أعلنت منظمات حقوقية ومدنية جزائرية، السبت، تشكيل لجنة لمناهضة التعذيب، ومتابعة حالات العنف التي يتعرض لها المعتقلون في مراكز الأمن والاستخبارات، بعد كشف طالب جامعي عن تعرضه للتعذيب والاغتصاب في مركز تابع لجهاز المخابرات.
وشكلت الهيئة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، والتنسيقية الوطنية للجامعيين الجزائريين من أجل التغيير، وهيئة الدفاع عن معتقلي الرأي؛ "لجنة مناهضة التعذيب". وشرح عضو اللجنة سيد جعفر خلال مؤتمر صحافي أن الدوافع وراء إنشائها تتمثل في إشعار الرأي العام بخطورة استمرار ممارسة التعذيب في الجزائر، والتجاوزات المرتكبة في حق الموقوفين، والتي تعدّ خرقاً واضحاً للقانون ولالتزامات الجزائر الدولية، مشيراً إلى أن إنشاء لجنة مناهضة التعذيب وظروف السجن غير الإنسانية في الجزائر، يدخل ضمن النضال من أجل تحقيق العدالة.
وذكر البيان التأسيسي للجنة أن "الطالب وليد نقيش كسر جدار الصمت من خلال الحديث أمام القضاة عن ما تعرض له. لقد كان شجاعاً ومثالياً"، وحذّر البيان من أن يكون إطلاق السلطات "للتحقيق الابتدائي، مجرد وسيلة لتهدئة الغضب والسخط".
وكان الطالب الجامعي ومعتقل الرأي السابق وليد نقيش قد كشف خلال محاكمته التي انتهت بالإفراج عنه قبل أسبوعين عن تعرضه للتعذيب في مركز (عنتر) التابع للاستخبارات على يد عناصر جهاز الأمن الداخلي، لمدة ستة أيام، وأنه تعرّض للمس بكرامته عبر الاعتداء الجنسي عليه، سعياً لانتزاع اعترافات منه حول اتهامات له بالنشاط لصالح حركة مقرها في باريس، تطالب بالحكم الذاتي في منطقة القبائل.
ودفعت الضغوط السياسية والإعلامية بشأن هذه القضية السلطات الجزائرية إلى فتح تحقيق قضائي في وقائع التعذيب، وأحيل الملف إلى القضاء العسكري.
وطالبت اللجنة بالكشف عن المتورطين ومحاسبتهم، وغلق أماكن التعذيب مثل مركز "عنتر".
كما ذكرت اللجنة أنه "يتوجب على السلطات الجزائرية حظر ممارسة التعذيب الذي يمارس منذ الاستقلال حتى اليوم، ووقف إفلات الجلادين من العقاب الذي تغطيه السلطة السياسية ومؤسسات العدالة وآلياتها"، مشيرة إلى أن "سيادة القانون والحريات الفردية والجماعية والديمقراطية للجزائريين لا يمكن أن يحجبها القمع والخوف".
وتعهدت اللجنة بالسعي لتدوين قضايا التعذيب وكشفها: "سنبذل قصارى جهدنا لتحرير أصوات الضحايا، والتعرّف على مرتكبي التعذيب، وإتاحة حقائق ووثائق للرأي العام من شأنها زيادة الوعي حول ملف التعذيب بكافة أشكاله".
وإضافة إلى قضية التعذيب، تبنت اللجنة كشف "ظروف الاعتقال والسجن التي ينقلها المحامون، حيث تؤكد وجود سوء معاملة وعنف وتعذيب في مختلف هياكل الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى، وكذلك في السجون، إضافة إلى إبعاد المعتقلين بإجراءات تأديبية وقمعية قاسية، وضغط نفسي لا يطاق يسلط على معتقلي الرأي في الجزائر".
وفي السياق نفسه نظّمت الجالية الجزائرية وقفة في باريس أمام القنصلية الجزائرية، لإدانة ممارسة التعذيب في الجزائر، ورُفعت خلال الوقفة صور لناشطين تعرضوا للتعذيب في مراكز أمنية.