وتقارن صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تحليل نشرته مساء الخميس، بين استراتيجيتي بن لادن وزعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، مبينة أنّ الأول لعب دوراً رمزياً مركزياً مع تنظيم "القاعدة"، ومثّل أساس البروباغندا الدعائية للتنظيم، من خلال تصريحاته وظهوره الشخصي، ما يجعل إرثه راسخاً في فكر وبنية التنظيم. بينما كان البغدادي أقل أهمية في الدعاية التي يعتمد عليها "داعش"، نتيجة لكون التنظيم أقل مركزية وأقل اعتماداً على شخصية القائد.
وقد أعلن عن مقتل البغدادي، مرات عدة، مع أن الجماعة أصدرت مؤخراً ملفاً صوتياً من أجل إثبات أنه لا يزال حياً. ولكن حتى لو كانت تقارير مقتل البغدادي صحيحة، تتساءل الصحيفة: هل سيكون الأمر مهما بقدر ما كان قتل بن لادن؟ وتجيب: على الأغلب لا.
قد يكون بن لادن مسؤولاً عن العمليات اليومية لتنظيم "القاعدة" قبل 11 سبتمبر/ أيلول، لكنه بعد ذلك، قضى معظم حياته كأكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم، في دور القائد الرمزي للتنظيم. واعتمدت استراتيجيته على ملفه الشخصي ووضعه داخل الحركة الجهادية العالمية، للضغط على الجماعات المرتبطة من أجل اتباع توجيهاته.
ويقول باحثون إن تنظيم "داعش" أعدّ أيضاً لسنوات لاحتمال وفاة البغدادي. وقال أوتسو إيهو، وهو محلل في مركز IHS Jane’s للإرهاب والتمرد: "أنشئت البنية التنظيمية لداعش لتضمن عدم تعرض عمليات المجموعة لضربة قاصمة بعد موت البغدادي، مع وجود شبكة واسعة نسبياً من القادة، ومع بنية تعاقب من المرجح أن تكون عميقة".
بينما يبيّن تشارلي وينتر، وهو باحث في مركز لندن الدولي لدراسة التطرف المتخصص في بروباغندا التنظيم: "هناك سبب لعدم ظهوره (البغدادي) كثيراً في دعاية الجماعة، فهم يدركون أنهم إذا وضعوا كثيراً من التركيز على شخص واحد يمكن قتله، فإن المنظمة بأكملها قد تعاني".
تتابع الصحيفة: "لفهم السبب، يمكن تتبع تاريخ الدولة الإسلامية. فقد أسسه أبو مصعب الزرقاوي، عام 2004، عقب الغزو الأميركي للعراق، حيث كان معروفا باسم القاعدة فى العراق. وكان تنظيم الزرقاوي، وهو أردني قتل في غارة جوية أميركية في عام 2006، مرتبطاً بابن لادن كما يبين اسمه".
ويضيف: "لكن في معظم الحالات، لا يؤدي مقتل القائد إلا إلى زيادة الخلفاء الأكثر راديكالية. وكانت هذه هي الحال بالنسبة لقتل بن لادن، الذي فتح الطريق أمام قادة جدد وأمام إنشاء جماعات منشقة جذرية جديدة، لم تعد مرتبطة بنفوذه. وشمل ذلك مجموعة البغدادي، والتي اكتسبت بعد وقت قصير زخماً في العراق وسورية، ثم تورطت بالفعل في حربها الأهلية".
وبعد عامين من وفاة بن لادن، كان تنظيم داعش ينفذ مجموعة جديدة من الاعتداءات في الشرق الأوسط وحول العالم. وسرعان ما وصف المسؤولون الأميركيون "داعش" بأنه أكثر خطورة من تنظيم "القاعدة". وعلى الرغم من أن البغدادي كان خليفة يدير أراضي فعلية، إلا أنه لم يصل أبداً إلى وضع بن لادن داخل الحركة الجهادية العالمية، ومن غير المحتمل أن يفعل ذلك.