هجوم أنقرة المسلح: رسائل سياسية متعددة الأبعاد

24 أكتوبر 2024
تعزيز الإجراءات الأمنية في محيط شركة توساش بأنقرة، 23 أكتوبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

أسفر هجوم أنقرة المسلح الذي استهدف مركز الصناعات العسكرية الجوية والفضائية التركية في العاصمة التركية، أمس الأربعاء، عن مقتل 5 أشخاص وجرح آخرين، والقضاء على منفذي الهجوم ما يطرح تساؤلات حول خلفيات الهجوم وتوقيته، بعدما تحدث وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا عن أدلة قوية تشير إلى أن "حزب العمال الكردستاني" هو من يقف وراء الهجوم.

وجاء هجوم أنقرة بعد يوم واحد فقط من كلمة غير مسبوقة وجهها زعيم حزب الحركة القومية (يميني متشدد) دولت باهتشلي لزعيم "حزب العمال الكردستاني" المحكوم عليه بالسجن المؤبد عبد الله أوجلان، لدعوة مسلحي الحزب لترك السلاح مقابل الحصول على العفو، وبالتالي قضاء ما تبقى من عمره خارج السجن. كما أنه يأتي في اليوم الذي التقى فيه النائب البرلماني عن حزب "ديم" الكردي عمر أوجلان عمه زعيم "الكردستاني" في سجنه بتركيا بعد نحو 4 سنوات من العزل ومنع اللقاءات العائلية، وبالتالي فإن أول السيناريوهات التي تحدثت عن أهداف هجوم أنقرة تتمثل في وجود محاولات لضرب مرحلة الانفتاح الجديدة من الحكومة على الأحزاب الكردية، والدعوات لتأسيس السلام في البلاد.

وذهب المراقبون إلى وجود خلافات داخل "حزب العمال الكردستاني" بين الزعيم أوجلان المعتقل الذي صدرت عنه تصريحات إيجابية وفق ابن أخيه، وبين قيادة الحزب في جبال قنديل التي رغم معرفتها بحساسية المرحلة سمحت بحصول هذا الهجوم أو أعطت التعليمات لتنفيذه، خاصة أن حزب "ديم" رحب بمرحلة السلام الجديدة، وانتقد في الوقت نفسه الهجوم واصفاً إياه بأنه "تحريض".

وعقب الهجوم أمس، قال رئيس الكتلة النيابية لحزب "ديم"، سيزاي تيميلي، خلال جلسة برلمانية إنه حزين للغاية بعد الهجوم وتمنى الرحمة لمن فقدوا أرواحهم والشفاء العاجل للجرحى. وأضاف أنه "لا ينبغي النظر إلى هذا الحادث في هذا السياق فقط، لقد كان هناك نقاش مهم للغاية يدور في البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتستجيب معظم هذه المناقشات لتوقعات المجتمع التركي، نحاول التخلص من الحرب والعنف والقتل منذ فترة طويلة، ونحن نواجه مثل هذا الحدث، وبالتالي التوقيت مهم، الاستفزاز واضح من جميع الأطراف، علينا الرد بعناد وإصرار لتحقيق تطلعات الشعب في التعايش السلمي".

وزير الدفاع: هجوم أنقرة ليس صدفة

من ناحيته قال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في كلمة له اليوم الخميس: "الهجوم ليس صدفة، نعرف جيداً نوايا التنظيمات الإرهابية التي هي مجرد أدوات، تركيا لم ترضخ قط لأي تهديد". وفي تعليقه على هجوم أنقرة قال الكاتب والإعلامي أحمد هاكان: "في الوقت الذي جرى الحديث فيه كثيراً، ولم يحصل شيء بعد، وفي وقت مناقشة دعوة باهتشلي، واللقاء بين أوجلان وابن أخيه، وعندما لاح أمل وخطت أول خطوة للسلام، وفي هذا التوقيت جرى تنفيذ الهجوم على فخر تركيا وسالت الدماء".

وأضاف "من نتائج هذا الهجوم زيادة عنف الإرهابيين، وتعرض قياداتهم للتشويش، فأرسلوا رسائل مليئة بالدم، لا يريدون لتركيا أن تكون جزيرة سلام في المنطقة، فتحركوا بغدر، الكل مشتبه به بما فيهم إسرائيل وأميركا، وطالما الأمر هكذا نقول للرئيس رجب طيب أردوغان وباهتشلي واصلوا طريقكم، نقول لزعيم الشعب الجمهوري أوزغور أوزال وحزب ديم تابعوا طريقكم (نحو السلام)".

وأوضح "باهتشلي زعيم القوميين بتركيا، وكان ينعت أوجلان برأس الإرهابيين ويلعنه، ورغم ذلك دعاه للبرلمان والحديث، وهي نقطة الوصول إليها ليس سهلاً، لكنه وصل لها من أجل البلاد فكبت موقفه وغيره، ومن يرغب بالدخول ليخرب الأمر يجب أن يلقى في سلة المهملات، وطالما أن أوجلان حالياً ضمن نطاق الخط فمهما كانت معارضة قنديل كبيرة فإنها ستذوب أمام الإرادة الحالية وهو ما يحرر حزب ديم الكردي".

من ناحيته، كتب الكاتب الصحافي، أوكان مدرس أوغلو، في جريدة "صباح": "هذا الهجوم واضح أن من نفذه محترف ويأتي بعد فترة من البحث والترتيب، ويمكن الحديث عن وجود الرئيس أردوغان في قمة بريكس بروسيا، وبالتالي استهداف الصناعات الدفاعية ليس مصادفة، والنقطة الثالثة هي المكانة التي وصلت إليها الصناعات الدفاعية في البلاد".

وأكمل "المعطيات التي لدينا تظهر أن هناك من حرك حزب العمال الكردستاني من أجل هذا الفعل، من أجل تغيير قواعد اللعبة، من خلال استهداف الصناعات الدفاعية، فمن جهة هناك خطط إسرائيل، وهناك التعاون مع منظمة بريكس، وأيضاً مساعي حل مشكلة الإرهاب في البلاد، فهناك محاولات لضرب هذه، حيث تسعى تركيا لبداية جديدة ويمكن إطالة اللائحة".

كما استعرضت صحيفة "صباح" إنجازات شركة توساش، التي تعرضت للهجوم، فخلال عامين حققت نجاحات كثيرة في تصنيع المسيرات، وأهمها مسيرات "العنقاء"، وتطوير مقاتلة "قان" من الجيل الخامس، وطائرات "حر جيت"، فضلاً عن مروحيات "غوك بي".

بدوره، قال مدير الأمن السابق، حيدر أوزدمير، لقناة "سي أن أن تورك": "واضح أن المهاجم مدرب بشكل جيد من خلال طريقة حمله السلاح والوضعيات التي أخذها، وواضح من عملية التفجير الانتحاري أنه ليس هناك أي هدف محدد سوى أن يكون هناك صدى كبير للعمل. الهدف من الإجراء واضح، يبدو أنه جرى لإثارة ضجة ولإعلانه للعالم، وجرى تحديد التوقيت وفقاً لذلك، وجرى تحديد الموقع قياساً لذلك". وفي المجمل، أجمعت التحليلات على أن الهدف من هجوم أنقرة هو ضرب مرحلة السلام الجديدة في البلاد عبر هذا العمل، وأيضاً استهداف الصناعات الدفاعية، وكذلك موقف تركيا مما يجري في قطاع غزة ومخططات إسرائيل، واستهداف الصناعات الدفاعية التركية رفيعة المستوى.