يستبعد مراقبون ومحللون في الشأنين الأمني والسياسي، إمكان تطبيق قرار رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، بشأن تقليص أعداد مرافقي المسؤولين والسياسيين والنواب لحمايتهم، وإنهاء المظاهر المسلحة التي ترافق مواكبهم خلال تنقلاتهم ما بين الأحياء والمدن والمحافظات، لا سيما وأنّ القرار أقرّته حكومات سابقة دون أن تتمكّن من تنفيذه.
وأصدر السوداني، مطلع هذا الأسبوع، توجيهاً بتقليص أعداد الحمايات وحركة "عجلات الحماية المكشوفة" التي تحمل مقاتلين وأسلحة مختلفة وترافق المسؤولين والقادة، مؤكداً، في بيان، أن منع "المظاهر المسلحة جاء كونها تعكس ظاهرة غير حضارية ولا تتلاءم مع تطلعات واهتمامات المواطنين وحالة الأمن والسلام التي تعيشها مدن العراق".
وسبق أن قرر رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي (2014–2018)، تخفيض أعداد حمايات المسؤولين والرئاسات بنسبة 90%، إضافة إلى هيكلة أفواج الحماية الخاصة بالرئاسات الثلاث، واعتبر حينها أنّ "القرار يوفر لموازنة الدولة ما يزيد عن 20 ألف عنصر أمني تتجاوز رواتبهم 250 مليار دينار سنوياً"، إلا أنّ أياً من هذا لم يتحقق على أرض الواقع.
كما كان رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي (2020–2022)، قد تحدّث عن تقليل أعداد الحمايات للمسؤولين، ضمن خطته التي لم تتحقق لتقليص امتيازات أعضاء مجلس النواب وكبار المسؤولين والدرجات الخاصة، جرّاء الأزمة المالية التي مرّت بالبلاد مع تفشي فيروس كورونا، ولم تنجح خطته بسبب رفض الأحزاب لهذا التوجه، وقد تعرّض لانتقادات سياسية وتهديدات من قبل المليشيات المسلحة الموالية لإيران.
منع استغلال موارد الدولة
في السياق، قال العضو المستقل في البرلمان العراقي هادي السلامي، إنّ "هناك حاجة فعلية لتقليل حمايات المسؤولين وتوجيه هذه الأعداد إلى الخدمة الأمنية في أجهزتهم الأصلية، لأنّ الوضع الأمني بات مستقراً داخل المدن، إضافة إلى أنّ بعض هذه الحمايات غير مدربة على التعامل المدني مع الناس، ما يتسبب بصدامات نسمع بها بين فترة وأخرى".
وأضاف السلامي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ الشروع بمثل هذه الإجراءات يمنع إلى حد كبير، استغلال موارد الدولة، متحدثاً عن وجود انتقادات كثيرة ضد السياسيين بسبب الأعداد الكبيرة المستخدمة في حمايتهم وحماية مقراتهم.
من جانبه، أشار الناشط السياسي العراقي وائل البارود، إلى أنّ "القرار قد لا يتحقق لأنّ المسؤول يستمتع بهذه الحماية، ويجدها مهمة كمظاهر مرتبطة به وبقوة نفوذه السياسي"، لافتاً إلى أنّ "الاشتباكات التي وقعت في المنطقة الخضراء، نهاية العام الماضي، كانت خير دليل على استخدام سلاح الحمايات لتنفيذ أهداف سياسية".
ولفت البارود، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "الحياة السياسية باتت مشوهة لدرجة خطيرة، وترتد نتائجها على الشعب العراقي، لا سيما وأن شريحة من السياسيين يتفاخرون أمام بعضهم بأنهم يملكون أعداداً من المسلحين والحمايات أكثر من غيرهم".
وبحسب قوله، فإنّ "هذه الحمايات تُستخدم أحياناً لترهيب المعارضين للسلطة الحالية، أو المتظاهرين والناقمين على النظام الحالي".
وكانت مصادر في وزارة الداخلية العراقية، قد قالت في وقتٍ سابق، لـ"العربي الجديد"، إنّ نحو 15 ألف منتسب أمني، ما بين عناصر وضباط، يخدمون القادة السياسيين وزعماء الأحزاب والبرلمانيين ورؤساء الكيانات، فضلاً عن المسؤولين المتقاعدين، مثل الوزراء ووكلائهم.
ووفقاً للعرف السياسي في العراق، فإنّ المسؤولين من الخط الأول وغيرهم ممن يشغلون مناصب عليا في الدولة، والمحالين على التقاعد، وأغلبهم قادة في الأحزاب المتنفذة، يحظون بأهمية أمنية كبيرة، وتُخصص لهم سيارات حكومية مصفحة، مع تنسيب عدد من ضباط الحماية والاستطلاع لغرض تأمين جولاتهم وتحركاتهم.