هل يصمد بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية رغم تزايد الضغوط لانسحابه؟

29 يونيو 2024
بايدن وترامب خلال المناظرة الرئاسية الأولى، 27 يونيو 2024 (جايبين بوتسفورد/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- سقوط الرئيس الأميركي جو بايدن في المناظرة الرئاسية أثار انقساماً داخل الحزب الديمقراطي بين مؤيدين لاستمراره في السباق الانتخابي ومن يدعون للبحث عن مرشح بديل، معتبرين أداءه قد يضر بفرص تجديده للرئاسة.
- استطلاعات الرأي تظهر أن المناظرة لم تؤثر كثيراً على نظرة الناخبين لأهلية بايدن، مما عزز موقف المتمسكين به، مؤكدين أن القرار بشأن استمراره يعود له شخصياً.
- صحيفة نيويورك تايمز دعت بايدن لمغادرة السباق الانتخابي، مما أثار جدلاً حول مستقبل ترشيحه وعكس قلق الحزب الديمقراطي بشأن مواجهة ترامب، مع التأكيد على أهمية الوقت في تحديد مسار الأحداث.

ما زالت تداعيات سقوط الرئيس الأميركي جو بايدن الفاضح في امتحان ليلة الخميس (المناظرة الرئاسية) تتوالى وسط انقسام عميق في خندقه الحزبي - الانتخابي، إذ يؤكد فريق وجوب استمراره في خوض المعركة، رغم الصدمة التي هددت وضعه، مقابل دعوة أخرى تدفع باتجاه مرشح بديل، على أساس أن القصور الذي كشف عنه في المناظرة حكم بالإعدام على احتمال تجديد رئاسته.

ولكل من الفريقين منطلقاته؛ الأول يضع أداء الرئيس في إطار "الكبوة العابرة" التي يمكن تصحيح مسارها وبما يجدّد الزخم لحملته الانتخابية، خصوصاً أن هناك سوابق من هذا النوع، انتهت إلى استئناف الحملة وفوز صاحبها، كما حصل مثلاً مع الرئيس ريغان في مناظرته الأولى في 1980، والثاني يدعوه إلى الانسحاب. وتقول مصادر قريبة منه، إن الرئيس كان ليلة المناظرة "مصاباً بزكام" ساهم في سوء أدائه خلال المناظرة، حيث تحدث الجمعة في مناسبتين بدا خلالهما على قدر لافت من الحضور والحيوية التي سُلِّطَت الأضواء عليها كدليل على أن ما جرى ليلة الخميس كان الاستثناء وليس القاعدة.

وانضمت جهات إعلامية وسياسية إلى جوقة تهوين "الكبوة" من ناحية أنها جاءت على غير عادة؛ وبالتالي ليس فيها ما يستدعي "الهلع والذعر" والركض للبحث عن مرشح بديل لبايدن، خصوصاً أن المناظرة لا يبدو أنها أدت إلى تغيير ملحوظ لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب. ففي استطلاع أجرته مؤسسة الأبحاث Ipsos تبيّن أن المناظرة كان لها أثر بسيط على نظرة الناخب لأهلية بايدن الذهنية، حيث هبطت بمقدار 0,7 من أصل 5 وبنسبة مماثلة تقريباً، 0,5 بالنسبة إلى أهليته الصحية. أما لناحية المفاضلة، فقد نزل بايدن من 39,7% إلى 39,3%، في حين صعد ترامب من 39,2% إلى 39,7%. هذه الأرقام عززت حيثيات المتمسكين بالرئيس بايدن الذي نسبت إليه مصادره رفضه البحث في موضوع استبداله.

والمعروف أن مفتاح البديل يمسك به الرئيس وحده. فالمرحلة الأولى من الانتخابات مضت والمندوبون الذين اختيروا في الولايات في أثناء هذه المرحلة، ملزمون بالتصويت لبايدن في المؤتمر الحزبي العام في أواسط أغسطس/ آب القادم. وحسب الأنظمة المرعية، يمتنع عليهم تجيير أصواتهم لغير الرئيس إلا بعد موافقته على الانسحاب. كذلك يحتكر بايدن التصرف بمالية الحملة الانتخابية، باعتباره المرشح المعلن؛ وبالتالي هو المرجع لعمل ونشاطات الماكينة الانتخابية. بالإضافة إلى ذلك، ضَمن بايدن بحكم فوزه في الانتخابات الأولية، ولاء القيادات الحزبية له. وعليه لا يستقيم المجيء ببديل من غير دعم وموافقة بايدن الرافض مع لفيفه وبطانته الداخلية لفكرة الانسحاب.

مع ذلك، دعت صحيفة نيويورك تايمز، في افتتاحية يوم الجمعة، الرئيس إلى مغادرة السباق، وهي دعوة استوقفت المعنيين بالمعركة الانتخابية، بحكم أن هذه الصحيفة الرئيسية الليبرالية، تمثل الصوت الإعلامي المؤثر والمحسوب على الخندق الديمقراطي. بذلك، يُفترض أنها جاءت بهذا الموقف من باب الحرص على تعزيز وضع المرشح الديمقراطي لكسب المعركة ضد ترامب. واللافت أكثر أنها لم تكن لتدعو بايدن إلى الانسحاب في هذه اللحظة لولا توافر معلومات لديها حملتها على استشراف مطبات أخرى تهدد بايدن، وبالتالي تخدم ترامب.

يذكر أن دعوة الصحيفة ليست وحيدة، ولو أنها الأقوى. ولوحظ أن دعوتها مع آخرين ترافقت مع تداول أسماء مرشحين محتملين، وإن على سبيل جسّ النبض، من بينهم حكام ولايات مهمة، مثل كاليفورنيا، ميشيغين، بنسلفانيا، وغيرها من الأسماء التي شغلت أو تشغل مواقع حكومية مختلفة، ليس من بينها اسم نائبة الرئيس كامالا هاريس التي كان الأحرى أن تكون الأولى بالمعروف، لكن رصيدها الأضعف من رصيد الرئيس، كان وراء استبعادها. بل كانت هناك مناشدات في بداية الموسم الانتخابي لأن يختار نائباً غيرها له، لكنه رفض.

في ظل هذه الخضّة التي سبّبها الرئيس، يبقى الوقت العامل الأهم. في أقل من شهرين ينعقد المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي لتطويب مرشحه. بعدها يبقى شهران ونيّف للاستحقاق. وإلى حين حسم الأمر، يبقى الموضوع مدار جدل بين الفريقين، ويثير قلق المتخوفين من تزايد التعقيدات والانقسامات وانعكاسات ذلك على المشهد الانتخابي وإرباكه. الحزب الديمقراطي في الوقت الحاضر صار بالنسبة إلى انتخابات الرئاسة مثل لبنان إلى حد ما: مرشحه المطروح باتت طريقه مهددة بالانسداد، ومرشحه المطلوب مفقود حتى الآن.