- الرئيس أردوغان يدعو لهزيمة المعارضة في المدن الكبرى، فيما تشير النتائج الأولية إلى تقدم المعارضة، ما يثير نقاشات حول إمكانية إجراء انتخابات مبكرة ويعكس حدة المنافسة السياسية.
- الانتخابات تعتبر اختبارًا لشعبية الأحزاب وقدرتها على إدارة المدن وميزانياتها، مع تأثير محتمل للنتائج على الخريطة السياسية التركية والسياسات المستقبلية.
يوم تركي طويل وتوقعات بتغيّر خريطة البلديات
استطلاعات ترجّح سيطرة المعارضة التركية على بلديات المدن الكبرى
61 مليون تركي ينتخبون اليوم ممثليهم بمجالس البلديات والأحياء
تحظى انتخابات بلدية إسطنبول الكبرى باهتمام حزبي وشعبي خاصّين
وسط توقعات بمفاجآت كبيرة لصالح المعارضة التركية التي تدخل انتخابات العام الجاري "مشرذمة" وليست حزباً واحداً كما في انتخابات عام 2019، إلا أن استطلاعات الرأي تشير إلى رجوح كفّتها، على الأقل بالولايات الكبرى التي خسرها حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بالانتخابات البلدية السابقة "إسطنبول، أنقرة وإزمير" واستمرار رؤساء بلدياتها من حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، رغم ما قاله الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بخطابه للشعب التركي: "دعونا نرسلهم إلى التقاعد في 31 مارس/ آذار في أنقرة وإسطنبول وإزمير"، في إشارة إلى رؤساء البلديات المعارضين بالمدن التركية الثلاث الرئيسية.
وتبدأ صباح اليوم الأحد في 81 ولاية تركية الانتخابات البلدية "رؤساء البلديات وأعضاء مجالس البلديات والمسؤولين الإداريين في الأحياء" من الساعة السابعة صباحاً وحتى الرابعة عصراً بالتوقيت المحلي في الأقاليم الشرقية، ومن الثامنة صباحاً حتى الخامسة مساءً في باقي أنحاء البلاد، لتبدأ عمليات فرز الأصوات بعد إغلاق الصناديق وظهور النتائج الأولية بحلول العاشرة مساءً.
وبحسب بيانات تركية رسمية، يحق لنحو 61 مليون ناخب أن يدلوا بأصواتهم اليوم في صناديق الاقتراع في 81 ولاية تركية، لاختيار رؤساء بلديات 30 بلدية كبرى، و51 بلدية صغرى، و973 رئيس بلدية منطقة، و390 بلدة، و50 ألفاً و336 رئيساً للأحياء في عموم البلاد، إلى جانب أعضاء المجالس المحلية. ضمن انتخابات وصفت بالذكورية، إذ لا تتجاوز نسبة النساء بين مرشحي حزب "العدالة والتنمية" 2.2 بالمائة، وحزب "الشعب الجمهوري" 9.3 بالمائة، وحزب "الشعوب الديمقراطي" 31 بالمائة، وبمنافسة هي الأشرس بحسب مراقبين، يخوضها 36 حزباً سياسياً وعشرات المرشحين المستقلين، بحسب رئيس المجلس الأعلى للانتخابات، أحمد ينر.
لكن الأبرز والأكثر جماهيرية، أحزاب "العدالة والتنمية" الحاكم (حزب أردوغان)، وحزب "الشعب الجمهوري" المعارض، وحزب "الرفاه الجديد"، وحزب "السعادة" ذو التوجه الإسلامي، وحزب "النصر" اليميني المتطرف، وحزب "الجيد"، وحزب "الشعوب الديمقراطي".
وتحظى انتخابات بلدية إسطنبول الكبرى، التي يتنافس على رئاسة بلديتها 49 مرشحاً، باهتمام حزبي وشعبي خاصّين، نظراً للثقل السكاني والاقتصادي والتاريخي الذي تتمتع به إسطنبول، فضلاً عن الميزانية الهائلة التي تتيح لبلديتها إقامة مشروعات اقتصادية وخدمية، إذ تبلغ ميزانية إسطنبول لعام 2024 نحو 516 مليار ليرة (16.05 مليار دولار) بما يشمل المناطق التابعة لها، في حين تبلغ ميزانية العاصمة أنقرة 92 مليار ليرة (2.8 مليار دولار).
وتمنح إدارة المدن الكبرى وميزانياتها الأحزاب بعض السيطرة على التمويل والعقود وفرص العمل بما يعزز شعبيتها على مستوى البلاد، لكن إسطنبول تحظى بمكانة خاصة بالنسبة إلى الرئيس التركي أردوغان، لأنها شهدت صعود نجمه السياسي خلال رئاسته لبلديتها في الفترة من 1994 إلى 1998.
ويصوت في إسطنبول، بحسب المجلس الأعلى للانتخابات، ما يقرب من 11 مليون ناخب، فيما تُعَدّ نسبة المشاركة في الانتخابات العامة والمحلية في تركيا مرتفعة للغاية، وتقترب من 90 بالمائة لاختيار رئيس البلدية الكبرى التي يتنافس عليها مرشحو الأحزاب ومستقلون، بيد أن الأبرز والأوفر حظاً حسب استطلاعات الرأي، هو مرشح "حزب الشعب الجمهوري" ورئيس بلديتها الحالي أكرم إمام أوغلو (52 عاماً)، ومن ثم منافسه الأبرز مرشح حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، الوزير السابق مراد قوروم (47 عاماً).
فيما تحتدم المنافسة على بلدية أنقرة الكبرى، بين مرشح حزب "الشعب الجمهوري" ورئيس البلدية الحالي، منصور يافاش، ومرشح حزب "العدالة والتنمية"، تورجوت ألتينوك، وترجح استطلاعات الرأي تقدم يافاش على ألتينوك.
ويرى المعارض التركي، أوزجان أويصال، أن حزب "العدالة والتنمية" سيُمنى "بهزيمة كبرى بالولايات الكبرى"، متوقعاً فوز مرشحي حزب "الشعب الجمهوري" المعارض بالبلديات الكبرى لإسطنبول وأنقرة وإزمير وأنطاليا وانطاكيا وغيرها من الولايات الكبرى، مشيراً إلى دخول حزب "الرفاه الجديد" الذي يتوقع إحداثه مفاجآت خلال انتخابات اليوم.
وحول الأسباب، يضيف أويصال لـ"العربي الجديد" أن فشل الحزب الحاكم بتحسين الوضع المعيشي وزيادة تدهور سعر الليرة "نحو 32.5 للدولار" وزيادة نسبة التضخم "أكثر من 63 بالمائة" هي الأسباب الأهم، فضلاً عن أسباب أخرى عرف مرشحو المعارضة ملامستها، خصوصاً لدى شريحة الشباب بعموم تركيا، مدعماً آراءه بما صدر عن مراكز استطلاع الرأي خلال الأيام الأخيرة، وغير مستبعد إعادة انتخابات بلدية إسطنبول "لسبب ما، لأن العدالة والتنمية لن يقبل بالخسارة بسهولة".
وتلقى استطلاعات الرأي التي تكثر بتركيا، قبل الانتخابات، أهمية كبيرة، نظراً لما تعطيه من مؤشرات عن توجهات الناخبين أو لما تمنحه للساسة من دلائل لإعادة التحالفات وتكثيف الحملات والوعود.
وكشف متوسط نتائج 14 استطلاع رأي أجرتها مراكز متنوعة خلال مارس/ آذار الجاري بمدينة إسطنبول، عن تصدر المرشح إمام أوغلو بنسبة 42.8 بالمائة، ويليه مراد قوروم بنسبة 39.7 بالمائة، بينما تمكن مرشح "حزب المساواة الشعبية والديمقراطية الكردي" من تأمين المركز الثالث، متجاوزًا بذلك توقعات بتفوق أحزاب أخرى كالرفاه الجديد، والجيد الذي تقوده ميرال أكشنر.
وحول توقعات نتائج انتخابات العاصمة أنقرة، دلت نتائج استطلاعات الرأي التي أجرتها أبرز 4 مراكز استطلاع، على تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري منصور يافاش بنسبة 47 بالمائة، متفوقًا على مرشح تحالف الشعب تورغوت ألتينوك الذي حصل على 37.6 بالمائة.
كذلك لم تخرج ولاية إزمير "معقل المعارضة" عن التوقعات ذاتها بفوز مرشح المعارضة، إذ بينت تقدم مرشح الشعب الجمهوري، جميل توغاي، بنسبة 43.8 بالمائة مقابل 34.9 بالمائة للمرشح المنافس، بحسب متوسط ما أعلنت عنه 6 مراكز استطلاع رأي، لتبقى الولايات التي ضربها الزلزال العام الماضي "جنوبي تركيا" ضمن سيطرة الحزب الحاكم "مرعش، اديامان، ايلازيغ، غازي عنتاب، كليس، ملاطية، عثمانية"، وتتأرجح التوقعات حول شانلي أورفا التي رجحت أصوات سيطرة حزب الرفاه الجديد فيها.
ويقول عضو حزب العدالة والتنمية الحاكم، يوسف كاتب أوغلو، إن المنافسة شديدة لاستعادة بلدية إسطنبول "ولن نعوّل على استطلاعات الرأي"، رغم أن النسب التي صدرتها متقاربة وقد يغيرها دخول نحو 1.4 مليون تركي ينتخبون لأول مرة بدخولهم عامهم الـ18.
ويضيف كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد"، أن هناك أمرين حاسمين قد يغيران من نتائج الاستطلاعات من خلال الصناديق، الأول هم الفئة الرمادية "المترددون بالذهاب للانتخابات"، ونسبتهم 12 بالمائة، والأمر الثاني هو نسبة المشاركة. لأن الانتخابات السابقة لم تزد المشاركة على 78 بالمائة، وخسر مرشح "العدالة والتنمية"، بن علي يلدريم، أمام أكرم إمام أوغلو رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بفارق 13 ألف صوت فقط.
ويشير عضو الحزب الحاكم إلى أنه "رغم أن المؤشرات ترجّح إمام أوغلو، ولو بنسبة ضئيلة، ولكن يجب ألّا ننسى أن الغالبية ببلديات إسطنبول الفرعية "39 بلدية" هي ما تشكل المجلس البلدي، ولم تزل 24 بلدية منها بيد "العدالة والتنمية" ونتوقع المزيد"، متوقعاً أن نجاح أكرم إمام أوغلو، إن حدث بإسطنبول، سيكون نهاية لرئيس حزب الشعب الجمهوري السابق، كمال كليتشدار أوغلو، الذي علت أصوات مؤيديه بالحزب أخيراً وتوقعات عودته بحال خسارة إمام أوغلو (نشط تيار الأول من نيسان بـ"الشعب الجمهوري"، الداعي إلى ترؤس إمام أوغلو الحزب).
وحول ما يشاع عن انتخابات مبكرة، برلمانية ورئاسية، إن فازت أحزاب المعارضة بالبلديات الكبرى، يؤكد عضو حزب العدالة والتنمية أن "الانتخابات البلدية خدمية ليس إلا، تتعلق بتوفير احتياجات السكن، خدمات الصحة والتعليم، والخدمات الثقافية والاجتماعية، وتوفير فرص العمل لمواطني الولاية، وحماية الأصول الثقافية والطبيعية، إضافة إلى حماية المناطق الزراعية وأحواض المياه، ولا يمكن ربطها بالانتخابات الرئاسية أو حتى البرلمانية، كذلك فإن الانتخابات المبكرة هي قرار الرئيس رجب طيب أردوغان بالنظام الرئاسي الذي بتّ أنها لن تكون قبل عام 2028"، مشيراً في الوقت نفسه إلى إرهاق الناخب التركي الذي انتخب ثلاث مرات خلال 10 أشهر (برلمانية ورئاسية وإعادة رئاسية)، ومعتبراً أن الترويج لانتخابات مبكرة هو إحدى أدوات المعارضة بحملاتها الانتخابية.