رغم مضي روسيا في غزوها لأوكرانيا، يتمسك المستشار الاشتراكي الأسبق غيرهارد شرودر بصداقته مع الرئيس فلاديمير بوتين، وعلاقاته النفعية مع الشركات في موسكو، وهو الذي يتبوأ رئاسة مجلس الإشراف في شركة الطاقة الروسية روسنفت، ولديه أيضاً مناصب إدارية في مشروعي خطوط نورد ستريم، ومن المقرر أن يتولى عضوية مجلس الرقابة في غازبروم. هذه العلاقة الوثيقة بين شرودر ونظام بوتين باتت مستفزة للمجتمع الألماني وحزبه الاشتراكي، سيما وأن القصف والقتل والتشريد على أشده في أوكرانيا.
الأبرز، تجسّد أمس الثلاثاء، مع إعلان معاوني المستشارالأسبق مغادرتهم لمناصبهم الوظيفية، حيث أعلن مدير مكتبه وكاتب خطاباته إلبريشت فونك عن إنهاء العمل مع شرودر بعد ما رافقه لمدة 20 عاماً، وذكرت العديد من التقارير الإعلامية الألمانية أن ثلاثة موظفين آخرين حذوا حذو فونك.
وأفادت البوابة الإخبارية "بايونير" أن هناك خلافات في وجهات النظر بين شرودر ومدير مكتبه فونك، وطالبه الأخير بأن ينأى بنفسه وبسرعة عن الرئيس الروسي بوتين. كذلك، سحب نادي بروسيا دورتموند الألماني لكرة القدم العضوية الفخرية من المستشار شرودر، وتم إبلاغه بالأمر، فيما يخطط نادي هانوفرالذي ينتمي إليه المستشار، كما الاتحاد الألماني لكرة القدم لاتخاذ إجراءات ضد الأخير.
وفي مقر الحزب في ليبراندت هاوس، تسبب شرودر بإحراج لقيادة الحزب العريق ويفكر الجميع في كيفية التعامل معه، فالرئيس المشارك للحزب لارس كلينغبايل يجد صعوبة في مقاربة الوضع، وهو الذي بدأ حياته السياسية في الدائرة الانتخابية لشرودر، وهما صديقان منذ سنوات عديدة.
وفي غضون ذلك، تبرز شبكة أيه آر دي الإخبارية أن هناك مشاورات مع المقربين من شرودر، والأخير ما زال مصراً على موقفه.
وكان كلينغبايل كتب منشوراً على صفحته على فيسبوك قال فيه إنه يتوقع من شرودر سلوكاً واضحاً في هذه الأيام، ومن أنه يتعامل مع دعاة حرب مثل بوتين، وحان الوقت لإنهاء العلاقات التجارية معه، فيما قالت الزعيمة المشاركة للحزب، في لقائها مع "أن تي في" الإخبارية، إنها حثت وكلينغبايل المستشار شرودر على التخلي عن مناصبه لأن بقاءه سيضر بسمعة ألمانيا.
وفي السياق نفسه، تساءلت شبكة دبليو دي آر: "هل هي الشيخوخة أم الجشع أم الثقة المفرطة؟ ورأت أن ذلك غير واضح فعندما يتعلق الأمر بعلاقات شرودر التجارية بروسيا وعلاقته بشخص بوتين يبقى شرودر صامتاً. وأشارت الصحيفة إلى أن هناك غضباً داخل القاعدة الحزبية للاشتراكي الديمقراطي، إذ تفيد التصريحات أن شرودر لديه مسؤولية حتى ولو أنه مستشار خارج الخدمة.
وفي السياق نفسه، بينت الشبكة عن عضو الحزب في مدينة بوخوم رودي مالتزان، أن هذا الرجل لا ينتمي إلى الاشتراكي الديمقراطي، لا يمكننا أن نتحمل كل هذه الأفعال، إنه رجل غني بما يكفي. أما زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية برلين كاي فيغنر، فوصف شرودر بأنه "وصمة عار لألمانيا، ولقد باع روحه".
بالإضافة إلى ذلك، أفادت التعليقات بأن المستشار السابق، أصبح الآن منعزلاً إلى حد كبير سياسياً واجتماعياً، ويكاد يكون شخصاً غير مرغوب فيه.
من جهة ثانية ، تريد جمعيات حزبية أخرى اتخاذ إجراءات ومعاقبة المستشارالأسبق لأن شرودر لم يضرّ بالاشتراكي الديمقراطي وحسب، بل أيضاً بالسلام في أوروبا، وكل الأمل باتخاذ تدابير تنظيمية وفورية بحقه ومطالبات لكتلة الحزب في البوندستاغ لمناقشة قضيته وحثه على العمل بتوجهات الحزب. وهنا يدور الحديث عن أنه يجب أن تقدم الجمعية الحزبية التي ينتمي إليها لاتخاذ إجراء تنظيمي ضده، إلا أن الأمر قد يستغرق سنوات دون تحقيق أي نتيجة.
وفي سياق متصل، من المقرر أن ينعقد المجلس التنفيذي عبر الانترنت، ويمكن اتخاذ قرار بحق شرودر مع كثير من الأمل بأنه سينصاع.
ويذهب السياسي في "الاشتراكي" يان بولبيكر، لشبكة أيه آر دي، إلى أن شرودر يتعرض للكثير من الضغوط من قبل جميع الرفاق خصوصاً من زعيمي الحزب ساسكيا أسكن ولارس كلينغبايل، وسيكون من الأفضل له الانصياع لما يقوله حزبه. وأضاف بولبيكر، أنه إذا ما استمر شرودر في تجاهل إرادة حزبه فالأمور تسير باتجاه تأييد إجراءات فورية سريعة ضده، تعتقد "دي تسايت" أن تتراوح بين التوبيخ والاستبعاد الذي يمكن أن تطول إجراءاته.
وينص النظام الأساسي للاشتراكي الديمقراطي، أنه يمكن للسلطة التنفيذية للحزب اتخاذ قرار بشأن التدابير الفورية في الحالات التي يتسبب فيها العضو بضرر جسيم للحزب أو ينتهك بشكل كبير مبادىء الحزب، ويجوز للمجلس التنفيذي للمنطقة تعليق كل الحقوق الفردية من العضوية لمدة أقصاها ثلاثة أشهر.