في مؤشرات على تصعيد محتمل في الجنوب السوري، حذّر العاهل الأردني عبد الله الثاني، من أنّ إيران وأتباعها سيسدون الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الروسي من المنطقة الجنوبية في سورية، وما قد ينجم عنه من تصعيد محتمل، في وقت اتهمت مديرية أمن الحدود الأردنية، النظام السوري، بالتعاون مع مهربي المخدرات على الحدود بين البلدين.
وقال العاهل الأردني، في مقابلة تلفزيونية ضمن برنامج "معهد هوفر"، التابع لجامعة ستانفورد الأميركية، نشرت أمس الأربعاء، إنّ "الوجود الروسي في الجنوب السوري كان مصدر تهدئة، وهذا الفراغ سيسده الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا".
#الملك في مقابلة إعلامية مع معهد هوفر: العلاقة مع الولايات المتحدة مؤسسية ومبنية على الثقةhttps://t.co/MBBeTj47SZ#بترا pic.twitter.com/zrN7KRyOQ8
— Jordan News Agency (@Petranews) May 18, 2022
وبعد أسابيع من تورط روسيا في الحرب بأوكرانيا، دار حديث عن اضطرارها إلى سحب جزء من قواتها من أنحاء سورية، وخاصة في الجنوب، لصالح الجهد العسكري في أوكرانيا، مع تسليم مواقعها لإيران والمليشيات المدعومة من جانبها.
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد، قد زار قبل أيام العاصمة الإيرانية طهران، والتقى المرشد الإيراني علي خامنئي، حيث يعتقد أنّ من بين المواضيع التي بحثها الجانبان تعزيز الدور الإيراني في سورية خلال المرحلة المقبلة.
وتولي إيران الجنوب السوري أهمية خاصة، لكونه منطقة حدودية مع فلسطين المحتلة، ما يمنحها فرصة للمساومة مع الغرب والولايات المتحدة، للتهدئة مع إسرائيل مقابل حصولها على مكتسبات في علاقاتها مع الغرب، وفق المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران"، أيمن أبو محمود.
وأوضح أبو محمود، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ إيران تعمل منذ نحو شهرين على التوسع في الجنوب السوري لأسباب عدة منها السياسي – الأمني المتعلق بالتقرب من الحدود مع فلسطين المحتلة، ومنها اقتصادي يتعلق خاصة بالإشراف على عمليات تصنيع وتجارة وتهريب المخدرات عبر الحدود مع الأردن عبر شبكة واسعة من السماسرة والوكلاء المحليين، وأجهزة النظام، وخاصة الفرقة الرابعة والأمن العسكري، بالتعاون مع "حزب الله"، حيث غدت هذه التجارة مصدراً رئيسياً للدخل بالنسبة إلى هذه الأطراف.
وأضاف أنّ "إيران ووكلاءها يحاولون الضغط على روسيا لتسريع سحب قواتها من الجنوب السوري، من خلال زيادة الاستهداف لعناصر وقيادات اللواء الثامن التابع لها في ريفي درعا الشرقي، بهدف دفعها إلى حلّه، على الرغم من أنّ اللواء لم يعد تابعاً لروسيا إدارياً، بل للمخابرات العسكرية، إضافة إلى محاولة إعادة أبناء الطائفة الشيعية إلى بصرى الشام بعد هروبهم منها عام 2015 بعد سيطرة المعارضة عليها".
وكان اللواء الثامن قد ألقى، أخيراً، القبض على عنصر في خلية اغتيالات في بلدة صيدا، اعترف خلال التحقيق معه وضمن تسجيل مصور، بتورط عدد من ضباط وصف ضباط المخابرات الجوية في محافظة درعا، بتشكيل خلايا لتنفيذ اغتيالات.
ويشير أبو محمود إلى أنّ منطقة الجنوب السوري "محكومة باتفاق روسي-إسرائيلي يقضي بإبعاد إيران ومليشياتها عن المناطق الحدودية مع إسرائيل مسافة 60 كيلومتراً، لذلك كان التحرك الإيراني في الجنوب حذراً ويتستر بالنظام السوري".
ولفت إلى أنّ النشاط الإيراني الأخير في جنوب سورية "بدأ باغتيال الرائد في الأمن السياسي ومسؤول معبر نصيب الحدودي ماهر وسوف، مطلع مارس/آذار الماضي، الذي عُيّن من القصر الجمهوري، قبل أشهر، على خلفية احتجاج الأردن على تهريب المخدرات عبر المعبر الحدودي، حيث يعتقد أنّ الموالين لإيران المنخرطين بعمليات تهريب المخدرات هم الذين دبّروا عملية الاغتيال، لتعيين الرائد يحيى ميا، رئيس مفرزة الأمن السياسي في مدينة إزرع خلفاً له، وتربطه علاقات قوية بالمليشيات الإيرانية في درعا"، كاشفاً أنّ تعيينات عدة جرت، أخيراً، في الأجهزة الأمنية بالجنوب السوري عززت مواقع الموالين لإيران.
اتهامات أردنية للنظام السوري
وكانت مديرية أمن الحدود الأردنية قد اتهمت النظام السوري وأجهزته الأمنية، بدعم "مجموعات من مهربي المخدرات" بين البلدين.
وقال مدير مديرية أمن الحدود في الجيش الأردني، العميد أحمد هاشم خليفات، إنّ "قوات غير منضبطة" من جيش النظام، تتعاون مع مهربي المخدرات وعصاباتهم التي أصبحت منظمة ومدعومة منها ومن أجهزتها الأمنية، إضافة إلى مليشيات "حزب الله" وإيران المنتشرة في الجنوب السوري، وتقوم بالتهريب على حدود بلاده.
وأشار خليفات، في تصريح لصحيفة "الغد" الأردنية، الأحد الماضي، إلى أنّ "كميات المخدرات التي ضبطتها قوات حرس الحدود على الواجهة الشمالية ارتفعت إلى أكثر من 19 مليون حبة كبتاغون مخدرة، ونحو نصف مليون كف حشيش، و5 أكياس حبوب مخدرات، منذ مطلع العام وحتى بداية الشهر الحالي".
واتهم خليفات المليشيات الإيرانية، وخاصة "حزب الله" اللبناني، بتصنيع الحبوب المخدرة لتهريبها بوسائل مختلفة عبر الحدود الأردنية، للحصول على المال في ظل نقص تمويلها الخارجي.
وأضاف أنّ السلطات الأردنية تواصلت مرات عدة مع السلطات السورية "وعقدنا اجتماعات في منطقة جابر، وكانت مطالبنا دوماً أن تؤدي قواتهم واجبها، لكننا حتى الآن لم نلمس أن لنا شريكاً حقيقياً في حماية الحدود".
ووفق مدير مديرية أمن الحدود، فإنّ "عصابات التهريب أصبحت أكثر تنظيماً وتدريباً، وتمتلك تكتيكاً وخططاً تعمل عليها في نطاق عمليات التهريب".
وكان الجيش الأردني قد أعلن، قبل يومين، إسقاط طائرة مسيَّرة استُخدمت لتهريب المخدرات انطلاقاً من سورية نحو الأراضي الأردنية، مضيفاً أنه بعد تفتيش المنطقة عُثِر على كميات من المواد المخدرة.