اعتبر سياسيون ومحامون تونسيون قرار الإفراج عن عضو جبهة الخلاص الوطني، شيماء عيسى، والمحامي الأزهر العكرمي "بادرة أمل"، لكنهم قالوا إن الخطوة تبقى منقوصة ولن تكتمل إلا بإطلاق سراح بقية المعتقلين السياسيين.
وكانت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس قد قرّرت، مساء الخميس، رفض استئناف النّيابة العموميّة لقرار قاضي التّحقيق بالمكتب 36، الإفراج عن شيماء عيسى، كما استجابت لطلب هيئة الدّفاع بالإفراج عن المحامي محمد الأزهر العكرمي، فيما رفضت الإفراج عن كل من محمد خيام التركي، وعبد الحميد الجلاصي، ورضا بالحاج، وغازي الشواشي، وجوهر بن مبارك، وعصام الشابي.
وشنّت السلطات التونسية حملة اعتقالات في الأشهر الأخيرة، استهدفت على وجه الخصوص قادة ونشطاء سياسيين من أحزاب المعارضة، في خطوة اعتبرتها أوساط حقوقية ومدنية تونسية، عودة لنظام الاستبداد.
وقالت عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامية دليلة مصدق في حديث لـ"العربي الجديد"، إن قرار الإفراج عن شيماء عيسى والأزهر العكرمي "مؤشر إيجابي على أن الملف بدأ يتحرك"، مبينة: "كلمة الحق بدأت تعود، ولكن الإفراج عن شخصين والاحتفاظ ببقية المعتقلين لا مبرر له".
وأوضحت مصدق أن ملفات المعتقلين متشابهة بالوقائع والتهم، مشيرة إلى أن "هيئة الدفاع ستجتمع قريباً وتعلن عن الخطوات القادمة".
ولفتت مصدق إلى أن "تقديم طلب جديد بالإفراج لن يكون إلا بعد شهر من تاريخ تقديم الطلب الأول والذي كان في 23 يونيو/حزيران الماضي"، مضيفة أن اجتماع الهيئة سيحدد موعد تقديم الطلب الثاني، ويقر خطوات أخرى.
وحول ردة فعل بقية السجناء بعد هذا القرار، قالت مصدق: "كان بين الفرحة والاستغراب. لم يفهموا لماذا الإفراج عن اثنين فقط، والاحتفاظ بالبقية في السجن، في حين أنهم جميعاً يواجهون القضية نفسها وسجنوا في الملف نفسه، حيث تشترك قضية جوهر وشيماء ورضا بالحاج في الوقائع والتهم أنفسهما".
وأضافت: "لو غيرنا اسماً بآخر فلن يجر التفطن للتغيير لتشابه الوقائع".
وقال عضو هيئة الدفاع، المحامي مختار الجماعي في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "بالرغم من أن وضعية شيماء عيسى والأزهر العكرمي مرتبطة ارتباطاً موضوعياً وإجرائياً وثيقاً ببقية المعتقلين، فإن دائرة الاتهام وجدت وجاهة في إطلاق سراحهما دوناً عن بقية المتهمين"، مضيفاً أن "للقضاء سلطته التقديرية، ولكن نعتقد كدفاع أن السؤال، ليس لماذا أطلقت شيماء والعكرمي دوناً عن غيرهما؟، وإنما لماذا صدرت بطاقات الإيداع في السجن في حقهما وحق البقية؟".
من جهته، قال عضو جبهة الخلاص الوطني، عز الدين الحزقي (والد المعتقل جوهر بن مبارك)، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الأصل هو عدم إيقاف وسجن هؤلاء السياسيين"، مبيناً: "الإفراج عن شخصين قرار مهم، وقد سعدنا به، ولكننا لا نريد سجن أي سياسي، وكان يؤمل الإفراج عن الكل، لأن القضية واحدة، والأصل في الأشياء هي الحرية لا السجن، لأن كرامة الشخص تنتهك".
وتابع الحزقي أن "السؤال هو لماذا سجنوا؟ ولماذا غادر البعض منهم فقط؟"، مشيراً إلى أن "القرار سياسي، وسبق لـ (الرئيس التونسي قيس) سعيد أن نعت هؤلاء بالمجرمين والخونة، وهي اتهامات لا دليل عليها".
وقال: "هناك سريالية في كل ما يحصل، ومن المفروض بحسب القانون الدولي ألا يسجن أي شخص دون وجود أدلة ثابتة وقطعية"، مضيفاً أن أي اعتقال دون دليل هو "قرار ضد الإنسانية". وقال: "القمع مدان ولكن العقاب غير مدان وتبقى له شروط أهمها المحاكمة العادلة والإنسانية".
وقالت القيادية في حركة النهضة، والنائبة السابقة، يمينة الزغلامي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الإفراج عن شيماء والعكرمي هو إفراج مؤقت، حيث لا يزالان على ذمة القضية إلى حين استكمال الأبحاث".
واعتبرت أن إجراءات أخرى كان من الممكن اتخاذها بحق بقية المعتقلين، كمنع السفر والتحقيق معهم وهم في حالة سراح، مضيفة: "بقاؤهم في السجن بهذه الطريقة مرفوض وانتهاك لحقوقهم".
وقال: "الملفات فارغة. هؤلاء لا يعتبرون خونة ولا متآمرين لأنهم اجتمعوا في إطار مبادرة سياسية، وحاولوا توسيع الحوار، وجمع شمل المعارضة"، مبينة في الوقت ذاته أن قرار الإفراج خطوة مهمة نحو إطلاق سراح بقية المعتقلين، وبادرة أمل لكي يحظى هؤلاء بمحاكمة عادلة خلال الأيام القادمة.