قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إنّ الولايات المتحدة، دفعت باتجاه المصالحة الفلسطينية، مؤخراً، سعياً لضمان عودة السلطة إلى بسط سيطرتها على قطاع غزة، باعتبار ذلك شرطاً ضرورياً لإطلاق وإنجاح مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتسوية الإقليمية الشاملة، وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية براك رابيد، في تحليل نشره، اليوم الجمعة، إنّ هذا السبب، والدور المصري في إتمام المصالحة، يفسّران ما وصفه "الرد المنضبط" الصادر عن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، تعليقاً على إعلان التوصّل إلى اتفاق المصالحة الفلسطينية.
وأوضح رابيد أنّ موقف نتنياهو، جاء خلافاً لموقفه في العام 2014، بعد إعلان اتفاق المصالحة الفلسطينية السابق، حيث أصدر الكابينت السياسي والأمني لحكومة الاحتلال، آنذاك، قراراً بوقف كل الاتصالات السياسية، والمفاوضات مع السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.
واستشهد رابيد، للإشارة إلى الدور الأميركي المذكور، بالتصريحات التي أطلقها موفد الرئيس الأميركي لعملية السلام، جيسون غرينبلات، خلال الجولة التي قام بها في 30 أغسطس/ آب الماضي، في كيبوتس ناحل عوز المحاذي لقطاع غزة، حيث أعلن غرينبلات، في تصريح مفاجئ، أنّ على السلطة الفلسطينية أن تعود إلى قطاع غزة، و"هو أمر يدرك المحامي الأميركي غرينبلات، أنّه يمر فقط من خلال مصالحة كهذه أو تلك مع حركة حماس"، بحسب رابيد.
ووفقاً للصحافي الإسرائيلي، فإنّ ذلك التصريح لم ينجم عن خطأ، ولا كان زلة لسان بل هو جزء من سياسة أميركية، مشيراً إلى أنّ غرينبلات عاد وكرّر نفس الأقوال، في خطابه المطوّل أمام مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في سبتمبر/ أيلول في نيويورك، ثم عاد ودفع باتجاه إصدار بيان مشترك عن كل من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، حمل نفس الرسالة.
ورأى رابيد، أنّ إدارة ترامب المعنية بدفع عملية سلمية بين إسرائيل والفلسطينيين، ومنع اشتعال الأوضاع في قطاع غزة، تدرك جيّداً أنّ عودة السلطة إلى القطاع "مصيرية" لتحقيق هذين الهدفين.
كما أورد رابيد سبباً ثالثاً، يقف هو الآخر وراء هذا الموقف من المصالحة الفلسطينية، حتى لو لم تعترف به الحكومة الإسرائيلية علناً، إلا أنّه قائم ويظهر في كافة المداولات الداخلية الإسرائيلية، وهو أنّ المصالحة الفلسطينية وعودة السلطة إلى غزة، ولو بشكل جزئي وغير تام، يخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية.
واستذكر رابيد، أنّه في الأيام الأخيرة للعدوان الإسرائيلي السابق على غزة، عام 2014، بدأت تتبلور إعادة قوات الأمن الفلسطينية إلى المعابر الحدودية في القطاع، كمرحلة أولى في الطريق نحو جعل غزة منطقة منزوعة السلاح.
وأشار إلى أنّ وزيرة الخارجية الإسرائيلية في ذلك الوقت تسيبي ليفني، دفعت باتجاه استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بهذا الاتجاه، لكن مماطلة نتنياهو ورفض عباس، أسفرا عن إضاعة تلك الفرصة، و"يبدو أنّ هناك إدراكاً اليوم بأنّ الاتفاق يحمل أيضاً فرصاً وليس فقط تهديدات، وهو ما دفع بإسرائيل إلى عدم التحرّك مؤقتاً لإفشاله"، وفق رابيد.
ولفت رابيد، إلى أنّ التحوّل في موقف نتنياهو، قد يكون ناجماً أيضاً عن الاعتقاد الحالي، بأنّ الاتفاق الجديد قد يخرج فعلاً إلى حيّز النور، ويطبّق على أرض الواقع، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ حكومة الاحتلال ما زالت تملك الأدوات والقدرة على نسفه، لكنّها تختار حالياً عدم التحرّك.
وأضاف في هذا الإطار، إنّ نتنياهو، ووزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، يدركان جيداً أنّه عندما يؤيّد كل من ترامب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عملية المصالحة الفلسطينية الداخلية، فليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، خاتماً بالقول إنّه "ليس أمام الحكومة الإسرائيلية سوى التذمر بهدوء، والأمل بأن يثبت الفلسطينيون أنفسهم مرة أخرى، وإظهار أنّهم لا يفوتون فرصة لتفويت الفرص المتاحة أمامهم، وأن يقوموا، هم، بإفشال الاتفاق".