انقضى ثلث مدة "الإجراءات الاستثنائية" التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيّد المحددة بشهر منذ قراره تعليق عمل البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي وعدد من الوزراء، من دون أن يعيّن خلفاً له، وبرغم زخم الأسماء المقترحة لشغل المنصب التي تناقلتها الكواليس فإن تكليف شخصية خارج التوقعات يبقى مطروحاً بقوة.
وتطوي تونس اليوم 10 أيام منذ إعفاء المشيشي وإعلان سعيّد قراره تعيين رئيس حكومة جديد يساعده في تسيير السلطة التنفيذية التي باتت تحت سلطته بأكملها بتجميد البرلمان.
ولم يكشف سعيّد بعد عن هوية رئيس الحكومة الثالث منذ بداية ولايته في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، ولا عن ملامح الحكومة المرتقبة ولا عن إجراءات تشكيلها، ليعمّ الغموض المشهد السياسي في تونس، وسط تزايد المطالب الداخلية والخارجية بالمسارعة بكشف خريطة طريق المرحلة المقبلة وتشكيل حكومة وإعادة عمل البرلمان والمؤسسات.
وتتداول الأوساط السياسية والإعلامية أسماء العديد من المرشحين من وزراء سابقين وخبراء ورجال قانون وأمن ممن لهم خبرة وتجربة في التسيير الحكومي. وتشترك مواصفات الشخصيات المتداولة في عامل الولاء لسعيّد أولاً، وفي الاستقلالية عن الأحزاب ثانياً، وفي التجربة الاقتصادية والخبرة القانونية ثالثاً.
ويطرح بقوة سيناريو تعيين سعيّد شخصية من خارج التوقعات، بما قد يفاجأ المتتبعين ومختلف مكونات المشهد السياسي الوطني والدولي.
وقال المحلل السياسي ماجد البرهومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "من الطبيعي والمتوقع أن يعين سعيّد شخصية غير متوقعة وبشكل مفاجئ من خارج المنظومة"، مشيراً إلى أن "سعيّد نفسه شخصية من خارج المنظومة".
وتابع "خطوات سعيّد جميعها وأفكاره ومواقفه وحتى تصريحاته من خارج المألوف وقد شهدنا خلال عامين ممارسات سياسية جديدة".
وأضاف البرهومي "شخصية سعيّد ومشروعه يقوم على القطع مع الماضي والمألوف والتأسيس لمنظومة جديدة بشخصيات جديدة ولا يؤمن بالظاهرة الحزبية والتنظيم الكلاسيكي الحزبي"، موضحاً أن "تعيبن هشام المشيشي في الحكومة الثانية كان مخالفاً للتوقعات وبعيداً عن كل انتظارات الأحزاب وكذلك إلياس الفخفاخ في الحكومة الأولى وبالرغم من اقتراح من أحزاب فإنه من خارج الإجماع".
ورجح المحلل ذاته أن يعود ذلك إلى غياب التجربة عند الرئيس التونسي، وعدم معرفته بالحياة السياسية وبالفاعلين وبالخبرات والاقتصادية والمالية والحزبية، مشدداً على أن "أغلب تعييناته من المقربين منه من الموالين له ومن صداقاته وصداقات مديرة ديوانه نادية عكاشة، على أساس ما ينقل له من جهة وعلى أساس الولاء من جهة أخرى".
وبيّن البرهومي أن "رئيس الحكومة يجب أن يمتلك ما يكفي من الخبرة الاقتصادية والأمنية والقانونية نظراً للتحديات الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، غير أنه من الممكن أن تخيب كل التوقعات ويأتينا سعيّد بشخصية من المقربين أو الموالين كما دأبت عليه تونس في مختلف الحكومات والتعيينات".
ومضى قائلاً "رأي نادية عكاشة مديرة الديوان الرئيسي سيكون محدداً وحاسماً فهي تعد فاعلاً رئيسياً في القصر وفي المشهد الحالي".
وأضاف أن تجربة سعيّد مع "المشيشي الذي يعتبره انقلب عليه وخانه وتجربة تحالف الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي مع النهضة وانقلابها عليه، وتجربة السبسي مع يوسف الشاهد الذي انقلب عليه أيضاً جميعها ماثلة أمامه وتفسر تخوّفه من تعيين رئيس حكومة من غير الموالين وممن يثق بهم بشكل كبير، خصوصاً ما يفرضه الوضع الاستثنائي".
وخلص البرهومي إلى القول "من الممكن أيضاً أن تكون عكاشة مديرة ديوانه رئيسة حكومته القادمة".