تنشغل الأوساط التركية الشعبية والرسمية والإعلامية مؤخرا بفيديوهات ينشرها رجل المافيا سيدات بيكر، يدعي فيها بوجود ارتباطات بين رموز حزب "العدالة والتنمية" الحاكم مع رجال المافيا، وتورطهم ببعض الأعمال غير الشرعية، ما دفع وزير الداخلية سليمان صويلو للرد.
وشارك صويلو في برنامج حواري مباشر على قناة "خبر تورك" الثلاثاء، بمشاركة صحافيين معارضين، وجهوا له أسئلة تتعلق بالادعاءات التي ينشرها بيكر في فيديوهاته، حيث رفض الادعاءات الموجهة، مشددا على أنه تقدم بشكوى إلى القضاء للتحقيق في صحة المزاعم المقدمة، وفي حال إثباتها، وهي "غير صحيحة" بحسبه، فإنه مستعد لتحمل التبعات القانونية.
ونشر بيكر حتى الآن سبعة فيديوهات من مقر إقامته في الإمارات، عبر منصات التواصل الاجتماعي، حققت ملايين المشاهدات، وشغلت وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج السياسية وأقلام الكتاب، فيما يحقق القضاء في صحة هذه المزاعم.
وادعى بيكر أن "رجل الدولة العميقة" مدير الأمن العام السابق محمد آغر هو من لفق له ملفا قضائيا قاد إلى تفتيش منزله، وأن عملية التفتيش أدت إلى "إرعاب" ابنته، ما دفعه للتهديد بفضح جميع المسؤولين.
وتلاحق السلطات القضائية بيكر، وداهمت الشرطة مقاره ضمن مساعي القضاء على عصابات المافيا والمخدرات.
نشر بيكر حتى الآن سبعة فيديوهات من مقر إقامته في الإمارات، عبر منصات التواصل الاجتماعي، حققت ملايين المشاهدات، وشغلت وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج السياسية وأقلام الكتاب، فيما يحقق القضاء في صحة هذه المزاعم
وخلال الحوار، قال صويلو: "جميع الادعاءات التي يسوقها بيكر هراء، وهي عبارة عن حلقة منظمة تستهدف تركيا، وكلها ادعاءات لا صحة لها"، فمثلا جريمة كوتلو- التي اتهم فيها الوزير بالتقصير- أفاد بأن "جميع التقارير كتبت ولا توجد أي ثغرة"، داعيا مدير الأمن السابق محمد آغر إلى "ترك مهامه والاستقالة من منصبه في المرفأ الذي يتولى مسؤوليات فيه".
وردا على سؤال "لماذا يتم استهداف شخصية صويلو؟"، أجاب: "منذ عام 2016 تلقت التنظيمات المحظورة في تركيا أقسى أنواع الضربات الأمنية والعسكرية، سواء حزب "العمال الكردستاني"، أو "جماعة الخدمة"، أو تنظيم "داعش"، ووصلت إلى وضع صعب بشكل غير مسبوق، وهذا النجاح النادر للحكومة يقابله رفض من هذه الأطراف والجهات الداعمة، وبما أنه- أي صويلو- كان على رأس وزارة الداخلية، فإنه استهدف بهذه النجاحات".
وكثفت الأجهزة الأمنية التركية في السنوات الأخيرة حملاتها على التنظيمات المحظورة، وسجل للوزير صويلو نجاحه في هذه المهمة، وهو ما دفع بعض الأطراف للتنبؤ بأن يكون خليفة أردوغان في حزب "العدالة والتنمية".
وحول مزاعم توسّط الصحافي هادي أوزأشيك بين الوزير وبيكر، حيث يعتبر الصحافي من أبرز الشخصيات التي يعتمد عليها صويلو في حملاته الإعلامية والعلاقات العامة، وتجري تحقيقات معه، قرأ صويلو المراسلات بينه وبين الصحافي حول هذه القضية، مفندا على الهواء مباشرة صحة هذه المزاعم.
وردا على ادعاءات بيكر بأنه أعطى مبلغ 10 آلاف دولار رشوة لأحد سياسيي حزب "العدالة والتنمية"، قال الوزير أنه "سيدلي للسلطات القضائية باسم السياسي، وكل ما يعرفه عن الموضوع"، حيث نفى أن يكون (المشتبه فيه) من حزب "العدالة والتنمية" أو برلمانيا، دون أن يكشف عن اسمه، واكتفى بالقول إنه "سياسي".
واتهم صويلو رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو بأنه أبلغهم معرفته بما يتداولون في غرفهم بمقر الحزب، ويستمع لما يقولونه، مشبها ما يجري بأسلوب اتبعته "جماعة الخدمة" أثناء تغلغلها في مؤسسات الدولة.
وحول تخصيصه حماية لرجل المافيا بيكر، حسب ما ادعى، في دليل على وجود علاقة بينهما، قال صويلو إن "قرار تخصيص حماية يأتي بعد حصول الأجهزة الأمنية على معلومات حول محاولات اغتيال، وعندها كان هناك تهديد إرهابي يطاول بيكر، وعرضت عليه الحماية التي رفضها بداية، ولكنه وافق لاحقا".
ورفض صويلو تقديم الاستقالة أمام "ادعاءات لا أساس لها من الصحة"، مستغربا "تصديق كلام يقال دون دليل بسبب ضغوط إعلامية دولية ومحلية، وبضغوط المعارضة ووسائل إعلام موجهة تابعة لجهات معارضة"، مؤكدا أنه "لا يشعر بالوحدة، بل إلى جانبه الرئيس رجب طيب أردوغان ورفاقه في الحزب"، في وقت تعهد فيه بإدانة بيكر وجلبه وسجنه.
وفي وقت سابق من اليوم الثلاثاء، وعقب المقابلة، أعرب رئيس حزب الحركة القومية، دولت باهتشلي، عن تضامنه مع صويلو، وأنه ليس وحده أمام هذه الاستهداف، قائلا، في كلمة له أمام كتلة حزبه النيابية: "لا يمكن لأحد أن يستهدف القوات المسلحة ووزير الداخلية، وهم ليسوا وحدهم، الموضوع يهم الدولة وبقاءها، وعلى كل شخص أن يعرف مكانه وما يتفوه به، ولا يمكن حصر أولويات تركيا بالفيديوهات والافتراءات".
وأمس الاثنين، أعلن رئيس الوزراء الأخير في تركيا بن علي يلدريم أنه سيلجأ للقضاء بعد اتهامات ساقها بيكر لابنه بأنه يقوم بأنشطة تجارة مخدرات في فنزويلا، مبينا، في تصريح، أن ابنه كان في فنزويلا لتقديم مساعدات طبية تتعلق بمكافحة وباء كورونا.
ومن الواضح أن هذه المسألة لن تنتهي عند هذا الحد، حيث توعد بيكر، عبر حسابه الرسمي الموثق على "تويتر"، أن ينشر مقطع فيديو جديد قريبا ستكون فيه الضربة القاضية بحق صويلو، فيما تشهد وسائل التواصل الاجتماعي يوميا منشورات متبادلة من أنصار التحالف الحاكم وتحالف المعارضة، وتحقق أعلى نسب في المشاركة.