هجوم شرقي قناة السويس: محاولة للتشويش على نجاحات الجيش المصري

09 مايو 2022
جندي مصري يحرس قناة السويس (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

شكّل هجوم تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، على كمين للجيش المصري شرقي قناة السويس في محافظة شمال سيناء، مساء أول من أمس السبت، ما أوقع 11 قتيلاً في صفوف العسكريين، بحسب الحصيلة الرسمية، مفاجأة في كل تفاصيله، ولا سيما لناحية طبيعة عمل هذا الكمين والمرفق الذي يحميه.

وفاجأ الهجوم المنظومة الأمنية المصرية، في ظل الهدوء الأمني السائد في المحافظة منذ شهور، وتحقيق الجيش و"اتحاد قبائل سيناء" إنجازات عسكرية ملموسة على أرض الواقع، ليأتي هذا الهجوم ويعيد المشهد الأمني سنوات للوراء.

وهاجم مسلحون من تنظيم "ولاية سيناء"، مساء أول من أمس، كمين "الطاسة" شرقي قناة السويس في اتجاه مدينة بئر العبد، وتمكنوا من السيطرة على الكمين وإسقاط العسكريين الذين كانوا فيه بين قتيل وجرح، قبل الانسحاب من المنطقة، وفق ما ذكرت مصادر محلية.

وبينما تحدثت المصادر عن سقوط 17 قتيلاً من القوات المسلحة، أعلن المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، عبد الحافظ غريب، مقتل 11 عسكرياً هم ضابط و10 جنود، فضلاً عن إصابة 5 عسكريين آخرين، نتيجة الهجوم.

تحدث الجيش المصري عن مقتل 11 عسكرياً جراء الهجوم

مفاجآت لهجوم "ولاية سيناء" على الجيش المصري

وتتمثل مفاجآت الهجوم في عدة اتجاهات، أهمها توقيته الذي جاء في وقت شعر فيه الجيش المصري بالراحة إثر السيطرة الميدانية على مناطق واسعة كانت تمثل معاقل لتنظيم "ولاية سيناء" طيلة سنوات الحرب بين الطرفين.

كما جاء الهجوم بعد ساعات قليلة من زيارة قائد قوات تأمين شمال سيناء، اللواء محمد ربيع، إلى مدينتي الشيخ زويد ورفح، للاطلاع عن كثب على الإنجازات التي حققها الجيش و"اتحاد قبائل سيناء"، والتقاطه الصور التذكارية في المكان.

وعلى الرغم من بُعد المسافة الجغرافية بين مكان الهجوم والزيارة، إلا أنها لم تكن لتحدث لولا التقارير الأمنية والاستخباراتية المطمئنة حول تراجع قدرة تنظيم "ولاية سيناء" على تنفيذ هجمات ضد قوات الأمن. بالإضافة إلى ذلك، فإن الهجوم استهدف نقطة حراسة سرية لمرفق مياه ذي طابع استراتيجي، فالكمين الذي تمت مهاجمته مكلف بحراسة محطة رفع مياه تضخ في اتجاه مدينة رفح الجديدة.

وهذا يشير إلى أن التنظيم استطاع الوصول إلى معلومة استخبارية عن أهمية المشروع من ناحية، ومن ناحية أخرى استطاع القضاء على قوة عسكرية قوامها 17 عسكرياً، من قوة الكتيبة 505 مهام سرية، بينما تمكّن مسلحو التنظيم من الانسحاب من دون إصابات في صفوفهم.

جاء الهجوم بعد ساعات من زيارة قائد قوات تأمين شمال سيناء، اللواء محمد ربيع، إلى مدينتي الشيخ زويد ورفح

تفاصيل هجوم شرق قناة السويس وأهمية الهدف

وفي تفاصيل الهجوم، قال مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" إن "الكمين الذي استُهدف مكلف بحماية مرفق يعتبر من ضمن مشاريع القوات المسلحة المصرية، وتتكفل قوات الجيش بتشغيله وحمايته ومن قبل ذلك إنشائه، ويهدف إلى خدمة مشاريع تابعة للجيش داخل سيناء، لا علم للجهات الحكومية المدنية بها، ولا بطبيعة نشاطها".

وأضاف "كان مفاجئاً استهداف هذا الكمين والمرفق الذي يؤمنه من قبل التنظيم، في ظل السرية المحيطة بمشاريع الجيش، خصوصاً في قطاعي الكهرباء والمياه في سيناء، وفي ظل وجود مشاريع استراتيجية ذات طابع أمني يحظر الحديث فيها من قبل أي جهة مهما كانت وظيفتها".

ولفت المصدر إلى أن "التنظيم الإرهابي ضرب مشروعاً مهماً للقوات المسلحة المصرية، ولا يمكن نجاح الهجوم لولا المعرفة المسبقة بأهمية هذا المشروع، وتفاصيل أمنية وعسكرية كثيرة تتعلق به، خصوصاً في ظل الموقع الجغرافي للمشروع والكمين المرافق له، وعدم السماح للجهات الحكومية المدنية والمواطنين بالوصول إلى المنطقة".

وتابع: "إلا أن التنظيم الإرهابي تمكّن من إحداث ضرر بالمرفق، لم تعرف ماهيته حتى اللحظة، في ظل التكتم على الحدث وتبعاته من قبل قيادة عمليات الجيش المصري".

يشار إلى أن تنظيم "ولاية سيناء" اعتاد أن يستهدف مشاريع الجيش المصري المعلنة كمصانع الأسمنت والطرقات والأسوار في محافظة شمال سيناء، إلا أنها المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مشروع استراتيجي ذي طابع سري من حيث حمايته ومكانه واتجاه عمله.

الهجوم استهدف نقطة حراسة سرية لمرفق مياه ذي طابع استراتيجي

"ولاية سيناء" وتجديد قدراته

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن ما جرى "كان بمثابة صدمة لكل الأطراف في شمال سيناء، فما كان مستبعداً أمسى حقيقة، إذ ظنّ الجميع أن التنظيم تفكك وأصبح سراباً، إلا من بعض الخلايا المتناثرة التي لا يمكنها القيام بهجمات ذات ثقل من حيث الزمان والمكان واختيار الهدف".

وأضاف أن "الهجوم جاء ليقلب الصورة تماماً ويثبت مجدداً معادلة أن التنظيم يمكنه لملمة أوراقه بعد كل ضربة يتلقاها من الأمن المصري، ولديه القدرة على التكيف مع كل الظروف المحيطة به".

واعتبر المتحدث نفسه أن "هذا يعني أن التنظيم في حالة تجديد دائمة لقدراته البشرية والمادية، على الرغم من الحصار المفروض عليه، والتشديد الأمني والعسكري في شمال سيناء، وتفكيك مجموعات عدة له خلال الفترة الأخيرة".

واعتبر الباحث أن "هجوم شرق قناة سويس اكتسب قوته من حجم الخسائر التي تكبدتها قوات الجيش ومن طبيعة المكان المستهدف، وعدد العناصر التي تمكنت من القضاء على قوة عسكرية ذات قدرات عسكرية عالية من فريق المهام السرية في الكتيبة 505".

وتابع "هذا بالإضافة إلى عدم قدرة الجيش والاستخبارات على التنبؤ بإمكانية وقوع هجوم على الرغم من اعتقال عدد من عناصر ولاية سيناء خلال الأيام الماضية، وكذلك العثور على أجهزة اتصال وملفات وأوراق تخص التنظيم وعمله العسكري خلال تمشيط قرى جنوب رفح والشيخ زويد. وهذا من شأنه أن يضعف إنجاز الجيش في جبهة الشرق، ويُظهر أنّ السيطرة على الأرض وليس على التنظيم نفسه".

وأشار الباحث إلى أن "تنظيم ولاية سيناء المحلي كان مطالباً أمام الأمير الجديد لداعش (أبو الحسن الهاشمي) بإظهار قوته ووجوده خلال الأسابيع الماضية، إلا أن نشاط الجيش واتحاد القبائل حال دون ذلك، إلى أن تمكن التنظيم من تنفيذ هذا الهجوم الدموي في خسائره، والنوعي من الناحية الأمنية والعسكرية بلا شك".

باحث: ما جرى كان بمثابة صدمة لكل الأطراف في شمال سيناء

ورأى أن "التنظيم يستهدف كذلك من خلال الهجوم الحصول على دفعة معنوية لعناصره المحاصرين بقوات الجيش واتحاد قبائل سيناء، بمدن رفح والشيخ زويد، فضلاً عن محاولة الإيهام بأن الطريق ما زال طويلاً أمام السيطرة على ولاية سيناء وإنهاء وجوده بشكل كامل من شمال سيناء خلال الفترة المقبلة".

وعبّر المتحدث نفسه عن خشيته "من أن بقية المشاريع الاستراتيجية والسرية للجيش المصري بشمال سيناء، قد تكون عرضة لهجمات التنظيم والوصول إليها وإلحاق الأذى بها".

المساهمون