- محادثات بين وزير الدفاع السعودي ورئيس مجلس الوزراء اليمني تبرز لدعم العملية السياسية وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، مع توقعات بقرب التوقيع على الاتفاق.
- الخلافات حول شروط التسوية والمرجعيات الثلاث تعقد المشهد، مع استمرار السعودية في مساعيها لإنهاء الحرب وتوفير الأمان لمشاريعها الاقتصادية ضمن خطة 2030.
بعد العقبات التي استجدت في طريق التوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة اليمنية ويؤسس لحل سياسي جامع وفق خريطة الطريق الأممية، التي كشف عنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تبدو السعودية مستمرة بجهودها التي بذلتها خلال الفترة الماضية لطيّ صفحة الأزمة اليمنية وتجاوز العقبات في طريق التوقيع على الاتفاق.
وكانت الهجمات التي شنّها الحوثيون في البحر الأحمر، والتطورات التي أعقبتها، وفي مقدمتها تصنيف الإدارة الأميركية الحوثيين "جماعة إرهابية"، وتشكيل تحالف دولي لحماية طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، قد جمّدت مساعي حل الصراع اليمني في الأشهر الأخيرة.
وبرز الخميس، الماضي، لقاء وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، لبحث الجهود القائمة لدعم سير العملية السياسية بين الأطراف اليمنية، ومسار السلام، لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن.
وكشف وزير الدفاع السعودي أنه استعرض مع رئيس الوزراء اليمني التطورات في اليمن، ومساعي استكمال وتنفيذ خريطة الطريق برعاية الأمم المتحدة، مؤكداً موقف المملكة الثابت بدعم الحكومة والشعب اليمنيين، بما يلبي تطلعاتهم ويسهم في تنمية اليمن وازدهاره.
عدنان هاشم: يريد الحوثيون رفع سقف مطالبهم بفعل هجمات البحر الأحمر
الموقف السعودي جاء مختلفاً عن موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، الذي أعلنه بن مبارك، الاثنين الماضي، حين قال إن خريطة الطريق المعلن عنها من قبل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، والتي سبق أن رحبت بها الحكومة، توقفت بسبب التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية، مشيراً إلى أن توقف خريطة الطريق أدى إلى تراجع أفق الحل السياسي.
خريطة طريق الأزمة اليمنية
وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قد قال، الشهر الماضي، إن بلاده مستعدة للتوقيع على خريطة الطريق، التي أعلنت عنها الأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، بشأن الأزمة اليمنية.
وأكد بن فرحان، في تصريحات صحافية، التزام بلاده التام بخريطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة واستعداد بلاده للتوقيع عليها في أقرب فرصة، نافياً توقف جهود التوصل إلى اتفاق سلام في اليمن والتخلي عن الخريطة بفعل التوترات في البحر الأحمر جراء هجمات الحوثيين على السفن التجارية.
التناقض في المواقف المعلنة يكشف عن وجود عقبات في طريق التوقيع على اتفاق ينهي الحرب في اليمن ويؤسس لحل الأزمة اليمنية، لكن متابعين للشأن اليمني يتوقعون قرب التوقيع على الاتفاق نتيجة حرص الإدارة السعودية على إنهاء الحرب في اليمن بعد تسع سنوات من اندلاعها، وعدم تأثير الأحداث في البحر الأحمر على مسار السلام في اليمن.
حول هذه التطورات، قال الباحث في مركز اليمن والخليج للدراسات عدنان هاشم، لـ"العربي الجديد"، إن السعودية تريد إبقاء جهود إنهاء حرب اليمن قائمة، واعتبار خريطة الطريق الأممية نافذة مهمة لتحقيق هذه الغاية، لكن يبدو أن ضغوطاً أميركية وعدم رغبة إيرانية تضغط على إبقاء مسار السلام متوقفاً، وهو أمر ينعكس على الداخل اليمني، إذ يريد الحوثيون رفع سقف مطالبهم مع ما يعتبرونه تغيّر الديناميكيات الإقليمية والدولية لصالحهم بفعل هجمات البحر الأحمر.
وأضاف هاشم: "الأمر ذاته بالنسبة للحكومة المعترف بها دولياً وحلفائها الذين يأملون بدعم غربي عسكري من أجل ترجيح كفة الحكومة العسكرية، التي تضاءلت خلال العامين اللذين سبقا الهدنة، وبناءً على آمال الأطراف اليمنية، لا يبدو أن الظروف مهيأة للنجاح ما لم يحدث تغيير في المعطيات الحالية".
وسام محمد: السعودية تسعى للخروج من المستنقع اليمني، ويبدو أنها حسمت قرارها
وأشار هاشم إلى أن عدم عودة الحرب والهجمات الحوثية العابرة للحدود هي أولوية بالنسبة للسعودية، كما أن من مصلحتها إبعاد شبه الجزيرة العربية عن الاستقطاب في فوضى النظام الدولي".
ورأى أنه إذا كان هناك اتفاق ورغبة إقليمية ودولية في الوصول إلى خريطة طريق، فإن التوقيع ممكن والوقت مناسب له، وسبق أن تجاوزت السعودية المحظورات الأميركية عندما رغبت بذلك، ومع ذلك، هناك صعوبة بالتكهن بالمسار الحالي للأحداث، متوقعاً أن "الجمود سيستمر حتى انتهاء حرب غزة، بعدها ستتضح معالم الصورة في المنطقة وما نحن قادمون عليه".
أهداف السعودية في اليمن
من جهته، قال الكاتب وسام محمد، لـ"العربي الجديد"، إن "السعودية تسعى للخروج من المستنقع اليمني، ويبدو أنها حسمت قرارها، وأصبح كل همها توفير شروط الأمان اللازمة لمشاريعها الاقتصادية ضمن خطة 2030".
وأضاف أن "التطورات الأخيرة في البحر الأحمر تجعل السعودية مغتربة عن الواقع، خصوصاً إذا ما عرفنا أن أبرز دوافع الحوثيين من وراء رفع عنوان نصرة غزة واستهداف السفن، في الأساس كان من أجل تجاوز التسوية والمفاوضات التي ذهبت إليها جماعة الحوثي بدفع من إيران بعد إعادة الأخيرة علاقاتها مع السعودية".
ورأى محمد "أن الحوثي اليوم سيرفع من سقف شروطه إلى الحد الذي تكون معه التسوية تتجاوز المرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن، وتقوم التسوية أيضا بتسليم حكم اليمن للحوثيين".
وأعرب عن اعتقاده "أن السعودية ماضية في خياراتها في الخروج من الحرب في اليمن، غير أنها لن تستطيع إنجاز تسوية مع الحوثي، ما سيعيد طرح المسألة على طاولة اليمنيين أنفسهم، ولا يوجد أحد في صفوف القوى المناهضة للحوثيين بإمكانه أن يقبل بمشروع الولاية الذي هو في صميم الأيديولوجيا الحوثية".