خطاب قاسم بمناسبة مرور 40 يوماً على اغتيال حسن نصر الله
قاسم: منذ 2006 وعدوان تموز والوعد الصادق نستعدّ بكل الأشكال
أمين عام حزب الله: مهما مرّ الوقت سنبقى صامدين، واقفين، مستعدين
قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، اليوم الأربعاء، إن لبنان يواجه "حرباً إسرائيلية عدوانية بدأت منذ شهر و10 أيام تقريباً، كانت بعد حرب الإسناد التي نشأت بعد طوفان الأقصى الذي أوجد مساراً منذ سنة يختلف عن الواقع الذي كانت فيه المنطقة والكيان الإسرائيلي". وأضاف: "وصلنا الآن إلى حرب إسرائيلية عدوانية على لبنان منذ شهر و10 أيام، ولم يعد مهماً كيف بدأت الحرب وما هي الذرائع التي سبّبتها، فالمهم أننا أمام عدوان إسرائيلي".
وتابع قاسم، في كلمة له بمناسبة مرور 40 يوماً على استشهاد الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله: "يقول بنيامين نتنياهو (رئيس حكومة الاحتلال)، إنه لا يحدد موعداً لنهاية الحرب، لكنه يضع أهدافاً واضحة للانتصار فيها، وأهدافه عبّر عنها خلال لقائه الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين وخطابه للناس، بالقول إننا نغيّر وجه الشرق الأوسط، إذاً هو أمام مشروع كبير جداً يتخطى غزة وفلسطين ولبنان إلى الشرق الأوسط"، مشيراً إلى أنّ "خطوات هذا المشروع من خلال الحرب على لبنان هي إنهاء وجود حزب الله، واحتلال لبنان، ولو عن بعد في الجو والتهديد، وجعل لبنان شبيهاً بالضفة الغربية، والعمل على خريطة الشرق الأوسط، وبدأ بحربه على لبنان لينجز الخطوة الأولى".
وأشار نعيم قاسم: "منذ عام 2006 وعدوان تموز والوعد الصادق نستعدّ بكل أشكال الاستعداد تدريباً وتسليحاً وعديداً وإمكانات في المجالات المختلفة، لأننا نتوقع هذه النتيجة التي وصلنا إليها. كنا نتوقع أن تحصل الحرب في يوم من الأيام، لذلك استعدّينا، ونحن اليوم بحالة دفاعية لمواجهة العدوان والأهداف التوسعية التي أرادها الاحتلال".
وتابع: "توقع العدو أن ينهي المرحلة الأولى بعملية البيجر واللاسلكي واغتيال القيادات، وعلى رأسهم الأمين العام السيد حسن نصر الله، وهذا ما يمكن أن يسهل عليه أن يجتاح لبنان، ولذلك أحضر 5 فرق على الحدود مؤلفة من 65 ألف من الجنود والضباط، على قاعدة أن يدخلوا إلى لبنان بعد أن فقد لبنان، بحسب اعتقاده، قيادة المقاومة وارتبك بهذا العمل الكبير على المستوى الأمني، لكنه لم يلتفت ولم يعرف أنه يواجه حزباً ومقاومة لديها ثلاثة عوامل قوة أساسية".
وقال قاسم: "عامل القوة الأول، المقاومون والحزب يحملون عقيدة إسلامية صلبة وراسخة تجعلهم يقفون مع الحق والثبات والتحرير والاستقلال والعزة والكرامة بشكل لا يمكن أن يزعزعه شيء، والثاني هو أن المقاومين في هذا الحزب أعاروا جماجمهم لله...، ويعرفون أن نجاحهم في الدنيا قبل الآخرة أن يكونوا مقاومين في مواجهة الاحتلال. أما العامل الثالث فهو الاستعدادات التي هيّأناها من إمكانات وسلاح وقدرات وتدريب، وبالتالي أصبحنا أمام ثلاثة عوامل قوة تعطي مقومات الحياة العزيزة".
في المقابل، قال قاسم إن "عوامل القوة عند الإسرائيلي هي الإبادة، وقتل المدنيين، والظلم والاحتلال، والتصرّف بوحشية، وهذا ما نراه في غزة ولبنان، وكذلك لديه قدرة جوية استثنائية، وبالتالي هو يتحكّم بالجو ولديه شبكة الاتصالات أيضاً، وهذا يعطيه قوّة مهمة، خاصة أن هذه القدرة مرتبطة أيضاً بمددٍ لا نهاية له من قبل أميركا الشيطان الأكبر الذي يعطي الإسرائيلي كلّ ما يريد بعشرات المليارات من التسلّح والإمكانات والدعم، فضلاً عن حضور السفن والطائرات والخبرات، وكل شيء من قبل أميركا لمصلحة إسرائيل".
وتابع: "عامل القوة الثالث هو إحضار 5 فرق على الحدود، بحيث إن هذا الجيش بهذا العديد يفترض أن يقدم نتيجة كبيرة جداً، فلاحظنا أن عنصر القوة الذي ينتفع به هو الطائرات، أما عنصرا الجيش والقتل والإجرام فهما سلبيان تماماً، لأن الإجرام والإبادة لهما انعكاسات على مستقبل الكيان الإسرائيلي. أما الجيش فنراه يقف على الحدود ولا يستطيع الاقتراب، هم أرادوا على أساس المناورة معرفة مدى التقدم وهذا كذبٌ، لكنه وجد أن مستوى المواجهة كان كبيراً جداً، وهو يخشى من الالتحام، لذا اقتصر إلى الآن على هذه الجبهة الأمامية، وهو يعلن أنه لم يعد لديه أهداف إضافية، لأنه واجه مقاومة صلبة".
كذلك، قال نعيم قاسم إنّ "قناعتنا أن أمراً واحداً فقط يوقف الحرب العدوانية، وهو الميدان بقسميه، مواجهة المقاومين للجيش الإسرائيلي على الحدود، والثاني هو الجبهة الداخلية، وأن تصل إليها الصواريخ والطائرات حتى تدفع ثمناً حقيقياً وتعلم أن هذه الحرب ليست حرباً قابلة لأن ينجح فيها الإسرائيلي". وتابع: "بالنسبة إلى الحدود يوجد لدينا عشرات الآلاف من المجاهدين المقاومين المدربين الذين يستطيعون المواجهة والثبات، والإمكانات متوفرة، سواء في المخازن أو أماكن التموضع، وكذلك بطرقٍ متعددة، وهي قابلة لأن تمدنا لفترة طويلة".
وبالنسبة إلى الجبهة الداخلية، قال نعيم قاسم "ستصرخ إسرائيل من الصواريخ والطائرات، وبالتالي لا يوجد مكان في الكيان الإسرائيلي ممنوع على الطائرات أو الصواريخ، والأيام آتية والأيام الماضية كانت نموذجاً، والذي سيحصل سيكون أكثر فأكثر، فنحن لن نبني توقع وقف العدوان على حراك سياسي، ولن نستجدي لإيقاف العدوان، وسنجعل العدو هو الذي يسعى إلى المطالبة بوقف العدوان".
وبيّن أن حسن نصر الله "بنى حزباً يجمع شرائح المجتمع كلها، وهو حزب الكبار والصغار والأحرار والشرفاء والمثقفين والعاملين"، مضيفا أنه "بنى حزباً يقاوم في مواجهة العدو، ويعمل لبناء الوطن بمؤسساته في الواقع السياسي الداخلي"، مشيراً إلى أن حزب الله له "هيكلية منظمة وامتداد في كل الميادين الثقافية والسياسية والجهادية والتربوية والاستشفائية". وأضاف "كل العوامل الأخرى مع اندفاعة نتنياهو واعتقاده بأنه يمكنه تحقيق شيئاً لا تنفع، ونحن لا نبني على الانتخابات الأميركية ولا قيمة لها بالنسبة إلينا، ولا نعوّل على الحراك السياسي العام، ولا على أن نتنياهو اكتفى ببعض المكتسبات، بل نعوّل على الميدان وسنجعله يدرك تماماً أنه في الميدان خاسر وليس رابحاً، وهذه الخسارة ستمنعه من تحقيق أهدافه، وبالنسبة إلى حزب الله والمقاومة فخيارنا الحصري هو منع الاحتلال من تحقيق أهدافه. إلى الآن، على الجبهة الأمامية لم يتمكن من تحقيق ما يريد، وكذلك بالاعتداء على الناس ومحاولة التهجير والنزوح ليضغط من خلال الناس علينا لم ينجح أيضاً، فهؤلاء الناس يعشقون المقاومة".
وتابع قاسم: "قوة المقامة بقوة استمرارها رغم الفوارق في الإمكانات العسكرية، وبقوة الإرادة والمواجهة". وحول النتيجة، قال: "ليس في قاموسنا إلّا الرأس المرفوع والانتصار للمقاومة، مع المقاومين الشرفاء الأبطال الذين سجدوا لله ولن يسجدوا لأحد على الإطلاق في هذا العالم، والاستشهاديين الذين باعوا جماجمهم وأنفسهم لله، لا يمكن إلا أن ينتصروا، وهؤلاء سيبقون في الميدان".
وتابع "الثمن الغالي من الدماء والشهداء وصمود المقاومة والناس. هذا ثمن لا بدّ من دفعه من أجل أن نصل إلى الانتصار، وتأكدوا على عظمته، هو أقل من ثمن الاستسلام والخضوع. ليس في قاموسنا إلا استمرار المقاومة كبيرنا وصغيرنا"، مشدداً على أنّه "ليس في قاموسنا إلّا الصبر والتحمّل والبقاء في الميدان حتى النصر، ولا يمكن أن نهزم، والحق معنا والأرض لنا والله معنا"، مؤكداً أنّ "نتنياهو لا يمكن أن يفوز، ونحن متأكدون أنه سينهزم". وقال: "عندما يقرّر العدو وقف العدوان، فهناك طريق للمفاوضات حدّدناه بشكل واضح، التفاوض غير المباشر عبر الدولة اللبنانية، ورئيس البرلمان نبيه بري الذي يحمل راية المقاومة السياسية التي تؤدي إلى مكانة لبنان وإلى وقف العدوان، وأساس أي تفاوض يبنى على أمرين، أولاً وقف العدوان، وثانياً السقف للتفاوض هو حماية السيادة اللبنانية بشكل كامل وغير منقوص".
وعرّج نعيم قاسم على حادثة البترون، وقال: "أن يدخل الإسرائيلي بهذه الطريقة، فهذا أمرٌ فيه إساءة كبيرة للبنان، وفيه انتهاك لسيادة لبنان وعلامات استفهام كثيرة. أنا لن أتهم اليوم، لكن أطالب الجيش اللبناني المعني بحماية الحدود البحرية أن يصدر موقفاً وبياناً يبيّن لماذا حصل هذا الخرق، حتى لو قال كنت عاجزاً وغير قادر، عليه أن يفصح عن السبب، وأيضاً فليسأل اليونيفيل، وخاصة الألمان، ما الذي رأوه في تلك الليلة، وما الذي فعلوه ويطلع الناس عليه. أنا أطالب الجيش اللبناني بأن يعلن موقفه وطبيعة الحدث، وما هو دور اليونيفيل حتى يطّلع الناس".
وتابع نعيم قاسم كلمته بالقول: "لبنان بموقع قوي بمقاومته، بشعبه، بجيشه، لكنه يتألّم، ولكن اعلموا أنّنا نؤلمهم كما يؤلموننا، الآن تقول لي هناك فرق، نحن نتألم أكثر، صحيح، لأنّ المقاومة تصنع مستقبلاً، هناك سيادة، هناك استقلال أمام هذه المواجهة الخطرة، ولكن هم أيضاً شاهدوا خسائرهم، شاهدوا جيشهم على الحدود، خلال هذه الفترة البسيطة أربعين يوماً أكثر من ألف جندي وضابط بين قتيل وجريح، وهم غير معترفين بالعدد الصحيح، أكثر من خمسة وأربعين دبابة ميركافا ضُربت، يتقدمون على بعض القرى ومن ثمّ ينسحبون للوراء، المستوطنون يقولون إنّ هناك ستين - سبعين ألف أخلوا المستوطنات، الآن كم مستوطن أخلى، يُضرب صاروخ فيقال هذا الصاروخ أنزل مائة وعشرين ألفا إلى الملاجئ، هذه الطائرة المسيرة أنزلت ثمانمائة ألف على امتداد الشمال، هذا الصاروخ الذي وصل إلى تل أبيب أنزل مليونين، ما هذا؟ هذا كله هزائم، وبالتالي هذا ألم، فضلًا عن أنّ حياتهم "مخربطة"، عندهم مشكلة اقتصادية، لم يستطيعوا أن يحققوا أي إنجاز من الإنجازات التي قالوها، صورتهم في العالم صورة سيئة جداً، متى كنا نشاهد مظاهرات تحصل في العالم وفي أميركا تُطالب بالقضية الفلسطينية، والآن تُطالب بحق لبنان؟".
وختم نعيم قاسم بالقول: "النصر لنا، إذا كانوا يراهنون أنهم يطيلون الحرب وتصبح حرب استنزاف، على مهلكم، نحن حاضرون، مهما مرّ الوقت سنبقى صامدين، واقفين، مستعدين، نُواجهكم، لن تنتصروا ولو طال الزمن (...) هيهات منّا الذلة، رأيتم تجارب كثيرة، هذا زمن الانتصارات، ولى زمن الهزائم وسننتصر، ولو بعد حين".