ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الخميس، أن إيران تخطّط لتصعيد هجماتها ضدّ القوات الأميركية في سورية. وأفادت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين استخباراتيين ووثائق سريّة، بأنّ إيران تسلّح المقاتلين في سورية لإطلاق مرحلة جديدة من الهجمات القاتلة ضدّ القوات الأميركية في البلاد، بينما تعمل أيضاً مع روسيا على استراتيجية أوسع لطرد الأميركيين من المنطقة.
وتشير الوثائق الاستخباراتية السرية التي حصلت عليها الصحيفة، إلى أن إيران وحلفاءها يقومون بإنشاء وتدريب قوات على استخدام قنابل أكثر قوة، خارقة للدروع، تهدف تحديداً لاستهداف المركبات العسكرية الأميركية، وقتل الأفراد الأميركيين. وستشكّل مثل هذه الهجمات، وفق الصحيفة، تصعيداً لحملة إيران طويلة الأمد، باستخدام مليشيات بالوكالة، لشنّ ضربات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على القوات الأميركية في سورية.
Such attacks would constitute an escalation of Iran’s long-running campaign of using proxy militias to launch rocket and drone strikes on U.S. forces in Syria. https://t.co/FS16tQ4T2N
— The Washington Post (@washingtonpost) June 1, 2023
ويقول محللون استخباراتيون وخبراء أسلحة حاليون وسابقون، إن العبوات الناسفة الجديدة يمكن أن تزيد من الخسائر في صفوف الأميركيين، ما يهدّد بمواجهة عسكرية أوسع مع إيران. يذكر أنّ هذا النوع من الأسلحة، المعروف بالمتفجرات الخارقة للدروع، سبق أن استُخدم من قبل المسلحين الموالين لإيران، في هجمات مميتة ضد القوافل العسكرية الأميركية، أثناء الغزو الأميركي للعراق.
ووفق تقرير استخباراتي، فقد أدار وأشرف مسؤولون في وحدة "فيلق القدس" الإيرانية على اختبار أحد المتفجرات، والتي قيل إنها شقّت لوحة مصفحة لدبابة، في أواخر يناير/كانون الثاني في الضمير، شرق دمشق. ويبدو أن التقرير، الذي يُعدّ جزءاً من مجموعة من المستندات السرية التي جرى تسريبها، عبر منصة "ديسكورد"، يستند إلى اتصالات جرى اعتراضها لمسلحين سوريين ولبنانيين متحالفين مع إيران.
وتشير الصحيفة إلى أنه يبدو أنه أُحبطت إحدى المحاولات الواضحة لاستخدام مثل هذه الأسلحة ضد القوات الأميركية في أواخر فبراير/شباط، عندما استولى مقاتلون أكراد متحالفون مع الولايات المتحدة، على ثلاث قنابل في شمال شرق سورية، وفق ما تظهره وثيقة ثانية.
وهنا، يقول الخبير في الجماعات المسلّحة المدعومة من إيران ومؤسس موقع "مليشيا سبوتلايت" مايكل نايتس، إنه كان هناك تغيير جذري في قبولهم لمخاطر قتل الأميركيين في سورية، مضيفاً: "هذا بالتأكيد سيقتل الناس. وهم يفكرون بجدية في كيفية القيام بذلك".
جهد ثلاثي لطرد واشنطن من سورية
إلى ذلك، تتحدث وثيقة أخرى في المجموعة، عن جهود جديدة وأوسع نطاقاً من قبل موسكو، ودمشق، وطهران، لطرد الولايات المتحدة من سورية، وهو هدف طال انتظاره، يسمح لرئيس النظام السوري بشار الأسد باستعادة المحافظات الشرقية التي يسيطر عليها الآن الأكراد الذين تدعمهم واشنطن. وتقول الصحيفة إن وجود القوات الأميركية في سورية يخلق فرصاً لصراع جديد، إذ تصف وثيقة إضافية كيف كانت إيران وحلفاءها يستعدّون للردّ على الغارات الإسرائيلية على قواتهم، من خلال ضرب القواعد الأميركية في سورية.
وتصف الوثائق المسرّبة خططاً لحملة واسعة النطاق من قبل معارضي الولايات المتحدة، قد تنطوي على تأجيج المقاومة الشعبية، ودعم حركة شعبية لتنفيذ هجمات ضد الأميركيين في شرق وشمال شرق سورية. ويشير تقييم استخباراتي سري أُعدّ في يناير/كانون الثاني، إلى اجتماع عُقد بين كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الروس والإيرانيين والسوريين في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اتفقوا خلاله على إنشاء "مركز تنسيق" لإدارة الحملة.
وفي وقت لم تكن هناك إشارات في المستندات إلى تورّط روسي مباشر في التخطيط لحملة القصف، إلا أن الوثائق المسرّبة تشير إلى دور أكثر نشاطاً لروسيا في الجهود المناهضة للولايات المتحدة. وفي هذا السياق، يعتبر الزميل الكبير في معهد أبحاث السياسة الخارجية آرون شتاين، أنه على الرغم من أن السياسة الروسية طويلة الأمد كانت إخراج الولايات المتحدة من سورية، إلا أن إنشاء مركز تنسيق مشترك لتحقيق هذا الهدف يُعدّ أمراً جديداً.
ويلفت إلى أنه في حال كانت الهجمات التي تشنّها المليشيات تهدف إلى قتل القوات الأميركية، فإنّ إيران وروسيا تعتقدان على الأرجح أنهما قادرتان على إدارة التصعيد، لأنّ الجيش الأميركي سيقوم على الأغلب في حصر ردّه بالضربات ضدّ أهداف داخل سورية، وهو الردّ الافتراضي تحت حكم كلّ من الرئيسين السابق دونالد ترامب والحالي جو بايدن.
بدوره، يقول رئيس قسم السياسات في المجلس السوري الأميركي والمعارضة لنظام الأسد محمد علاء غام، إن الخطط النشطة الجديدة التي تظهرها الوثائق المسرّبة تعني أنّ هناك احتمالاً كبيراً لتصعيد الأمور.
ورفضت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) التعليق على الوثائق المسرّبة، ولم تردّ على أسئلة بشأن المعلومات الاستخباراتية التي توضح تفاصيل المؤامرات الجديدة ضدّ القوات الأميركية في سورية، وفق الصحيفة. إلا أن حراك المليشيات المدعومة من إيران لتصعيد الهجمات ضدّ الأميركيين باستخدام قنابل تُزرع على الطرقات جرى تأكيدها في مقابلات مع مسؤولَين حاليَّين ومسؤول سابق لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات استخباراتية حساسة في المنطقة، حسبما قالت "واشنطن بوست".