هل تفادي حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل لا يزال ممكناً؟

24 سبتمبر 2024
غارة إسرائيلية على مدينة بعلبك جنوبي لبنان، 23 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وجهة النظر الإسرائيلية: تصعيد العمليات العسكرية ضد حزب الله لتقليص التهديدات، مع تركيز على العمليات الجوية واحتمال بدء عملية برية.
- وجهة النظر اللبنانية: حزب الله يعلن "مرحلة جديدة" من المواجهات، مع ضبط الرد لتجنب حرب شاملة رغم الخسائر البشرية الكبيرة.
- التداعيات والمخاطر: مخاوف من تكرار حرب 2006، مع تحذيرات من تصعيد شامل وتحول أي منطقة عازلة إلى فخ للجيش الإسرائيلي.

أثار العدوان الإسرائيلي على لبنان في الأيام الأخيرة وردّ حزب الله بإطلاق عشرات الصواريخ بعيدة المدى نحو الأراضي المحتلة، مخاوف على نطاق واسع من أن الجانبين يتحركان بلا هوادة باتجاه حرب شاملة، رغم الدعوات الدولية إلى ضبط النفس. وتحدّث مراسلو وكالة فرانس في بيروت والقدس المحتلة إلى مسؤولين ومحللين عمّا يأمل الطرفان تحقيقه من خلال تصعيد الهجمات، وما إذا كان هناك أي فرصة لتجنب التصعيد الكامل.

وجهة النظر الإسرائيلية

يقول مسؤولون إسرائيليون إنه لم يعد لديهم خيارات للردّ على حزب الله، بعدما استهدف الجيش الإسرائيلي البلدات المحاذية للحدود الشمالية مع لبنان لمدة عام تقريباً. واعتبر مسؤول عسكري اشترط عدم الكشف عن اسمه، في إيجاز صحافي الاثنين، قائلاً: "لقد حولت أفعال حزب الله جنوب لبنان إلى ساحة معركة". وأوضح أن أهداف العملية الإسرائيلية الأخيرة هي "تقليص" التهديد الذي يشكله حزب الله، وإبعاد مقاتليه عن الحدود وتدمير البنية التحتية التي بنتها قوة الرضوان، وحدة النخبة في الحزب.

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي مايكل هورويتز إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يريد الضغط على حزب الله ليوقف قصفه للأراضي الإسرائيلية حتى دون اتفاق وقف إطلاق نار في غزة، وهو الشرط الذي وضعه الحزب والفصائل الأخرى المدعومة من إيران لوقف هجماتها على إسرائيل. ويضيف: "أعتقد أن الاستراتيجية الإسرائيلية واضحة: تريد إسرائيل أن تمارس الضغط تدريجاً على حزب الله، والضرب بقوة أكبر، لإرغامه على إعادة التفكير في استراتيجيته للانحياز في ما يتعلق بغزة". لكنّ الجانبين يدركان مخاطر الحرب الشاملة، ما يعني أنها ليست حتمية، بحسب هورويتز.

لقد خاض حزب الله وإسرائيل حرباً مدمرة استمرت 34 يوماً في صيف عام 2006، وأدت إلى استشهاد أكثر من 1200 شخص في لبنان، معظمهم مدنيون، ومقتل نحو 160 إسرائيلياً، معظمهم جنود. ويشرح هورويتز أن "الوضع الحالي خطير للغاية، لكنه في نظري لا يزال يترك مجال للدبلوماسية لتجنب الأسوأ".

وتقول الضابطة السابقة في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، العقيد ميري إيسن، إن القيادة الإسرائيلية ترى أن تصعيد العمليات العسكرية ضد حزب الله خطوة أساسية نحو التوصل إلى أي اتفاق لخفض التصعيد. وتؤكد الباحثة في المعهد الدولي الإسرائيلي لمكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان أن "اللغة التي يتحدث بها (حزب الله) لغة العنف والقوة، وهذا يعني أن الإجراءات ضدهم مهمة للغاية". وتضيف: "أتمنى لو كان الأمر مختلفاً. لكنني لم أرَ أي لغة أخرى تفلح".

في الوقت الحالي، يقول مسؤولون إسرائيليون إنهم يركزون على العمليات الجوية، لكن إيسن تشير إلى أنه قد يصدر أمر ببدء عملية برية لتحقيق هدف أوسع، وهو ضمان شلّ قدرة حزب الله على تنفيذ أي هجمات مماثلة للهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وترى إيسن أن "هناك إمكانية لشنّ عملية برية لأننا في النهاية نحتاج إلى إبعاد قوات حزب الله" عن الحدود.

وجهة النظر اللبنانية

بعد صفعات موجعة تلقاها حزب الله الأسبوع الماضي، إثر تفجير أجهزة اتصالاته، ثم اغتيال قادة قوات النخبة في صفوفه، أعلن الحزب على لسان نائب أمينه العام نعيم قاسم، الأحد الفائت أن الحزب دخل "مرحلة جديدة" من المواجهات مع إسرائيل، عنوانها "الحساب المفتوح". لكن إسرائيل سرعان ما بدأت في وقت مبكر من أمس الاثنين، بشنّ عشرات الغارات الجوية غير المسبوقة على امتداد الجنوب اللبناني وفي منطقة البقاع غرباً وشرقاً.

وأدت الغارات إلى استشهاد أكثر من 500 شخص، وفق وزارة الصحة، وفرار آلاف العائلات من منازلهم في جنوب لبنان، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد من حرب 2006. وينبّه مصدر من حزب الله، متحفظاً عن كشف اسمه، لوكالة فرانس برس، من أن "الأمور تأخذ منحىً تصعيدياً بين حزب الله وإسرائيل، لنصل إلى مشهد شبيه بمشهد حرب" 2006.

وترى الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله، أمل سعد، أن حزب الله يشعر بأنه مضطر إلى الرد على إسرائيل بعد الضربات القاسية التي تلقاها أخيراً، لكنه سيسعى لضبط رده، لئلا يؤدي إلى إشعال فتيل حرب شاملة.

وكثّف حزب الله عملياته ضد إسرائيل بعد مقتل قائد عملياته في جنوب لبنان فؤاد شكر بغارة اسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية في 30 تموز/يوليو. وتقول سعد: "على الأرجح، سيكون هناك مجدداً نوع من الردّ، من دون الوصول إلى مستوى الحرب، بمعنى أنه سيكون تصعيداً مضبوطاً، لكن سيكون نوعياً مختلفاً".

وبغضّ النظر عما إذا كان يمكن تجنّبها أو لا، ترى سعد أن "قرار الحرب ليس في يد حزب الله"، رغم أن إسرائيل "تستفزّه بكل الوسائل الممكنة". وتعرب عن اعتقادها بأنه سيستعيد تجربة مواجهاته مع الجيش الإسرائيلي عند آخر توغل بري في جنوب لبنان، مع إدراكه أنه أقوى عسكرياً من حليفته حركة حماس التي تقاتل القوات الإسرائيلية في غزة منذ قرابة عام. وتشرح سعد أن الحزب "متمكن للغاية، وأقول أكثر فاعلية من إسرائيل، عندما يتعلق الأمر بحرب برية... وقد رأينا ذلك تاريخياً، خصوصاً عام 2006".

وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الأسبوع الماضي، أن بإمكان مقاتليه منازلة الجنود الاسرائيليين في الميدان في جنوب لبنان وقصف شمال إسرائيل بالصواريخ في آن واحد، إذا ما أرادت إسرائيل التوغل في لبنان لإقامة منطقة عازلة. وحذّر نصرالله من أن "هذا الحزام الأمني" سيتحول إلى "فخ وإلى كمين.. لجيشكم إذا أحببتم أن تأتوا إلى أرضنا".

ونبّهت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير نشرته الاثنين إلى أن التصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيل "يرتّب مخاطر جسيمة". وقالت: "ربما اقتربت اللحظة التي يقرر فيها حزب الله أن "الرد الشامل وحده يمكنه أن يثني إسرائيل عن تنفيذ مزيد من الهجمات التي تضعفه أكثر".

(فرانس برس)

المساهمون