نصر الله يرفض تدويل الأزمة اللبنانية واتهام "حزب الله" بالتورط في اغتيال لقمان سليم

16 فبراير 2021
جدّد نصر الله موقفه بوجوب إعلان نتائج التحقيق في انفجار مرفأ بيروت (فرانس برس)
+ الخط -

بدأ الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، كلمته مساء الثلاثاء في ذكرى "القادة الشهداء" بالملف اللبناني الداخلي قبل تطرّقه إلى القضايا الإقليمية.
وخصّص نصر الله المحور الأول من كلمته للردّ على مبادرة البطريرك الماروني، بشارة الراعي، من دون أن يسمّيه والمؤيدين لتوجّهه، بشأن "طرح قضية لبنان في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة"، محذراً وملوِّحاً بأنّ "أي كلام عن قرار دولي تحت الفصل السابع مرفوضٌ ومستغربٌ ويعدّ دعوةً الى الحرب، وغطاءً لاحتلالٍ جديدٍ، ويتنافى مع السيادة".
وشدد على رفض أي شكل من أشكال التدويل، "فهو مضرٌّ للبنان، وخطرٌ عليه، حاضراً ومستقبلاً، ويفتح الباب أمام مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين، وربما أمرٌ مشابه يرتبط باللاجئين السوريين (تصرّ السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين)، أو ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة"، واضعاً طرح فكرة التدويل في إطار "استقواء بعض اللبنانيين على بعضهم الآخر".
حكومياً، دعا نصر الله رئيس الوزراء المكلف، سعد الحريري، إلى إعادة النظر في تمسّكه بحكومة مؤلفة من 18 وزيراً، لما قد يشكل مدخلاً لمعالجات ممكنة أو معقولة تخرجنا من الطريق المسدود الذي وصل إليه تشكيل الحكومة، "كي لا يشعر أحد بأنه مستهدف".
وأكد الأمين العام لـ"حزب الله" أنه "من غير المنصف تحميل مسؤولية عدم تأليف الحكومة لرئيس الجمهورية (ميشال عون)"، قبل أن يضيف "يتفهم حزب الله مطالبات بعض الجهات بحقائب معينة ووجود قلق من حصول حزب واحد على الثلث المعطل، لكن ما لا يتفهّمه، هو إصرار الحريري على 18 وزيراً، فيما تعتقد بعض الشرائح أن في هذا الطرح محاولة لإلغائها، وبالتالي يمكن تكبيرها الى 20 أو 23 ولن تخرب الدنيا بذلك". 
وبات حجم الحكومة بمثابة تحدٍّ بين الحريري وعون، في ظلّ تمسك كل طرف بعدد الوزراء الذي يريده، وإصرارهما على عدم التراجع عن موقفهما. وفي السياق، عقد رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان، اليوم الثلاثاء، ما سماه "لقاء خلدة" ضمّ فعاليات وشخصيات من طائفة الموحدين الدروز، للضغط على حلفائه "حركة أمل" برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، و"حزب الله" للحفاظ على التمثيل الدرزي ورفض حكومة 18 وزيراً.
وقال نصر الله "الكل يتحمل المسؤولية، ويجب معالجة الأمر، فمصلحة الجميع أن تتشكل الحكومة، والكلام عن انتظار الاتفاق النووي لا قيمة له، ولا ينبغي أن ننتظر الخارج لتشكيلها، والضغوط تدفع البعض إلى التمسك بمواقفه".
وعرّج الأمين العام لحزب الله على ملفات أخرى، منها "تفاهم مار مخايل" بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، (وقّع في 6 فبراير/ شباط 2006)، مكرّراً صمود التفاهم واستمراريته، بعد مضي 15 عاماً عليه. وعبر عن انزعاجه من ملاحظات أشار إليها بيان "التيار الوطني الحر" بالمناسبة، معتبراً إياها سلبية، وتحديداً لناحية قوله إن التفاهم فشل في بناء الدولة، ويفضل مناقشتها داخلياً، على الطاولة، كونها تعطي مادة للمتربصين، والذين يحاولون إسقاط التفاهم وعملوا ويعملون على ذلك منذ توقيعه.

 

كذلك، جدّد نصر الله موقفه لناحية وجوب إعلان نتائج التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وردّ على الاتهامات التي تطاوله في الملف وغيره، وآخر تلك الاتهامات جريمة قتل الناشط اللبناني السياسي لقمان سليم، واتهام "حزب الله" بالوقوف وراء "الاغتيال". واعتبر أنّ "ما يجري ضد الحزب هو خارج الأعراف والشرائع والقواعد القانونية، ويتم التعامل معه على أساس أنه متهم وقاتل حتى تثبت براءته"، مكرراً اتهامه لوسائل إعلام محلية وخارجية بالمشاركة في "الاستهداف الممنهج والمدبّر ومدفوع الثمن ضد الحزب".
في المقابل، دعا نصر الله مناصري "حزب الله" إلى عدم المقابلة بالمثل في ما يتعلق بالسباب والشتائم، "فنحن أقوياء ولسنا محبطين، وهناك من يريد أن (يدفع) البلد الى الانفجار مستخدماً وسائل التواصل الاجتماعي لهذا الغرض".
إلى ذلك، يستعد الحريري للقيام بجولةٍ جديدة على بعض الدول العربية، يستهلها بزيارة الدوحة الأربعاء، إضافة الى الكويت، والعراق، في وقتٍ لاحقٍ، وسط تكتّمٍ شديدٍ على تأكيد الزيارات رسمياً. وكرِّر مصدرٌ قياديٌّ في "تيار المستقبل"، لدى سؤاله عن الموضوع، "القرار عند الرئيس سعد، وكل جولةٍ يقوم بها يُعلَن عنها فور حدوثها وبمجرّد وصوله الى الدولة المنوي زيارتها، حتى المُقرَّبين جداً الى الحريري لا يعلمون جدول برامجه السرّي جداً".
ويقول المصدر نفسه، لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم كشف اسمه، إنّ "الحريري يُثبِت من خلال جولاته أنه الوحيد القادر على التواصل مع الدول الغربية والعربية، والاجتماع على طاولة كبار القادة والرؤساء وليس فقط مستشارين أو سياسيين من الصف الثاني، بفعل الصداقة التي تربطه بهم، وموقعه السياسي"، في رسالةٍ يعتبر المصدر أنها أيضاً موجهة الى الرئيس اللبناني ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، بأنّه يملك مفتاح فكّ العزلة عن لبنان، وجلب المساعدات، بعكسهما. 
ولا يمرّ يوم من دون أن يتبادل فريقا رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف البيانات، والاتهامات بالتعطيل، وإضاعة الفرصة أمام لبنان بالنهوض من جديد، في حين ما يزال الحريري مصرّاً على حكومة من 18 وزيراً، تضمّ اختصاصيين وغير حزبيين، رافضاً إعطاء الثلث المعطل حكومياً للرئيس عون. ويواصل رئيس الجمهورية في المقابل نفي تمسكّه بالثلث، وتكرار التمسك بالدستور ونغمة الحفاظ على حقوق الطائفة المسيحية، والتمسك بحكومة عشرينية.

 

وتمنّى الحريري اليوم على النواب في كتلته النيابية "المستقبل"، و"الأخوة والأخوات في تيار المستقبل عدم الانجرار للسجال الكلامي رداً على الحملات التي تستهدفه".
من جهته، اعتبر "تكتل لبنان القوي" برئاسة باسيل، بعد اجتماعه الدوري اليوم الثلاثاء، أنّ "ما صدر عن الحريري من مواقف يشكل انتكاسة للميثاق الوطني وللشراكة السياسية المتوازنة"، مشدداً على أن "كل اتهام لرئيس الجمهورية بأنه يريد الثلث المعطل، مع أن حتى لا شيء يمنعه سوى فكرة حكومة الاختصاصيين هو اتهام باطل يتلطى وراءه من يريد ممارسة سياسة الإقصاء والعودة إلى زمن كان فيه رئيس الجمهورية الشريك المغبون والضعيف في سلم السلطة، وإن هذا الزمن ولّى إلى غير رجعة".