إسرائيل رفضت طلبات استيراد الذخائر للأجهزة الأمنية الفلسطينية
قدرة واشنطن في تقديم الدعم المباشر للسلطة الفلسطينية محدودة
منذ بدء الحرب دفعت السلطة الفلسطينية لموظفيها أقل من نصف رواتبهم
استعرضت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، اليوم الثلاثاء، تحديات عدة تعوق خطة الولايات المتحدة الأميركية في إعادة إحياء السلطة الفلسطينية كجزء من رؤية "اليوم التالي" للحرب على قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن ضباط ومسؤولين في السلطة الفلسطينية قولهم إنّ ضعف التمويل، وكذا صعوبة التدريب على الأسلحة الحديثة، والتدخل الإسرائيلي المستمر في المناطق التي تقع تحت سيطرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، كلها تحديات تقف عائقاً أمام خطة أميركا بإحياء السلطة الفلسطينية.
ومن داخل مركز تدريب في مدينة أريحا الفلسطينية، قال ضابط أمن فلسطيني، في حديثه مع الصحيفة الأميركية، إنّ "الأجهزة الأمنية تحاول بكل إمكانياتها، لكنها تواجه تحديات كبيرة في عمليات التدريب".
وبحسب الصحيفة، فإن قوات الأمن الفلسطينية لا تزال تعاني من نقص مزمن في التمويل، ولا تحظى بتأييد من قبل الشعب الفلسطيني، كما أنها غير مجهزة لتحمل المسؤوليات الهائلة المطلوبة منها بموجب التصور الأميركي.
واعتمدت السلطة الفلسطينية على مر السنين على المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة وأوروبا وعائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل (أموال المقاصة)، وأصبحت الحكومة الفلسطينية على وشك الانهيار مالياً بعد ما علّقت إسرائيل عائدات الضرائب بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد كتب في مقال له، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنّه يجب "إعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل هيكل حكم واحد، وفي ظل سلطة فلسطينية متجددة".
وبحسب ضابط الأمن الفلسطيني، الذي تحدثت معه الصحيفة، فإنه خلال العام الماضي، لم يكن لدى مركز التدريب التابع للسلطة الفلسطينية في مدينة أريحا ذخيرة حية، لأن إسرائيل رفضت طلبات الاستيراد التي قدمتها السلطة الفلسطينية، موضحاً أن مجموعات بسيطة من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية كانوا يذهبون إلى الأردن من أجل التدرب على استخدام الأسلحة الحقيقية.
وتعد قدرة الولايات المتحدة في تقديم الدعم المباشر للسلطة الفلسطينية محدودة، ففي مارس/ آذار 2018، أصدر الكونغرس قانون "تايلور فورس"، الذي علّق المساعدة الاقتصادية الثنائية الأميركية للسلطة الفلسطينية، بسبب مدفوعاتها لعائلات الشهداء والأسرى.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين فلسطينيين وغربيين قولهم إنّ هناك حاجة لجهود كبيرة لتوسيع وتدريب قوات الأمن الفلسطينية، من أجل التعامل مع قطاع غزة، وأيضاً يجب العمل من أجل الحصول على موافقة سياسية من الحكومة الإسرائيلية التي تعارض الخطة الأميركية علناً.
وأكد دبلوماسي غربي تحدث، شريطة عدم الكشف عن هويته، في حديثه مع الصحيفة، أن تعزيز قوات الأمن الفلسطينية، من خلال وزارة الخارجية سيتطلب تفويضاً جديداً من إسرائيل، مضيفاً أن السلطة الفلسطينية ليست مستعدة للعمل في قطاع غزة، ولن تكون مستعدة في أي وقت قريب".
من جهته، أوضح الباحث في مركز استوكهولم الدولي للسلام، علاء الترتير، أن واشنطن منذ البداية اهتمت بـ"وظيفة وفعالية قوات الأمن الفلسطينية في احتواء أي مواجهة، لكنها تجاهلت أمن الشعب الفلسطيني".
وفي وقت مبكر من الحرب في غزة، دعت الولايات المتحدة إلى الاعتماد على السلطة الفلسطينية لحكم القطاع بعد إعادة إدخال إصلاحات في بنيتها. وعبّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من أنّ السلطة لن تكون مستقرة من دون زيادة الإيرادات التي تكفي للحفاظ على سيطرتها في الضفة الغربية، ناهيك عن أن تكون في وضع يسمح لها بالاضطلاع بدور موسع.
وعلى الرغم من أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وآخرين في الإدارة، أعلنوا أنّ السلطة الفلسطينية "المعاد تنشيطها" يجب أن تدير القطاع، فإنهم لم يكشفوا عن تفاصيل حول كيفية تنفيذ ذلك، وواجهوا بالفعل معارضة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي استبعد فعلياً أي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية في غزة.
ولا تحظى السلطة الفلسطينية الحالية بشعبية لدى العديد من الفلسطينيين، الذين ينظرون إليها على أنها فاسدة وبعيدة عن الواقع وضعيفة، وفق الصحيفة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول، أوقف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تسليم جميع عائدات الضرائب التي كانت تحوّل شهرياً إلى السلطة الفلسطينية، واختارت الحكومة الإسرائيلية بعد ذلك تعليق الإيرادات المخصصة لموظفي السلطة الفلسطينية في غزة فقط، زاعمة أنّ الأموال "تذهب إلى جيوب عناصر حماس".
وتكافح إدارة بايدن للتغلّب على المخاوف بشأن "شيخوخة قيادة السلطة الفلسطينية وعدم شعبيتها"، وخاصة في غزة. ويقول المسؤولون الأميركيون إنه إذا نفدت أموال السلطة، فإنّ الساحة ستكون مفتوحة للفصائل التي تعتبرها الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر تطرفاً وتعارض التسوية.