هل تعمّدت إسرائيل جرح عناصر حزب الله بدل قتلهم؟

20 سبتمبر 2024
جريح في مستشفى ببيروت فقد يده جراء تفجيرات البيجر، 18 سبتمبر 2024 (محمد أزاكير/رويترز)
+ الخط -

بينما تتوالى الإدانات للتفجيرات التي حصلت في لبنان في اليومين الأخيرين ومعها التحذيرات من اندلاع حرب إقليمية، مازالت الأوساط الإسرائيلية "منتشية" بالتفجيرات مع انتقادات لتوقيتها، زاعمة أنه كان يرجح تأخير توقيت تنفيذها حتى اندلاع حرب شاملة مع حزب الله أو تطورات أخرى أكبر.

"هذه ليست أقل من جريمة"، قال رجل استخبارات إسرائيلي سابق، لصحيفة معاريف العبرية، معلقاً على تفجير أجهزة الاتصال التي يستخدمها حزب الله اللبناني، يومي الثلاثاء والأربعاء، وأسفرت عن عن سقوط 37 شهيداً وجرح أكثر من 3000 شخص بينهم أطفال ونساء ومدنيون. لكن وصفه ما حدث بالجريمة ليس نابعاً من انتقاده محاولة قتل الآلاف بكبسة زر واحدة، حتى لو كانوا في أوساط المدنيين، لكنه لأنه أراد لهذا القتل أن يكون جزءاً من مشهد دموي أوسع، بدلالة ما نقله عنه الصحافي والكاتب بن كسبيت، في عدد اليوم الجمعة، "أهدرنا فرصة بُنيت لتدمير حزب الله.. كان يجب الاحتفاظ بهذا الأمر للوقت الصحيح".

ليس غريباً هذا الكلام عن الخطاب الإسرائيلي السائد المنتشي بالتفجيرات، المنتقد في ذات الوقت عدم ادّخارها لوقت اندلاع حرب شاملة أو تطورات أخرى، فيما يصعب مصادفة رأي يعتبر ما حدث جريمة كان يُمكن أن تكون عواقبها أكبر. ينضم بن كسبيت إلى قافلة طويلة من الكتاب الإسرائيليين المنبهرين بالتفجيرات، لكنهم يرون في ذات الوقت أنه "بدلًا من الاستمرار في توجيه الضربة القاضية التي يستحقها حزب الله، هناك من قرر الاختباء في الحفرة في الكرياه (مقر وزارة الأمن في تل أبيب) في انتظار الرد".

حزب الله وإعادة التأهيل

وبرأي الكاتب: "يمكن القول إنه ربما كانت هناك نية لعدم قتل مستخدمي أجهزة الاتصالات. إصابتهم أفضل. وفي حالة الوفاة ينتهي الحدث بعد الجنازة. أما حالات الإصابات الحالية فلا ينتهي الحدث عندها. لدى حزب الله قسم لإعادة التأهيل، وهو يستثمر الكثير من الطاقة والمال في علاج جرحاه. والآن تخيّلوا كم سيكلفه هذا العمل وكم من الطاقة سيهدر عليه". وأكثر من ذلك، يرى الكاتب، "سوف يتجوّل الآلاف من أعضاء حزب الله في العقود القادمة بندوب فظيعة وتشوّهات"، تعكس "المصير المتوقّع لمن يرفع يده على إسرائيل"، على حدّ تعبيره.

مع هذا يتحدث الكاتب بنفس النبرة التي يتحدث فيها إسرائيليون آخرون من معلّقين وعسكريين سابقين وغيرهم: "حتى لو كان لدينا يومان ممتازان هذا الأسبوع، فإنّ الوضع الاستراتيجي لم يتغيّر بشكل جذري. سكان الشمال لم يعودوا إلى منازلهم. ولم تتم إعادة بناء المطلة والمنارة. ولم يتم تدمير مخزون حزب الله من الصواريخ والقذائف حتى الآن... الواقع على الأرض لا يزال صعباً"، في إشارة إلى وضع مستوطنات الشمال.

يوافقه في هذه الجزئية المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل، الذي كتب اليوم الجمعة أنه "بعد النجاحات الاستخباراتية والعملياتية، ظلت المشاكل الاستراتيجية قائمة. نحن على بعد شعرة واحدة من حرب في الشمال، والتي ستكون مختلفة عن أي شيء جرّبناه في الماضي".

وبرأيه "كان هذا هو الأسبوع الذي تحوّل فيه ثقل الحرب على ما يبدو نهائياً من الجنوب (قطاع غزة) إلى الشمال، بعد ما يقرب من عام من القتال بدون حسم"، مضيفاً "لا شك أنّ هذا الأسبوع شهد تصعيداً كبيراً، مما يزيد بشكل كبير من خطر نشوب حرب شاملة. ومع ذلك، لا يزال من الصعب رؤية عملية حتمية لا يمكن منعها تكون نهايتها حرباً مؤكدة". واعتبر أنه، رغم التهديدات المتبادلة على طرفي الحدود، فإنّ تل أبيب وبيروت تدركان ثمن الحرب.

معظم الإسرائيليين يؤيدون حرباً على لبنان

يؤيد معظم الإسرائيليون شنّ حرب على لبنان، في وقت تعيش مناطق كثيرة في الشمال حالة شلل منذ نحو عام، عدا عن الدمار الهائل، مثل ذلك الحاصل في مستوطنة المطلة التي دُمر نحو نصف منازلها. بحسب استطلاع رأي نُشرت نتائجه اليوم في "معاريف"، يؤيد 60% من الإسرائيليين مبادرة إسرائيل لهجوم واسع (حرب واسعة) على حزب الله، فيما يرى 20% أنّ خطوة كهذه لن تكون صحيحة، بينما لا رأي واضحا للبقية في القضية. وفي سياق متصل، يعارض 52% منهم إقالة وزير الأمن يوآف غالانت واستبداله بالنائب جدعون ساعر، مقابل 24% يدعمون الخطوة ونسبة مماثلة لا رأي لها في الموضوع.

في غضون ذلك، أشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" إلى الأضرار التي لحقت بمستوطنة المطلة، بعد تعرّضها لقصف عنيف، مساء أمس الخميس، من قبل حزب الله، رداً على القصف الإسرائيلي العنيف لعدة مواقع في لبنان. ووصفت الصحيفة مشاهد الدمار بأنها صعبة، مفيدة بأنّ 50 منزلاً تضرر مساء الخميس، ونحو 300 منذ بداية الحرب، ما يشكّل نحو نصف منازل المستوطنة. وأشارت تقارير سابقة في وسائل الإعلام العبرية إلى دمار كبير في مستوطنات ومناطق أخرى في الشمال الذي يشهد أيضاً شللاً اقتصادياً.

المساهمون