل دون موافقة التخطيط في البلدية منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، في الوقت الذي استشهد فيه ما لا يقل عن 36,586 فلسطينياً في غزة وحدها منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بما في ذلك أكثر من 13,800 طفل، وفق وزارة الصحة في غزة.
ويدّعي الناشطون في حملة "برايتون ضد تجارة الأسلحة" إثباتهم أنّ العديد من هذه الوفيات يرتبط ارتباطاً مباشراً بالقصف العشوائي الذي أصبح ممكناً، بفضل استخدام آليات إطلاق القنابل التي جرى صنعها في برايتون، الأمر الذي يساهم في "شعور السكان من جميع الطوائف بعدم الأمان".
تظاهرة خارج قاعة بلدية برايتون أند هوف
وقبل بدء الاجتماع، أقيمت تظاهرة حضرها أكثر من 100 شخص خارج قاعة بلدية برايتون أند هوف في مدينة هوف، خلال اجتماع مجلس لجنة التخطيط لإظهار الدعم. وهتف المتظاهرون ضد استمرار قتل المدنيين في غزة، وطالبوا البلدية بأن تأخذ موقفاً ضد الإبادة الجماعيّة. كما حمل المتظاهرون مركّباً فنياً يضم مئات من أسماء الأطفال المكتوبة على شرائط الذين استشهدوا في غزة منذ 7 أكتوبر، فيما قرأت إحدى الناشطات قصائد كتبها أطفال غزة.
"صحتي النفسية تدهورت بسبب المصنع"
وخلال جلسة البلديّة، ألقيت شهادات من سكّان المدينة حول القضيّة، إذ تقول ناشطة يهوديّة كما تم تعريفها باسم هيربي، وهي مقيمة في حي مولسكومب: "أستطيع أن أرى مصنع L3Harris على طريق هوم فارم من منزلي. إن العيش في الجانب الآخر من الطريق مقابل مصنع يستفيد من قتل المدنيين الأبرياء في غزة ساهم في تدهور صحتي النفسيّة خلال الأشهر الثمانية الماضية".
وجاء في الشهادة أيضاً "يؤرقني معرفة أن عائلات أصدقائي في غزة يمكن أن تُقتل في أي لحظة، بأسلحة مصنوعة في مصنع على مرأى من مطبخي. أشعر بالعجز واليأس واضطررت إلى تناول مضادات الاكتئاب للتعامل مع صحتي النفسيّة المتدهورة. من فضلكم، أغلقوا المصنع".
STOP L3HARRIS
— Brighton PSC (@BrightonPSC) June 5, 2024
We did!@L3HarrisTech will now have to tear down their Brighton arms factory extension.
This is absolutely a consequence of their complicity in Israel's genocide. 🇵🇸 pic.twitter.com/RMkCTqAqjI
كذلك عُرضت شهادة نداء، وهي فلسطينيّة مقيمة في برايتون وجاء فيها: "أنا امرأة فلسطينيّة أعيش في برايتون مع عائلتي. ويحزنني بشدة معرفة أن هناك مصنعاً للأسلحة على عتبة بابنا. لا يجب تطبيع هذا الأمر ويجب إغلاقه على الفور". وجاء في الرسالة أيضاً "لقد تأثرت عائلتي في غزة بشدة جراء استخدام الاحتلال الأسلحة الكيميائيّة. قتلوا فتاة تبلغ من العمر 4 سنوات وأباها أمام والدتها وشقيقتها البالغة من العمر 6 سنوات. لا تستطيع الفتاة الصغيرة أن تنسى ما حدث لأختها وأبيها. هناك الكثير من القصص الحزينة في غزّة. وقد طلب منهم جميعاً البقاء في الأماكن الآمنة التي طلبوا منهم الانتقال إليها، وبعدها قُصف المكان".
وقالت المستشارة القانونيّة، ليز لوغران، رئيسة لجنة التخطيط بالمجلس: "إن واجب المساواة في القطاع العام يتطلب من المجلس أن يولي الاهتمام الواجب للحاجة إلى القضاء على التمييز والمضايقة والإيذاء وتعزيز العلاقات الجيدة بين الأشخاص من عرق وآخر". وأضافت "من وجهة نظرنا أن التأثيرات على المساواة والعلاقات المجتمعية كبيرة جداً لدرجة أنه يجب رفض الطلب".
وفي الاجتماع، جرى تقديم عرض لأعضاء اللجنة من قبل مسؤولي التخطيط والاستماع إلى المتحدثين قبل مناقشة الطلب. وكانت الاعتبارات الرئيسية التي جرت مناقشتها هي مبدأ التطوير والتصميم والتأثير على طابع المنطقة والاعتبارات المادية الأخرى من ضمنها انتهاكات حقوق الإنسان. وبعد المناقشة التي استمرت ساعة ونصف الساعة، قررت اللجنة رفض تصريح التخطيط، حيث لم يصوّت أي من أعضاء المجلس لصالح المخطط، بينما صوّت تسعة أعضاء ضده. وصفق الحاضرون من الجمهور للقرار، فيما احتفل العشرات من الناشطين خارج مبنى البلدية بتحقيق نجاح حملتهم.
حملة متواصلة منذ أشهر
وقُدّمت للبلديّة عريضة وقّعها أكثر من 1400 شخص من المدينة يطالبون بعدم تجديد رخصة العمل للمصنع، أمّا طلب المصنع بالتجديد الذي عُرض للاستشارة العامّة أمام الجمهور منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فقد حصل على 655 تعليقاً منهم 651 تعليقاً يعارض المصنع فيما حصل فقط على تعليقين يؤيدان تجديد الرخصة.
وقالت لوسي الناشطة في حملة "أوقفوا إل ثري هاريس" في حديث لـ"العربي الجديد"، بعد صدور القرار: "يعد القرار بمثابة انتصار تاريخي، ويبعث رسالة مفادها أن الناس في برايتون أند هوف لن يكونوا متواطئين في الإبادة الجماعيّة". وأضافت "لكن هناك الكثير الذي يتعين القيام به لإغلاق L3 Harris في مدينتنا إلى الأبد، وإنهاء دعم المملكة المتحدة الأوسع للمذبحة التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين، هذه خطوة أولى صغيرة ومهمة اتخذها مجلسنا".
وأكدت في حديثها أنه ستكون هناك خطوات تالية تهدف إلى إيصال رسائل لأصحاب العقارات التي تستأجرها شركة السلاح مفادها "أنهم يقومون بنشاط غير قانوني ويخالف القانون الإنساني الدولي".
وفي سياق متصل، أعلن صاحب الملكية للموقع والمبنى الذي تستأجر منه شركة "إل ثري هاريس" المكان، قبل أكثر من شهر في تصريح لوسائل الإعلام، أنه لن يقوم بتجديد عقد الإيجار للمصنع الذي ينتهي عام 2027. وبهذا سيكون على المصنع إخلاء الملحق الإضافي الذي قام ببنائه بعد قرار البلديّة اليوم، وإيجاد موقع جديد في حال لم يُجدد عقد الشركة قبل عام 2027 من قبل المالكين للعقار، فيما أكد الناشطون في الحملة ضد المصنع أنهم لن ينتظروا حتى عام 2027 لكي يجري إغلاق المصنع بالكامل، وسوف يواصلون الضغط على مالك العقار بهدف إخلاء الشركة قبل عام 2027.
وتعتبر شركة "إل ثري هاريس" الشركة الثانية عشرة من حيث الحجم في تصنيع الأسلحة في العالم، وتحقق أرباحاً ضخمة من حرب إسرائيل على الفلسطينيين، حيث تزود إسرائيل بآليات إطلاق القنابل لطائراتها المقاتلة من طراز "إف 35" و"إف 15". ويذكر أيضاً أن من النشاطات التي قامت بها الحملة خلال الأشهر الماضية الاعتصام أمام مدخل المصنع أكثر من مرّة، ومنع العمّال من الدخول صباحاً للمصنع، كما بنوا مخيم اعتصام لمدّة خمسة أسابيع عند الشارع الرئيسي المؤدي للمنطقة الصناعية حيث يقع المصنع، وقد تحول هذا المخيم إلى نقطة احتجاج متواصلة ضد المصنع، وتجارة الأسلحة بالعموم، وللتضامن مع الشعب الفلسطيني.