منذ أسابيع ينبه الاتحاد العام التونسي للشغل من استفحال الأزمة في البلاد ويدعو إلى الإسراع بالحوار قبل نفاد الوقت. والأسبوع الماضي، حذر أمينه العام، نور الدين الطبوبي، من دخول البلاد نفقاً خطيراً، قائلاً في مؤتمر نقابي جنوبي البلاد إنه "على من يحكم وطرح على نفسه وضع كل السلط بيديه تحمل مسؤوليته"، منبهاً من أن "الاتحاد لن يبقى يشاهد البلاد تتوجه نحو الهاوية".
لكن الوقت في تونس نفد بالفعل، ولم يعد بالإمكان الانتظار أكثر. وجاء تراجع تصنيف تونس مرة أخرى من قبل وكالة "فيتش" ليؤكد أن البلاد مقبلة على مرحلة صعبة للغاية بدأت ملامحها تظهر من خلال زيادة الأسعار واختفاء سلع أساسية من الأسواق، بالإضافة إلى ضرب صورة البلاد دولياً، سياسياً واقتصادياً.
وأمس الأحد، جاء بيان وزارة الخارجية الأميركية في رسالة التهنئة بمناسبة العيد الوطني ليؤكد "دعم الولايات المتحدة تطلّعات الشعب التونسي إلى حكومة ديمقراطية فعّالة تستجيب لحاجاته وتحمي حقوق الإنسان العالمية وتبسط الأمن وتنمّي الفرص الاقتصادية''، ما يعني أنها لا ترى هذه المواصفات في الحكومة الحالية.
البيان قال أيضاً "نستحضر هنا الدور التاريخي للمجتمع المدني التونسي الذي نال جائزة نوبل للسلام لعام 2015 بفضل إسهامه في بناء ديمقراطية تعدّدية، ما يدل على الطابع الحقيقي للشعب التونسي". ويحمل ذلك إشارة مباشرة لاتحاد الشغل وبقية المنظمات، ورسالة دعم دولية مهمة لها لقيادة حوار وطني، وقد سبقتها رسالات دعم مماثلة من سفراء دول أوروبية عديدة أخرى خلال الأسابيع الماضية.
والجميع اليوم في تونس بدأ يستشعر خطر الانتظار أكثر وإطالة عمر الأزمة، خصوصاً أنه لم يعد متاحاً حقيقة إنجاز أي انفراج في الأزمة السياسية، فضلاً عن الاقتصادية والاجتماعية، وسيكون تقييم الرئيس قيس سعيّد لاستشارته الإلكترونية محدداً لرؤيته للمرحلة المقبلة.
وإن كان سيقرّ بفشلها وضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار، أو المرور بقوة كالعادة والذهاب إلى مواجهة معارضيه في الداخل وتجاهل مجتمع دولي تيقّن من فشل مقولة الدعم الشعبي التي كان يلوّح بها، ولكن هذا الدعم في المقابل كان حاضراً بقوة أمس الأحد في تظاهرة "مواطنون ضد الانقلاب" قبالة البرلمان.
لم يفتر ولم يتراجع الدعم لـ"مواطنون ضد الانقلاب" على الرغم من الأشهر الطويلة من التضييق والاستفزاز. لكن اليوم على اتحاد الشغل وكل المنظمات والفاعلين أن يعوا بأن الوقت نفد وأنه لم يعد هناك مجال للحسابات، وعليهم فرض حوار على الجميع ينقذ البلاد من حالها المتردي.