قالت هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية شركة "إنستالينغو" المتخصصة في صناعة المحتوى، إن هذه القضية التي شملت رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيسي الحكومة السابقين علي العريض وحمادي الجبالي وعدة شخصيات وقيادات أمنية، هي قضية مسيّسة، هدفها تصفية الخصوم السياسيين والإعلاميين، كما أنها لم تخل منذ البداية من خروقات قانونية وإجرائية "جسيمة".
وقضية شركة "إنستالينغو" التي تمّ الكشف عنها في منتصف شهر سبتمبر/ أيلول 2021 تتعلق بشركة منتجة للمضامين الإلكترونية يقع مقرها في إحدى المدن الساحلية التونسية اتهمت بأنها تدير صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي الهدف منها "تشويه صورة الرئيس التونسي قيس سعيّد، وإرباك الأمن العام"، وهي تهمة نفاها هيثم الكحيلي صاحب الشركة.
ويشار إلى أن المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية سوسة 2 والناطق الرسمي باسمها رشدي بن رمضان، كان قد أكد في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (وات)، أن قاضي التحقيق بالمحكمة، أصدر في 23 مايو/أيار الماضي بطاقة إيداع بالسجن بحق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، باعتباره من ذوي الشبهة في قضية شركة "إنستالينغو".
وقال رئيس هيئة الدفاع، المحامي مختار الجماعي، خلال مؤتمر صحافي، اليوم الاثنين، إن مؤتمراً صحافياً سيعقد بشكل دوري لكشف المستجدات في هذه القضية، مبينا أنه "تمت شيطنة شركة إنستالينغو حيث أصبح هذا المصطلح رديف القيم السلبية، ويعني الخروج عن القانون".
وأضاف أن هذه القضية شملت شخصيات سياسية وإعلامية وحتى عائلات بجميع أفرادها، مبينا أن هيئة الدفاع ملزمة بعدم إفشاء ما يوجد في المحاضر "ولكن هذا لا يعني عدم تقديم معلومات حول سير القضية".
ولفت الجماعي إلى أن "شركة إنستالينغو مسجلة في تونس ومعترف بها، وتقدم حساباتها البنكية بانتظام"، مبينا أنها شركة مختصة في المحتوى الإعلامي، وعملاؤها من جميع أنحاء العالم.
وقال إنها توقفت عن النشاط في 21 سبتمبر/أيلول الماضي بسبب التتبعات القانونية التي طاولتها، وحجز معداتها، وإيقاف عشرات الصحافيين والعاملين فيها، مشيرا إلى أن "التحقيق والاستماع عرف منذ البداية خروقات إجرائية كبيرة، وأرفقت به الصبغة الإرهابية، ولكن جل الإجراءات آلت في الأخير إلى حفظ الملف في هذا الجانب على الأقل، والإبقاء على جميع المتهمين في حالة سراح مع مواصلة العمل على القضية".
وكان قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثاني بالمحكمة في سوسة، ختم في 19 يونيو/حزيران 2023، الأبحاث المتعلقة بالملف التحقيقي المعروف بقضية شركة "إنستالينغو" بعد استكمالها، وقرر حفظ التهم في حق 15 مشتبهًا به من بينهم صحافية، وإحالة 36 متهمًا على دائرة الاتهام بحالة سراح أو إيقاف.
وقال الجماعي إن "الخلاف بين النيابة العمومية والتحقيق كان بارزا وانتهى بعزل بعض القضاة الذين عملوا على القضية، ثم تعهدت محكمة سوسة 2 بهذه القضية، وبعد عام من الاستماع ظهرت مخالفات إجرائية كبيرة".
وقال: رغم أنها قضية يعتبر المحجوز فيها أهم وسائل الإثبات، إلا أنه لا يوجد أي محجوز ذي قيمة"، مبيناً أن "الملف ككل بني على تصريحات".
وأشار إلى أن البحث الذي أجري في القضية، شمل أمنيين وشخصيات بارزة في الدولة كرؤساء حكومات سابقين، ورئيس ناد رياضي سابق"، لافتاً إلى أنها وصفت بقضية تآمر ضد أمن الدولة، في حين أن "بعض الوشاة من الأمنيين تم إرجاعهم إلى مناصب في عملهم".
وبين أن "محاولة توجيه القضية كانت واضحة، لاستهداف خصم سياسي". وقال إن شركة إنستالينغو أبرمت عقدا مع وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي في حملته الرئاسية ضد الرئيس التونسي قيس سعيد ومع ذلك لم يتم سماع أقواله، معتبراً أن النية كانت تتجه منذ البداية لتوجيه القضية نحو مصطلحات كبيرة وفساد مالي.
وأشار إلى أن هذه القضية بنيت على توجيه غير بريء للأبحاث، "بهدف تصفية خصوم سياسيين وإعلاميين".
وقال الجماعي إنه "سيجري، الخميس القادم، النظر في قرار دائرة الاتهام بعد انتهاء القاضي من التحقيق، والنظر في ما انتهت إليه الأبحاث وفي الاستئنافات بما في ذلك استئناف النيابة".
وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "القضية يمكن تكييفها ضمن جزءين: جرائم أصلية وأخرى بالمشاركة"، مبينا أنه من الناحية الأصلية هناك جرائم من قبيل التآمر على أمن الدولة وارتكاب أمر موحش ضد الرئيس وحث السكان على مهاجمة بعضهم، وهي قائمة تهم تتواتر في كل العصور والأزمان حيث تسعى السلطة لإلصاقها بالمعارضين السياسيين"، مشيرا إلى أن هناك "تهماً اقتصادية تتعلق بجرائم تبييض الأموال".
وكانت النيابة العمومية أذنت منذ يونيو/حزيران 2022 بفتح بحث تحقيقي أوّلي ضد 28 شخصا منهم راشد الغنوشي، في قضية "شركة إنستالينغو"، ليرتفع عدد المشمولين بالقضية إلى حوالي 46 متهما من بينهم 12 متهما بالسجن.
ويذكر أن 8 بطاقات جلب دولية أصدرت في حق عدد من الملاحقين بالخارج وجميعهم محالون على التحقيق في تهم أبرزها "غسل الأموال وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي والجوسسة".