أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش تصاعد "الإعدامات غير القانونية" وزيادة وتيرتها في العراق في عام 2024، داعية الرئيس العراقي إلى التوقف فوراً عن التصديق على هذه العقوبة، والتحقيق في جميع المزاعم ذات المصداقية بشأن التعذيب في السجون.
وقالت المنظمة في تقرير لها: "يظهر تنفيذ السلطات هذه الإعدامات بدون إشعار المحامين أو أفراد عائلات المعدومين مسبقا، وفي ظل مزاعم ذات مصداقية عن التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة".
وأوضحت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، أن "السلطات العراقية تنفذ القتل بموافقة الدولة على نطاق مقلق. ستترك الموافقات على هذه الإعدامات غير القانونية إرثا ملطخا بالدماء للرئيس عبد اللطيف رشيد". وأكدت المنظمة أنها "أجرت مقابلات مع خمسة أفراد من عائلات تسعة رجال حُكم عليهم بالإعدام، وأُعدم ثلاثة منهم في الأشهر الثلاثة الماضية، ومع محامٍ يمثل عشرات الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، والذي قدم تفاصيل حول أربع قضايا، ومع ناشطين". وأضافت أنها أرسلت في 14 أكتوبر/تشرين الأول رسالة إلى وزارة العدل تفصل هذه الادعاءات وتطلب معلومات عن ظروف السجن والإعدامات وإمكانية زيارة سجن الناصرية، لكنها لم تتلق أي رد.
وتابعت "لا تنشر الحكومة العراقية إحصاءات رسمية عن الإعدامات، ولن تقدمها رغم الطلبات المتعددة. وبحسب منظمة (آفاد)، وهي منظمة مستقلة تراقب الانتهاكات الحقوقية في العراق، أعدمت السلطات في سبتمبر/أيلول وحده 50 رجلا". ونددت "آفاد" في يونيو/حزيران بما سمّته الطفرة في "عمليات الإعدام السرية"، مشيرة إلى توثيقها 63 حالة إعدام في الأسابيع السابقة لم يُعلن عنها.
وتشير الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش إلى "قيام السلطات العراقية بشكل متزايد بتهديد نزلاء محكوم عليهم بالإعدام وجماعات غير حكومية لتحدثهم علنا عن الظروف في سجن الناصرية المركزي، وأنه منذ إبريل/نيسان، أُعدم خمسة رجال قدموا شكاوى مجهولة الاسم عبر محامٍ أجنبي إلى الأمم المتحدة".
وأضافت "كانت لدى اثنين منهم تقارير رسمية من لجنة طبية تابعة لـمجلس القضاء الأعلى العراقي تشهد بتعرضهما للتعذيب وتمكّنهما من تحديد هوية عناصر الأمن الذين عذبوهما، وطلب الرجلان من النيابة العامة فتح تحقيق مع عناصر الأمن الذين قالوا إنهم عذبوهما، لكن قال محاموهما إن التحقيق لم يُفتح قط، كما طلب الرجلان إعادة المحاكمة، لكن السلطات رفضت طلباتهما بسبب عدم وجود ملف للقضية، وأضاف محاموهما أن ملفات القضية هذه دُمرت في يونيو/حزيران 2014 عندما أحرق تنظيم داعش مبنى المحكمة الذي كانا يحتجزان فيه".
ونقلت هيومن رايتس ووتش تصريحات لأفراد من عائلات ضحايا الإعدام، وقال أحدهم إن "سبب الوفاة في شهادة وفاة قريبهم كان الإعدام شنقا، لكن لم تكن ثمة علامات حول رقبة الرجل تشير إلى الشنق عندما غسلوا الجثة قبل دفنها، ما أثار الشكوك حول طبيعة وفاته".
وقالت إحدى قريبات واحد ممن أُعدموا إن "قوات الأمن منعت الأسرة من إقامة مراسم الجنازة ونشرت أفرادها عند القبر". وأضافت "لاحظت في آخر مرة زرته فيها في السجن أن أظافره مفقودة، وأسنانه متساقطة، وكانت ثمة علامات على قدميه وحول عنقه". وقالت هيومن رايتس ووتش إن "فرض عقوبة الإعدام يكون تعسفيا وغير قانوني إذا انتُهكت ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم".
وأفاد مقررون خاصون للأمم المتحدة بأن ظروف سجن الناصرية غير إنسانية، بما في ذلك الافتقار إلى الرعاية الصحية والصرف الصحي، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، والوقت المحدود الذي يقضيه السجناء في الهواء الطلق، والاكتظاظ، والطعام الرديء.
وأرسلت المنظمة أربع رسائل إلى وزارة العدل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 تطلب معلومات عن ظروف السجن، والإعدامات، والتصديق على أحكام الإعدام، وإمكانية زيارة السجن. وفي 24 إبريل/نيسان، ردت الوزارة بأنها غير قادرة على تقديم أرقام عن عدد أحكام الإعدام الصادرة أو المصدّق عليها، أو الإعدامات التي نُفذت سنويا منذ عام 2020.
في مارس/آذار، التقت ممثلة عن المنظمة بالرئيس عبد اللطيف رشيد ووزير العدل خالد شواني وثلاثة أعضاء من المجلس الاستشاري الرئاسي في بغداد. ونفى رشيد مزاعم وجود مخالفات في التصديق على أحكام الإعدام، وحدد الخطوات التي اتخذها مكتبه لضمان حقوق أولئك الذين يواجهون عقوبة الإعدام، والتي أكدتها رسالة رد بتاريخ السابع من مارس/آذار. ونفى الوزير شواني مزاعم سوء المعاملة والتعذيب والإعدامات غير القانونية في سجن الناصرية، ووعد بتسهيل دخول هيومن رايتس ووتش إلى سجون الناصرية والكرخ والرصافة. ولم يستجب المسؤولون لطلبات الزيارة أو رسائل المتابعة اللاحقة، وفق المنظمة.
هيومن رايتس ووتش: العراق في طريقه لتصدر العالم في الإعدامات غير القانونية
ودعت المنظمة الرئيس العراقي إلى "التوقف فورا عن التصديق على عقوبة الإعدام، وفرض وقف فعلي لاستخدامها حتى يصدر البرلمان قانونا يلغي العقوبة"، مشددة على أنها "تعارض عقوبة الإعدام في جميع الظروف، لأنها بطبيعتها قاسية ولا يمكن الرجوع عنها".
وقالت "ينبغي لقضاة العراق، تماشياً مع المعايير القانونية الدولية والإجراءات الجنائية العراقية، التحقيق في جميع المزاعم ذات المصداقية بشأن التعذيب وقوات الأمن المسؤولة، ونقل المعتقلين إلى مرافق مختلفة لحمايتهم من الانتقام، وينبغي على السلطات القضائية التحقيق بشأن أي حوادث تعذيب وتحديد المسؤول عنها، ومعاقبة المسؤولين، وتعويض الضحية".
وقالت فقيه "بهذا المعدل، فإن العراق في طريقه إلى تصدُّر المراتب العليا عالميا في الإعدامات غير القانونية، ينبغي للحكومة بدلا من ذلك تركيز جهودها على إجراء إصلاحات حقيقية للقضاء ونظام السجون العراقيَّيْن وإلغاء عقوبة الإعدام إلى الأبد".
وكانت منظمة العفو الدولية قد أكدت في وقت سابق أن نحو ثمانية آلاف سجين عراقي صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، ودعت السلطات العراقية إلى الوقف الفوري لعمليات الإعدام "التي تصدر عقب محاكمات بالغة الجور وبعد انتزاع الاعترافات من المتهمين تحت الإكراه والتعذيب". وسبق أن نفت وزارة العدل العراقية مرات عدة تلك الاتهامات، وأكدت أن الإعدامات لا تنفذ إلا بعد إكمال الإجراءات القضائية والقانونية مع المعتقلين.