ينتظر الكويتيون اختيار أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، لوليّ عهد البلاد المقبل، بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة (البرلمان)، الأربعاء الماضي، خلفاً للأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي توفي في 16 ديسمبر/كانون الأول الحالي عن 86 عاماً. ومن المُرجح أن يُعلن ولي العهد المُنتظر قبل نهاية العام الحالي.
وأدى أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح (83 عاماً)، اليمين الدستورية أمام البرلمان، عملاً بأحكام المادة الـ60 من الدستور، التي تنص على أن يؤدي الأمير قبل ممارسة صلاحياته حاكماً للبلاد، اليمين الدستورية في جلسة خاصة لمجلس الأمة.
وتنص المادة الرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن أحكام توارث الإمارة، على أنه إذا "خلا منصب أمير البلاد، نودي بولي العهد أميراً، فإذا خلا منصب الإمارة قبل تعيين ولي للعهد، مارس مجلس الوزراء اختصاصات رئيس الدولة إلى حين اختيار الأمير".
وكان أمير الكويت الراحل، الشيخ نواف الأحمد الصباح، قد زكى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020، الشيخ مشعل الأحمد الصباح وليّاً للعهد، وبايعه مجلس الأمة في اليوم التالي، ليؤدي اليمين الدستورية أمام الأمير والبرلمان.
ولا تواجه الكويت مشكلات في انتقال الحكم، حيث يجري انتقاله بسلاسة، في ظل وجود نصوص دستورية ومواد قانونية تنظم عملية انتقال الحكم في البلاد.
إجراءات واضحة لاختيار ولي العهد في الكويت
وفي السياق قال الخبير القانوني الكويتي محمد المطيري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الحديث عن منصب ولي العهد لن يخرج عن إطاره الدستوري وقانون توارث الإمارة"، مضيفاً أن "إجراءات تعيين ولي العهد جاءت واضحة في المادة 4 من الدستور، التي تنص على أن أمير البلاد يعيّن بأمر أميري ولي العهد خلال سنة من توليه الحكم، ومن ثم يُبايَع في مجلس الأمة بالأغلبية".
وتابع: "أيضاً المادة 6 من قانون توارث الإمارة، تحدثت عن الشروط اللازم توافرها في المرشح لمنصب ولاية العهد، ووجوب أن يكون رشيداً عاقلاً وابناً شرعياً من أبوين مسلمين، وألا يقل عمره عن ثلاثين سنة ميلادية".
المطيري: المدة بين تولي الحكم وتعيين ولي العهد لم تتجاوز تاريخياً المدة الدستورية
وأوضح المطيري أنه "في حال رفض البرلمان الاسم الذي يزكيه الأمير في منصب ولي العهد، يزكي الأمير 3 أشخاص على الأقل من ذرية مبارك الصباح (الحاكم السابع، بين 1896 -1915)، ويختار البرلمان واحداً من بينهم ولياً للعهد".
وأشار إلى أنه "تاريخياً كانت المُدد بين تولي الأمير الحكم وتعيين ولي العهد متفاوتة، وهذا يعتمد على الحالة السياسية في حينها، إلا أن كل تلك الحالات لم تتجاوز المدة الدستورية، وهي سنة كاملة".
انتقال سلمي للسلطة
من جهته، قال المحامي الكويتي عبد العزيز السيف، في حديث مع "العربي الجديد"، إن النظام السياسي في الكويت "تميّز منذ تأسيسها كدولة حديثة بالانتقال السلمي للسلطة، وذلك من خلال اتباع إجراءات واضحة ومُحددة بالدستور والقانون، اتفق عليها كل من أسرة الحكم والشعب الكويتي".
ولفت إلى أن ذلك يدل "على توازن القوى، فلا أسرة الحكم قادرة على فرض اسم على الشعب، ولا الشعب قادر على فرض اسم من الأسرة الحاكمة، لذلك الحل التوافقي هو النموذج الذي اتُبع طوال العقود الماضية".
السيف: مجلس الأمة يملك صلاحية رفض اسم من يُزكيه الأمير في منصب ولي العهد
وبيّن السيف أن "مجلس الأمة المُنتخب من الشعب يملك رفض اسم الشخص الذي يُزكيه الأمير في منصب ولي العهد، وفي هذه الحالة يتطلب من الأمير تزكية 3 أشخاص لولاية العهد، على أن يختار المجلس أحدهم".
وقال إن هذا "لم يحصل من قبل، لأنه جرت العادة ألا يزكي سمو الأمير شخص إلا بعد إجراءات عُرفية مثل المشاورات التقليدية مع كبار أسرة الحكم وأعيان البلد، وذلك لجسّ النبض ومعرفة رأي الناس".
وأشار إلى أن "هناك أعرافا أخرى لم ينص عليها الدستور، وهو ترشيح أكبر الشيوخ سناً، مع العلم أن قانون توارث الإمارة لم ينص على ذلك أيضاً، بل اكتفى بشروط محددة مثل أن يكون المرشح لا يقل عمره عن ثلاثين عاماً يوم مبايعته".
وأضاف أنه "لذلك طوال العقود الماضية كان انتقال السلط سلسا وسلميا، وبعيداً عن أي نزاعات وصراعات كبرى، فكل أزمة مفترضة تُحل وفق الأطر الدستورية والقانونية، والأعراف التي لا تتعارض معهما".
وأصبح الشيخ مشعل الأحمد الصباح حاكم البلاد السابع عشر، آخر أمراء الكويت من أبناء الشيخ أحمد الجابر الصباح (حكم الكويت من 23 مارس/آذار 1921 حتى وفاته في 29 يناير/كانون الثاني 1950)، والذي حكم البلاد أربعة من أبنائه. ويعد الشيخ مشعل الأحمد الصباح هو آخر أمراء جيله، ليُنقل الحكم بعدها إلى جيل جديد من أبناء الأسرة الحاكمة.
وتصعّب عملية انتقال الحكم إلى الجيل الجديد من أسرة آل الصباح، من تكهّن اسم ولي العهد المقبل، وتشتد المنافسة بين أبناء فرع الجابر، الذين استحوذ أربعة أمراء منهم على الحكم على التوالي تقريباً، باستثناء حاكم الكويت الشيخ سعد العبد الله الصباح، الذي دام حكمه لأيام فقط، بسبب تعذّر أدائه اليمين الدستورية أمام البرلمان، وعُزل لاحقاً من منصبه لتدهور حالته الصحية.
تنافس أسماء لمنصب ولي العهد
وتبرز من فرع الجابر لتولّي منصب ولي العهد، ثلاثة أسماء، الأول رئيس مجلس الوزراء الأسبق (في الفترة من 2006 إلى 2011) الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح (83 عاماَ)، والثاني رئيس ديوان ولي العهد الشيخ أحمد العبد الله الأحمد الصباح (71 عاماً)، والأخير وهو الأضعف حظوظاً، رئيس الحكومة المُستقيلة ابن أمير الكويت الراحل الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح (67 عاماً).
يبرز من فرع السالم وزير الخارجية السابق الشيخ محمد صباح السالم الصباح
في المقابل هناك فرع السالم، الذي شبه أُقصي من الحكم منذ أواخر عام 1977 بعد وفاة حاكم الكويت آنذاك الشيخ صباح السالم المبارك الصباح. لكن الفرع يعود بقوة إلى المنافسة على سباق الحكم من خلال اسم وحيد، وهو نجل آخر حكام فرع السالم، وزير الخارجية السابق (من 2006 إلى 2011) الشيخ محمد صباح السالم الصباح (68 عاماً)، والذي توازي حظوظه حظوظ كل من الشيخين ناصر المحمد الصباح وأحمد العبد الله الصباح.
وزكّى أول أمير في الكويت تقلّد منصبه بعد إعلان صدور الدستور عام 1962، الشيخ صباح السالم الصباح، الذي حكم البلاد في نوفمبر/تشرين الثاني 1965، خلفه الشيخ جابر الأحمد الصباح، بعد 6 أشهر تقريباً. وزكّى الأخير عقب توليه مقاليد الحكم في ديسمبر 1977، الشيخ سعد العبد الله الصباح ولياً للعهد بعد نحو شهر تقريباً.
أما الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي تولّى الحكم في يناير/كانون الثاني 2006، فقد زكّى الشيخ نواف الأحمد الصباح ولياً للعهد، بعد مُضي 9 أيام، فيما زكى الأخير أمير الكويت الحالي الشيخ مشعل الأحمد الصباح، بعد 8 أيام من توليه الحكم في أواخر سبتمبر/أيلول 2020.