هو الطوفان الثاني

29 ابريل 2024
من اعتصام داخل جامعة كاليفونيا بيركلي، الجمعة الماضي (جون ج. مابانغلو/Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية والأوروبية تتسع رقعتها، مطالبة بوقف الحرب على غزة والمساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، وتسلط الضوء على الدفاع عن الحرية والإنسانية.
- اعتقالات واسعة في الجامعات الأميركية تكشف عن مدى عمق وجدية الاحتجاجات الداعمة لفلسطين، مع تأكيد على أن الشباب من مختلف الثقافات يوحدون صوتهم من أجل العدالة والحق.
- الاتحاد العام لطلبة تونس يدعو لتظاهرات دعماً للحركة الطلابية العالمية وفلسطين، مؤكداً على استمرارية فكرة الحرية والعدل والديمقراطية، وتوقع امتداد "طوفان الأقصى" ليفاجئ العالم.

ليس مجرّد نزاع مسلّح بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، ليست مجرّد حرب عسكرية. قال مفكّرون ومحلّلون كثيرون إن تسميتها "طوفاناً" لم يكن اعتباطياً، ويجد معناه كل يوم فيما يحدُث حولنا. ما يحدُث في العالم منذ أن اندلعت الحرب، وما يحدُث اليوم بالذات في العواصم الغربية وجامعاتها وشوارعها، يؤكّد أن الطوفان يجرف معه الأفكار، ويعرّي الشوارع وثوابتها وأصنامها القديمة، ويكشف حقيقتها أمام الجميع. يكشف موقع أكسيوس الأميركي أنه جرى، حتى 26 إبريل/نيسان الحالي، اعتقال قرابة 600 شخص في 15 حرماً جامعياً في أنحاء الولايات المتحدة، في أقل من عشرة أيام، وأن إدارات الجامعات اتجهت إلى قمع المتظاهرين بطرق غير مسبوقة مع تزايد حجم الاحتجاجات وكثافتها.

تتسع رقعة احتجاجات طلاب الجامعات ضدّ الحرب على غزّة، وانضمّت إليها عشرات الجامعات والمؤسّسات التعليمية العالية في مختلف الولايات الأميركية، قبل أن تنتقل الشرارة إلى الخارج في فرنسا وكندا وأستراليا. يطالبون بوقف دائم لإطلاق النار في غزّة، ووقف المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، وسحب استثمارات الجامعات مع الشركات الداعمة لإسرائيل، ووقف التعاون الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية، والتراجع عن الإجراءات القمعية التي واكبت الحراك. ليست هذه الفكرة، بالضرورة، دفاعاً عن فلسطين أو المقاومة، ولكنها فكرة الدفاع عن الحرية والإنسانية والعدل والحق.

عند مشاهدة مقاطع فيديو، نشرت الخميس، لحظة اعتقال رئيسة قسم الفلسفة في جامعة إيموري في أتلانتا الأميركية، نويل مكافي، وأستاذة الاقتصاد كارولين فوهلين، على إثر مشاركتهما في احتجاج داعم لفلسطين، يمكن إدراك أن خلفية الاحتجاجات هذه المرّة عميقة جداً. آلاف الشباب يحتجّون بلغات متعدّدة، من جنسيات مختلفة ومن ثقافات متناقضة أحيانا، تذكّر بالطوفان الأول، موجات الربيع العربي الذي كسر الحدود وألّف حوله الشباب من فئاتٍ كثيرة في العالم. ويُمكن فهم اليوم لماذا سعت قوات كبيرة في هذا العالم، غربية وعربية، إلى إيقاف مدِّه ومحاصرته وإنهاء كل نفس فيه، وقد نجحوا في ذلك... تماماً؟ قطعا لا، بل إلى حد كبير، لأن أنفاساً في تونس وفي غيرها من مدن الربيع لا تزال تنبض بالفكرة نفسها، فكرة الحرية والعدل والحقّ في الديمقراطية، ولا تزال مؤمنة بأنها ستنتصر، لأن معاول الهدم لم تقتلها نهائياً.

دعا الاتحاد العام لطلبة تونس إلى تنظيم تظاهرات طلابية دعماً للحركة الطلابية في الجامعات الأميركية والأوروبية، مع إقامة يوم وطني للتضامن مع فلسطين في جميع الجامعات، اليوم الاثنين، لعلنا نرى صحوة عربية شبابية تسند المقاومة وتدافع عن نضارة الفكرة، فكرة الحرية، وتؤكّد أن الطوفان الثاني، طوفان الأقصى، سيمتد وسيفاجئ مراكز التوقّعات العسكرية التي تتصوّر أنها تدير العالم وتحدّد حاضره ومستقبله.

المساهمون