كشفت مصادر ليبية متطابقة، اليوم الأربعاء، عن استعداد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، للإعلان عن ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية المرتقبة في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، مشيرة إلى أنه سيستفيد من التغييرات المقترحة لتعديل القوانين الانتخابية ليعلن عن ترشحه قريبا.
وفيما أشارت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى أن الدبيبة سيكلف نائبه الثاني في رئاسة مجلس الوزراء، رمضان أبوجناح، بشغل منصبه، قبل أن يعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية "قريبا"، أكدت أن فريقا مقربا منه أجرى اتصالات بعواصم دولية وإقليمية ذات ثقل في الملف الليبي لتقديم نفسه كشخصية يمكنها أن تحقق توافقا ليبيا أكثر في اتجاه الاستقرار.
وتوافقت معلومات المصادر على أن مساعدي الدبيبة قدموا شروحا، في عدد من العواصم، الدولية والإقليمية، لمشروع "عودة الحياة"، الذي أطلقه الدبيبة في 28 أغسطس/آب الماضي، لتحريك الاقتصاد وإطلاق عدد من برامج التنمية وعمل على الترويج له في عدة مناطق ليبية بهدف حشد الدعم الشعبي له، بالإضافة لعمله على توثيق علاقاته بكبريات الشركات العالمية ذات التأثير في قرارات بلدانها، من خلال عمله على إعداد مشاريع اقتصادية مشتركة، خصوصا في ملف إعادة إعمار البلاد ومشاريع الطاقة.
ولفتت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها، إلى أن الدبيبة سيستفيد من تعديلات وشيكة سيجريها مجلس النواب على القوانين الانتخابية، وعلى رأس تلك التعديلات تعديل على المادة 12 من قانون انتخاب رئيس الدولة، مؤكدة أن التعديلات على القوانين الانتخابية التي تقدمت بها المفوضية العليا للانتخابات لمجلس النواب تحظى بدعم دولي، على الرغم من مماطلات رئاسة مجلس النواب في اعتمادها.
وينص التعديل المقترح من المفوضية على المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية على أنه يعد المرشح متوقفا عن عمله في منصبه "عند إعلان المفوضية عن البدء في العملية الانتخابية"، بدلاً من نص المادة السابق، الذي يعتبر المرشح متوقفا عن عمله في منصبه "قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر".
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات عن شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، عبر صفحتها الرسمية صباح أمس الثلاثاء، قبل أن تسحبها، وتعلن عن أن نشرها جاء بـ"الخطأ".
وتوافقت الشروط المعلنة من جانب المفوضية مع أغلب نصوص قانون انتخاب رئيس الدولة، المقر من مجلس النواب في 18 أغسطس الماضي، لكنها اختلفت عن نصوصه السابقة بمزدوجي الجنسية، حيث منعت من يحمل جنسية دولة أخرى من الترشح، وكذلك المتورطين في قضايا جنائية، بالإضافة لتعديل النص الخاص بتحديد الفترة الزمنية المحددة لترك المترشح لوظيفته القيادية.
لكن رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السائح، قال إن تلك الشروط نشرت على الصفحة الرسمية للمفوضية بـ"الخطأ"، مؤكدا أن المفوضية لا تزال تنتظر من مجلس النواب اعتماد تعديلاتها على قانون الانتخابات الرئاسية.
وفيما اعتبر السائح، خلال تصريحات لتلفزيون ليبي ليل البارحة، أن "الوقت لا يزال يسعفنا لإجراء الانتخابات في موعدها، شرط عدم تأخر مجلس النواب في تسليم التعديلات على القوانين الانتخابية أكثر من ذلك"، أشار إلى أن المفوضية كانت تتوقع تسلم التعديلات "اليوم الثلاثاء، ولكن المجلس أجل جلسته الاستثنائية، لإنهاء هذا الاستحقاق".
واعتبر النائب بمجلس النواب، زياد دغيم، وهو أيضا عضو ملتقى الحوار السياسي، أن إعلان المفوضية عن شروط الترشح للانتخابات الرئاسية ثم سحبها "إجراء يدعو للقلق على مصداقية العملية الانتخابية برمتها".
وقال دغيم، في حديث لتلفزيون ليبي ليل البارحة، إن "الإجراء يكشف عن تسييس وتكييف القوانين حسب أجندة دول أجنبية وسط تضارب في أعداد الناخبين المسجلين ليصل الأمر اليوم إلى نشر شروط الترشح ثم حذفها"، واصفا تصريحات السائح بـ" بحجة أقبح من الذنب".
ويرى دغيم أنه "لا يوجد تفسير لما حدث من مفوضية الانتخابات إلا بالتخبط أو إلقاء بالون اختبار في قمة التسييس لجهة المفترض أن تعمل بمهنية وحيادية"، وأضاف: "الأقرب حسب معلوماتي الرضوخ لضغط أجنبي وستعيد المفوضية قريبا نفس الشروط".
عوائق عديدة أمام الدبيبة
وعلى الرغم من إمكانية استفادة الدبيبة من التعديلات المقترحة في قانون الانتخابات الرئاسية، إلا أن حظوظه لا تزال تواجهها عراقيل عديدة، وفقا لرأي الناشطة السياسية الليبية مروة الفاخري.
وتذكّر الفاخري أن العلاقة بين الدبيبة ومجلس النواب مرت بتوتر شديد انتهى بإعلان الأخير عن حجب الثقة عن حكومة الدبيبة، وقالت: "لم نر تحسنا في العلاقة بينهما، بل رأينا انقساما حكوميا من قبل مسؤولي شرق البلاد القريبين من مجلس النواب، وعليه فالفترة القليلة المقبلة لا تكفي لبناء علاقة جديدة بين مجلس النواب والدبيبة".
وتشير الفاخري في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أن التعديلات المنتظرة على القوانين الانتخابية لن تزيح عراقيل المسار الانتخابي "حتى لو عُدلت بعض النصوص لتسمح للدبيبة وغيره بالانتخاب"، لافتة إلى جانب آخر يتعلق بتأجيل الانتخابات البرلمانية إلى ما بعد الرئاسية، بحسب القوانين الانتخابية، وقالت: "ذلك يعني أن لمجلس النواب وجودا لا يزال قائماً في السلطة، ووقتها عقيلة صالح وشركاؤه ومنهم حفتر لن يقبلوا بأي شخصية مختلفة معهم ولديهم أكثر من ورقة لقلب الطاولة ورفض النتائج".
تدخلات دولية
وحول وجود ضغوط دولية لتعديل القوانين الانتخابية لتسمح بشخصيات المشهد الحالي بالترشح، يرى الناشط السياسي الليبي خميس الرابطي أنه "لا مجال لإنكار تدخل أطراف دولية في توجيه المسار الانتخابي"، وقال متحدثا لـ"العربي الجديد"، أن "كل تفاصيل الأزمة كان المجتمع الدولي طرفا فيها، وحتى وقت قريب عواصم كبرى استضافت مؤتمرات لحل الأزمة الليبية، فما الذي يمنعها من التدخل في الانتخابات التي ستحدد شكل الفترة السياسية المقبلة".
ويدلل الرابطي على ذلك بأن فرنسا ستنظم مؤتمرا دوليا الأسبوع المقبل و"أول ملفات المؤتمر الذي سيتشارك فيه قادة كبريات العواصم ملف الانتخابات"، مشيرا إلى أن التدخلات الدولية هي السبب في عدم حسم الخلاف في استحقاق الانتخابات الليبية بحسب حساباتها ومصالحها.