لم يحسم عددٌ كبيرٌ من النواب اللبنانيين قرارهم بعد بشأن الشخصية المُراد تكليفها بتشكيل الحكومة الـ78 في تاريخ البلاد، والخامسة في عهد الرئيس ميشال عون، رغم الساعات القليلة التي تفصلهم عن موعد الاستشارات الملزمة التي تنطلق صباح غدٍ في قصر بعبدا الجمهوري.
بيد أن إعلان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، اليوم الأربعاء، عدم تسميته أحدا أطفأ معركة كانت متوقعة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والسفير الأسبق نواف سلام، الخاسر بهذه الخطوة لـ19 صوتاً، ما ساهم في تقدم مريح لميقاتي الذي يحظى بتأييد منتظر من "حزب الله" و"أمل"، برئاسة نبيه بري، رغم تريثها بالإعلان رسمياً عن اسم مرشحها.
وارتفعت اسهم سلام الذي برز اسمه إبان "انتفاضة 17 تشرين" بحيث كان مطلب قسمٍ كبيرٍ من الشارع اللبناني بعد إعلان حزب الكتائب اللبنانية، برئاسة النائب سامي الجميل (4 نواب)، والحزب التقدمي الاشتراكي، برئاسة وليد جنبلاط (8 نواب)، دعمهما له، إلى جانب تأييد مُنتظر من نواب تغييريين، رغم انقسامات تسود صفوفهم، فلا ينضون في كتلة واحدة بشكل رسمي، لكن موقف جعجع الذي اختلف فيه مع جنبلاط، مع اعلانهما مقاربتهما الموحدة للملف، صبّ في صالح ميقاتي الذي يضمن أكثر من 50 صوتاً، ويحظى حتى اللحظة بتأييد غير معلن من قبل "حركة أمل" (15 نائباً)، و"حزب الله" (15 نائباً) بالدرجة الأولى، إضافة إلى حليفهما "تيار المردة"، برئاسة سليمان فرنجية (3 نواب)، وكتلة نواب الأرمن (3 نواب)، وعدد من النواب المستقلين، وقدامى "تيار المستقبل" برئاسة سعد الحريري.
ولن يحظى ميقاتي بأصوات "تكتل لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل (17 نائباً)، لخلافات تتعلق بالحصص الوزارية، علماً أن الأخير لم يعلن بعد عن موقف نهائي رسمي، ما يترك الباب مفتوحاً له أمام "المقايضة" ومحاولة فرض شروطه لتسمية ميقاتي، خصوصاً أنه بعدم التصويت له يفقد الأخير بدعة "الميثاقية المسيحية" ما يطرح علامات استفهام حول قبوله التكليف في حال فوزه للمرة الرابعة، علماً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي، الذي كلف في 26 يوليو/تموز الماضي بـ72 صوتاً، لم يحظَ حينها بأصوات الحزبَيْن المسيحيَيْن الأكبر برلمانياً، لكنه كان يتذرع بتولي المهمة بالأساس لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
وتقول أوساط ميقاتي لـ"العربي الجديد"، إن كل الاحتمالات واردة، والقرار يتخذ على ضوء النتائج غداً، لكنها تتوقف أيضاً عند "الميثاقية المسيحية". بالتأكيد سيحصل ميقاتي غداً على أكثرية الأصوات السُنية.
وأعلن جعجع، اليوم، أن تكتله "الجمهورية القوية" (19 نائباً)، لن يسمي أحداً لرئاسة الحكومة، وقال: "كنّا من أوائل من سمّى نواف سلام ولكن لم نلمس جديّة لديه بتحمّل المسؤولية فكيف تنتظرون من تكتل أن يخوض معركته لرئاسة الحكومة ولا يعرفه؟".
كما أشار إلى أنه "لن نسمي ميقاتي لأنه مع تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهذا النوع من الحكومات يجهّل الفاعل ويؤدي إلى شلل في السلطة التنفيذية".
وقال جعجع: "لا نأمل خيراً في ظل وجود رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا، باعتبار أن من سيكلف تشكيل الحكومة إما سيعرقله أو سيفرض عليه حكومة على ذوقه، وبالتالي الاستحقاق الجدي الأول سيكون الانتخابات الرئاسية والتغيير يجب أن يبدأ منها".
وضمن المواقف الصادرة اليوم، إشارة كتلة رئيس البرلمان نبيه بري، "التنمية والتحرير"، إلى أنها سوف تعلن عن اسم مرشحها لتشكيل الحكومة غداً، بعد لقائها الرئيس ميشال عون في الموعد المحدد لها بعد الظهر.
وأملت الكتلة بعد اجتماعها اليوم أن تفضي الاستشارات إلى إنجاز حكومة وطنية جامعة قادرة على مجابهة التحديات التي تثقل كاهل اللبنانيين ولا سيما اقتصادياً وصحياً ومالياً، وأن تراعي الحكومة في التكليف، كما في التأليف، التوازن الوطني والروحي الدقيق الذي لا يحتمل العبث والاستفزاز السياسيين.
وقالت في بيان تلاه النائب قاسم هاشم: "الجميع مدعو في هذه اللحظة الوطنية الدقيقة إلى تقديم ما يجمع بين اللبنانيين ونبذ ما يفرّق بينهم وإلى الابتعاد عن سياسة هدر الوقت الذي لم يعد أحد يملك ترف التصرف به خدمة لمصالح شخصية على حساب المصالح الوطنية العليا"، مشددة على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة.
وتشكلت اليوم "الكتلة السيادية المستقلة"، التي تضم النواب ميشال معوض، أشرف ريفي، أديب عبد المسيح، وفؤاد مخزومي، التي أعلنت عدم تسميتها لأي مرشح من المنظومة، وتحديداً ميقاتي.