شكلت الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية التي تم التوقيع عليها في 17 أغسطس/آب 2019 بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في السودان، قبل أن يتم إدخال تعديلات عليها في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عنواناً أساسياً للتجاذب بين المكونين العسكري والمدني لمجلس السيادة، خصوصاً أن العسكر كان يرى فيها عائقاً يقيده ويحول دون تحقيق العديد من مخططاته، لا سيما أنه محكوم بالتشاور مع المكون المدني في العديد من القضايا. ولذلك لم يكن مفاجئاً أن بيان تبرير الانقلاب الذي أعلنه عبد الفتاح البرهان، شمل، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والحكومة وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، تعليق العديد من مواد الوثيقة الدستورية، تحديداً التي يرد فيها ذكر "قوى الحرية والتغيير"، رغم تأكيد البرهان الالتزام باتفاق تقاسم السلطة.
وكان الاتفاق قد نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات، تم تمديدها لاحقاً لـ14 شهراً، بعد توقيع الحكومة السودانية اتفاقًا للسلام ينهي الصراعات المسلّحة في إقليم دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، على أن تنتهي الفترة الانتقالية في يناير/كانون الثاني 2024، مع ما استتبعه ذلك من تفسير بأن موعد تسلّم المكون المدني للسلطة هو في إبريل/نيسان 2022 وليس في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وترافق الخلاف بشأن تفسير موعد تسليم السلطة من العسكر للمدنيين مع استمرار عدم الثقة بين الطرفين، خصوصاً بعدما توالت في الآونة الأخيرة المؤشرات بشأن نوايا العسكر إطاحة المرحلة الانتقالية التي فرضت عليه بموجب هذه الوثيقة، بعد مجزرة فض اعتصام الخرطوم في يونيو/حزيران 2019.
وأعلن البرهان، في خطابه اليوم الإثنين، تعليق العمل بالمواد 11 و12 و15 و16 و24-3، و71 و72، والتي تعنى في معظمها بدور المكون المدني.
- المادة 11: تركز على مجلس السيادة، وتحديداً على تشكيله "بالتوافق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير". وفيما كانت النسخة الأولى من الوثيقة تنص على أنه يتشكل من 11 عضواً -5 مدنيين تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير وخمسة يختارهم المجلس العسكري الانتقالي، ويكون العضو الحادي عشر مدنياً يتم اختياره بالتوافق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير- فإنها نصت بعد تعديل 2020 على أن "يشكل مجلس السيادة من أربعة عشر عضواً، خمسة أعضاء مدنيين تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، وخمسة أعضاء يختارهم المكون العسكري، وعضو مدني يتم اختياره بالتوافق بين المكون العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، وثلاثة أعضاء تختارهم أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، ويجوز للجهات التي قامت بالاختيار حق تعيين واستبدال ممثليها".
-
المادة 12: ركزت على اختصاصات مجلس السيادة وسلطاته، بما في ذلك تعيين رئيس مجلس الوزراء الذي تختاره قوى الحرية والتغيير، واعتماد أعضاء مجلس الوزراء الذين يعينهم رئيس مجلس الوزراء من قائمة مرشحي قوى إعلان الحرية والتغيير، واعتماد حكام الأقاليم أو ولاة الولايات، وفق ما يكون عليه الحال، بعد تعيينهم من رئيس مجلس الوزراء. كما تتناول شروط إعلان حالة الطوارئ بطلب من مجلس الوزراء، ورعاية عملية السلام مع الحركات المسلحة.
- المادة 15: تخصص لشرح تكوين مجلس الوزراء الانتقالي، الذي يتكون بموجب نص 2019 من "رئيس وعدد من الوزراء لا يتجاوز العشرين من كفاءات وطنية مستقلة بالتشاور، يعينهم رئيس مجلس الوزراء من قائمة مرشحي قوى إعلان الحرية والتغيير، ويعتمدهم مجلس السيادة، عدا وزيري الدفاع والداخلية اللذين يرشحهما المكون العسكري بمجلس السيادة"، على أن "تختار قوى إعلان الحرية والتغيير رئيس مجلس الوزراء ويعينه مجلس السيادة"، قبل أن تعدل هذه المادة في 2020 ليصبح البند الأول منها ينص على أن "يتكون مجلس الوزراء من رئيس وعدد من الوزراء من كفاءات وطنية بالتشاور، يعينهم رئيس الوزراء من قائمة مرشحي قوى إعلان الحرية والتغيير، وأطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، على أن تكون من بينهم نسبة 25% تختارهم أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، ويعتمد مجلس السيادة جميع الأعضاء، ومن بينهم وزيرا الدفاع والداخلية، اللذان يرشحهما المكون العسكري بمجلس السيادة".
- المادة 16: تتضمن اختصاصات وسلطات مجلس الوزراء، بما في ذلك "تنفيذ مهام الفترة الانتقالية وفق برنامج إعلان الحرية والتغيير الوارد في هذه الوثيقة، العمل على إيقاف الحروب والنزاعات وبناء السلام".
- المادة 24: كانت مخصصة لتكوين المجلس التشريعي، واختار البرهان تعليقها جزئياً، تحديداً البند الثالث، الذي ينص على أنه "يتكون المجلس التشريعي الانتقالي بنسبة 67% ممن تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، ونسبة 33% للقوى الأخرى غير الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، والتي تتم تسميتها وتحديد نسب مشاركة كل منها بالتشاور بين قوى إعلان الحرية والتغيير والأعضاء العسكريين في مجلس السيادة"، فيما تم الإبقاء على باقي تفاصيل تكوين المجلس.
- المادة 71: تنص على أن أحكام الوثيقة الدستورية "من الاتفاق السياسي لهياكل الحكم في الفترة الانتقالية الموقع بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، وفي حال تعارض أي من أحكامهما تسود أحكام هذه الوثيقة".
- المادة 72: تنص على أنّه "يُحلّ المجلس العسكري الانتقالي بأداء القسم الدستوري من قبل أعضاء مجلس السيادة".