بدأت الأوضاع تهدأ بشكل تدريجي ونسبي في باكستان بعد نشر قوات الجيش في مختلف المناطق، بما فيها العاصمة الباكستانية إسلام أباد، أمس الأربعاء، بعد الاحتجاجات العنيفة التي تلت اعتقال رئيس الوزراء السابق عمران خان للتحقيق معه في قضية فساد تعرف بـ"القادر ترست"، وهي واحدة من القضايا العديدة التي تستهدفه منذ إزاحته عن السلطة في إبريل/ نيسان 2022.
وشهدت باكستان خلال اليومين الماضيين "أعمال شغب" كبيرة بعد اعتقال خان الثلاثاء، ما أثار غضب أنصاره الذين خرجوا للاحتجاج، وتورطوا في أعمال شغب أدت إلى مقتل وإصابة العشرات، بينما تواصل قوات الأمن الباكستانية حملة اعتقال أنصار وقيادات حزب "حركة الإنصاف" الذي يتزعمه خان.
وأعلنت حكومة إقليم البنجاب أنّ الأوضاع، اليوم الخميس، بدأت تهدأ نسبياً في مختلف مناطق الإقليم، على الرغم من استمرار الاحتجاج في مدينة لاهور عاصمة الإقليم، لكن بوتيرة أقل. وقالت في بيان إنّ لاهور شهدت صباح اليوم أحداث شغب طفيفة؛ منها قيام المحتجين الغاضبين بإحراق سيارة للشرطة في المدينة، مضيفة أنّ الأوضاع هادئة نسبياً بشكل عام.
وأفاد البيان بأنّ الشرطة الباكستانية اعتقلت حتى الآن 1650 شخصاً في مناطق من إقليم البنجاب يشتبه بضلوعهم في أعمال العنف، مشيراً إلى أنّ 150 عنصراً من الأمن قد أُصيبوا بجروح مختلفة نتيجة هجمات المحتجين الغاضبين من أنصار خان. كما أحرق المتظاهرون حتى الآن 70 سيارة ومدرعة للأمن في الإقليم.
ولم تعلن الأقاليم الأخرى ولا الحكومة المركزية، حتى الآن، الخسائر جراء أعمال الشغب، غير أنّ هناك عشرات القتلى والمصابين من المحتجين ورجال الأمن، كما أحرق المتظاهرون الغاضبون عشرات السيارات الحكومية والخاصة، وأضرموا النيران في الممتلكات العامة، وفي المقار الحكومية والثكنات العسكرية، ما دفع الحكومة لطلب نشر قوات الجيش لإحلال الأمن.
وكان الجيش الباكستاني قد أعرب، أمس الأربعاء، عن غضبه الشديد حيال "أعمال الشغب" التي تشهدها باكستان، وكذا الهجوم على مقار الجيش وإحراق الممتلكات العامة والخاصة احتجاجاً على اعتقال رئيس الوزراء السابق.
وقال مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني، في بيان له، إنّ التاسع من شهر مايو/ أيار يُعتبر "يوماً أسود" في تاريخ باكستان، موضحاً أنّ اعتقال عمران خان كان وفق الدستور ومن قبل إدارة المحاسبة الوطنية.
كذلك، اتهم بيان الجيش شخصيات في حزب خان، لم يسمها، بأنها شجعت المواطنين على الهجوم على أماكن حساسة، مشيراً إلى أنّه "تم تحديد هويتهم وستجرى ملاحقتهم وفق المقتضيات القانونية".
وأوضح البيان أنّه "منذ أمس (الثلاثاء)، هناك محاولات لاستفزاز قوات الجيش من أجل إشعال فتيل حرب أهلية في البلاد، لكن قوات الجيش أفشلت تلك المحاولات"، مشيراً إلى أنّ "قوات الجيش تتعامل بشدة مع كل من يعبث بأمن واستقرار البلاد، ويحاول استهداف أماكن حساسة".
إلى ذلك، زعم رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، في خطاب له مساء الأربعاء، أنّ عمران خان أثبت عداءه للوطن والشعب، وأنه ارتكب جناية غير قابلة للعفو.
وأضاف شريف أنّ اعتقال خان جاء في قضية فساد، مشدداً على أنّ "الحكومة لا يمكن أن تتنازل عن أي قضية تتعلق بالفساد"، معتبراً أن حكومة عمران خان المقالة "فترة سوداء في تاريخ باكستان".
يُذكر أنّ الحكومة الباكستانية قد اعتقلت حتى الآن العشرات من قيادات حزب عمران خان، بينهم نائب زعيم الحزب ووزير الخارجية السابق شاه محمود قرشي، والأمين العام للحزب أسد عمر، وعدد كبير من الوزراء السابقين والنواب في البرلمانات الإقليمية والمركزية.
ومددت محكمة خاصة بمكتب المحاسبة الوطنية فترة الحبس الاحتياطي في حق عمران خان ثمانية أيام، على أن يُقدّم مرة أخرى أمام المحكمة في 17 مايو/ أيار الجاري.