وزير الأشغال اللبناني السابق يعتذر عن حضور تحقيقات انفجار مرفأ بيروت

17 فبراير 2021
وزير الأشغال اللبناني السابق يوسف فنيانوس (فرانس برس)
+ الخط -

اعتذر وزير الأشغال اللبناني السابق يوسف فنيانوس، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في "تويتر" مساء الأربعاء، عن حضور جلسة الاستماع يوم غدٍ الخميس أمام المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان.

وقال فنيانوس إنه تلقى اتصالاً هاتفياً عند الساعة السابعة وإحدى وعشرين دقيقة مساءً من المباحث الجنائية المركزية لحضوره صباح الخميس للاستماع إليه كمدعى عليه أمام القاضي صوان، لافتاً إلى أن التبليغ أتى مخالفاً لأصول المحاكمات الجزائية، ولذلك فإنه يعتذر عن حضور الجلسة.

 

ويقول المحامي رفيق غريزي، لـ"العربي الجديد"، إنّه بالاستناد إلى قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن هناك مساراً يجب الالتزام به للتبليغ، فنّدته المواد القانونية، أهمها، أنّه "تبلّغ أوراق الدعوة والمذكرات والأحكام والقرارات الصادرة عن القضاء وتنفذ التدابير القضائية بواسطة مفارز أمنية خاصة تكون تابعة مباشرة للنائب العام ولقاضي التحقيق الأول لرؤساء الهيئات والمحاكم المختصة، وتكون مسؤولة أمام رئيس الهيئة القضائية الذي يوكل إليها أو يكلفها القيام بأي تبليغ أو إنفاذ أي تدبير في حال تلكؤها عن ذلك في الموعد المحدد"، وفق ما نصت عليه المادة 147.

 

ويضيف "يجب أن يُذكر في وثيقة التبليغ، علاوة على ما تقدم، الفعل الجرمي موضوع الملاحقة أو التحقيق أو المحاكمة والنص القانوني الذي يعاقب عليه والمرجع القضائي الواضع يده على الدعوى وصفة المطلوب تبليغه".

ويشير غريزي إلى أنّ "التبليغ يكون للشخص بحدّ ذاته، وإذا كان غير موجود في محل إقامته أو سكنه، فيجرى تبليغه بواسطة أحد أفراد عائلته أو العاملين في المنزل أو أي شخص آخر من المقيمين معه في سكن واحدٍ"، و"غيرها من أصول التبليغ المفنّدة".

في المقابل، يلفت المحامي غريزي، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أنّه "خلال الفترة الماضية، درجت العادة عند القضاء اللبناني على التبليغ هاتفياً، وهذا ما حصل مع نشطاء ومتظاهرين وأشخاص كثيرين، رغم أنّ الطريقة غير قانونية، أو شفافة ويصعب إثباتها، الأمر الذي يحتم طرح علامات استفهام كثيرة على السبب وراء اللجوء إلى التبليغ هاتفياً، وتجاوز الأصول القانونية المنصوص عنها".

ويشير غريزي إلى أنّه مع اعتذار فنيانوس اليوم، فإنه ينبغي إعادة تبليغه وفق الأصول، المذكور منها أعلاه، أما "إذا لم يكن لديه محل إقامة أو سكن، أو لم يجد مأمور التبليغ من يتبلغ عنه، فيجرى تبليغه بإلصاق نسخة عن وثيقة التبليغ على باب سكنه الأخير بشكل ثابت وبتسليم نسخة ثانية عنها إلى المختار التابع له سكنه الأخير وبإلصاق نسخة ثالثة على باب المرجع القضائي الآمر بالتبليغ"، تبعاً لما نصّت عليه المادة 149 من أصول المحاكمات الجزائية، ولكن بالطبع الوزير له محل إقامة معروف وثابت وهذه الفرضية غير قابلة للتطبيق في حالته، كما يؤكد غريزي.

 

ومن الناحية السياسية، يرى غريزي أنّ الوزير لو كان على ثقة ببراءته أو بالقضاء نفسه لما بحث عن عذرٍ للتغيّب عن الجلسة، بفعل "عيب التبليغ"، في خطوة شبيهة بالتلطي خلف الحصانات، التي استند إليها المدعى عليهم، ولا سيما النائبين خليل وزعيتر، إذ إنّه بجريمة مثل انفجار المرفأ والدمار البشري والمادي الذي خلّفه يجب أن تسقط كل الحصانات ومعها الحجج، وكل ما من شأنه إطالة أمد التحقيقات وعرقلتها.

ويلفت مصدر قضائي مطلع على الملف، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ المحقق العدلي يعطي هدايا للمدعى عليهم للتنصّل بسهولة من المثول أمامه والتذرع بنصوصٍ قانونية لدعم حججهم، مع مسارعتهم إلى استغلال الثغرات لاستخدامها لصالحهم، وآخرها طريقة التبليغ التي أتت هاتفياً، علماً أنه كان يمكن لفنيانوس حضور الجلسة غداً، لكنه قرّر الاعتذار لأسباب تبقى بسيطة وسطحية أمام حجم الانفجار.

وبتاريخ 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020، ادعى القاضي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزيَرْي المال السابق النائب علي حسن خليل، والأشغال العامة النائب غازي زعيتر، وفنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص، فكان أن رفض المدعى عليهم المثول أمام المحقق العدلي، واضعين خطوته في إطار الاستهداف السياسي، وخانة الاستنسابية. 

وتطوّر التمرّد إلى حدّ تقديم النائبين خليل وزعيتر طلباً بنقل الدعوى إلى قاضٍ آخر بسبب الارتياب المشروع، وخرق الدستور، في حين تضامنت مرجعيات سياسية، وطائفة على رأسها رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، ودار الفتوى، مع دياب، رافضين المسّ بموقع رئاسة الحكومة.

وبفعل ذلك، توقف القاضي صوان عن النظر في القضية، التي دخلت مسار الجمود منذ 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قبل أن تعيد محكمة التمييز الجزائية الملف إلى المحقق العدلي، إلى حين البت بطلب نقل الدعوى المقدّم من خليل وزعيتر للارتياب المشروع، بعد استكمال التبليغات، ويستأنف صوان التحقيقات يوم الخميس الماضي 11 فبراير/ شباط، بالاستماع إلى قادة أمنيين وعسكريين وإداريين مرتبطين وظيفياً بالمرفأ، على أن يستكمل الجلسات يوم غد الخميس.

 

وفي ظلّ الجمود المستمرّ حكومياً، وبقاء العقد الوزارية على حالها من دون أي تقدّم يذكر، خصوصاً مع دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أمس الثلاثاء رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري إلى ما يشبه "التنازل" بإعادة النظر في موقفه المتمسك بحكومة من 18 وزيراً، كخطوة في طريق الحلحلة، وملاقاة الرئيس ميشال عون بحكومة عشرينية، وصل الحريري اليوم في إطار جولاته الخارجية إلى الدوحة في قطر، والتقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. 

 وأجرى الحريري مباحثات مع وزير الخارجية القطري، في مأدبة عشاء أقامها على شرفه، تناولت الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، وفق ما أشار بيان صادر عن الحريري.

 

ولم يلتقِ رئيس الوزراء اللبناني المكلف وزير الخارجية القطري عندما زار لبنان في 9 فبراير/ شباط، بسبب جولته الفرنسية ولقائه الرئيس إيمانويل ماكرون، في حين عبّر الوزير القطري بشكل واضح في اجتماعاته مع الرؤساء الثلاثة عون، ونبيه بري، وحسان دياب، بأن لا مبادرة قطرية حالياً لجمع القوى السياسية اللبنانية على طاولة الدوحة، وأنّ قطر لا تحاول نسف المبادرة الفرنسية، بل تعمل على استكمال المساعي الدولية لتشكيل حكومة بأسرع وقت، لأن أي مشروعٍ أو برنامج اقتصادي متكامل لدعم لبنان يتطلب وجود حكومة.