استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ليل أمس الأربعاء، وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الذي وصل مساءً إلى الجزائر.
وأكد لودريان، في تصريح صحافي، أن "باريس تولي أهمية كبيرة لإعادة العلاقات الثنائية مع الجزائر، على أساس من الثقة وروح التضامن كأساس للشراكة بين البلدين". وقال: "نولي أهمية بالغة لتواجدي في الجزائر من جديد، وأشكر الرئيس تبون على هذا اللقاء المطول"، مضيفا أن هذه الزيارة، التي جاءت بعد أربعة أشهر من زيارته السابقة، هدفها "الاستمرار في العمل الذي بدأناه في ما يخص إعادة بعث العلاقات الثنائية المهمة لدى الطرفين، والتي نتمنى أن تكون مستمرة في الاجتماع المقبل للجنة الوزارية العليا المشتركة الجزائرية-الفرنسية".
وأوضح الوزير الفرنسي أنه تناول مع الرئيس تبون "عددا من الملفات الحساسة، وذلك في جو من الثقة وروح التضامن كأساس لشراكتنا، حيث تجمع البلدين علاقات تاريخية عميقة، وإنسانية متعددة تجمع الشعبين بضفتي المتوسط، كما نواجه تحديات إقليمية، في مقدمتها الإرهاب والتعاون الأمني، من أجل استقرار محيطنا الإقليمي المتوسطي والأفريقي، وتطور الوضع في منطقة الساحل، مع ضرورة بعث العملية الانتقالية في ليبيا".
وأضاف الوزير لودريان أن البلدين "يتقاسمان تحديات كبرى، في الوقت الذي يشهد فيه العالم تطور الوضع في أوكرانيا وانعكاساته على أمن أوروبا والاستقرار الدولي، وعلى تنويع تموين أوروبا بالمواد الطاقية".
وأجرى لودريان قبل لقائه الرئيس تبون مباحثات مع وزير الخارجية رمطان لعمامرة.
وجاءت زيارة لودريان مباشرة بعد طلب الجزائر إرجاء زيارة كان مقرّراً أن يقوم بها رئيس الحكومة الفرنسية جان كاستيكس إلى الجزائر في 23 مارس/آذار الماضي، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في فرنسا، ولا يُستبعد أن تكون زيارة لودريان ذات صلة بالجولة الثانية للانتخابات الفرنسية التي تجرى في 24 إبريل/نيسان الحالي، لطلب إسناد جزائري لصالح الرئيس إيمانويل ماكرون، من خلال الجالية الجزائرية الكبيرة المقيمة في فرنسا، والتي تُعدّ أكبر الجاليات المغاربية، وهو ما كان فعله ماكرون بنفسه خلال زيارته إلى الجزائر قبل ترشحه في الولاية السابقة عام 2017.
وتُعدّ زيارة لودريان الثانية من نوعها في غضون ثلاثة أشهر، ومن شأنها أن تعزز مؤشرات انتهاء الأزمة الدبلوماسية العاصفة التي شهدتها العلاقات الجزائرية الفرنسية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على خلفية تصريحات مثيرة للجدل أطلقها ماكرون بحق تاريخ الجزائر.
وجرى في أعقاب تلك التصريحات وقف الاتصالات الدبلوماسية مع باريس، واستدعاء سفير الجزائر للتشاور، كما أغلقت الجزائر في السياق نفسه مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية، ورفض الرئيس الجزائري الاستجابة لدعوة الرئيس ماكرون للمشاركة في مؤتمر باريس حول ليبيا.
وزار لودريان الجزائر، في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعدما اشترطت الجزائر لإعادة تطبيع العلاقات مع باريس إعلان هذه الأخيرة التزامات بشأن عدم التدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية، أو التعليق على قضايا تخصّ الداخل الجزائري، ونجح لودريان في إقناع السلطات الجزائرية بإعادة السفير إلى باريس، في 7 يناير/كانون الثاني الماضي.