أقر وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، اليوم الثلاثاء، بأنّ بلاده تواجه عجزاً يصل إلى 35 مليار متر مكعب في الموارد المائية، كاشفاً في الوقت ذاته أنّ "المشروع القومي لتبطين المصارف" تضمن أخطاء فنية، نتجت عنها إزالة العديد من التغطيات بسبب أعمال الصيانة، وتعطل وصول المياه إلى الأراضي المراد ريها، لافتاً إلى أنّ "المركز القومي لبحوث المياه" التابع للوزارة يعمل حالياً على حلّ المشكلات الناجمة عن تغطية المصارف والترع في المحافظات المختلفة.
وقال سويلم، في الجلسة العامة لمجلس النواب، الثلاثاء، إنّ "تبطين المصارف هو خطأ فني لا يجب الوقوع فيه، والبديل هو تطهيرها، وصيانتها دورياً، وضمان عدم انهيار الجسور"، مردفاً "سنوقع عقوبات كبيرة على موظفين في الوزارة، من بينها إقالات ونقل من الوظائف والأماكن، على خلفية ما شاب مشروع تبطين المصارف من مخالفات".
وأضاف: "الحديث عن تبطين الترع هو أمر يحتاج إلى التدقيق، خصوصاً أنّ كثيراً منها ليس في حاجة إلى التبطين بالخرسانة مرتفعة التكاليف. ووزارة الموارد المائية تتحمل نحو 270 مليون جنيه سنوياً لرفع القمامة من الترع والمصارف، الأمر الذي يمثل عبئاً إضافياً على كاهل الوزارة، ويؤثر على الميزانية السنوية المخصصة لها".
وتابع سويلم: "العجز المائي في مصر ارتفع إلى نحو 35 مليار متر مكعب، وهو ما يجري تعويضه بالتوسع في استيراد الأغذية من الخارج، والتي تعكس حجم المياه الافتراضية الواردة مع الغذاء"، مشيراً إلى أنّ "موارد الدولة المائية تشمل 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل، و1.3 مليار من الأمطار، إضافة إلى حصة أخرى من المياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي".
وزاد: "الجهات المعنية في الدولة تبذل جهوداً حثيثة للحفاظ على مياه النيل، بوصف هذا الملف في منتهى التعقيد، لا سيما مع مضي إثيوبيا قدماً في مراحل ملء سد النهضة"، مستدركاً بقوله: "كل ما يهمنا هو تأمين احتياجات الشعب المصري من المياه، والحديث عن تداعيات ملء السد الإثيوبي هو كلام عن حق، ولذلك توجد متابعة يومية لتطورات هذا الملف الهام".
وأكمل سويلم: "يجب التعامل بمنتهى الحكمة في ملف سد النهضة، خاصة أننا اكتسبنا خبرات في السنوات السابقة للتعامل مع الملف. وما يجري استقطاعه في إثيوبيا بسبب ملء السد يتم تعويضه من مياه السد العالي، وفيضان العام السابق كان الأكبر خلال 115 عاماً، وبالتالي لم تتأثر حصة مصر من مياه النيل جراء الملء الثالث للسد، والذي شهد احتجاز أكبر كمية مياه يمكن أن تؤثر علينا".
وواصل: "الوزارة تدير شبكة المياه وإعادة استخدامها بكفاءة عالية، وتحرر الغرامات المالية بحق مزارعي الأرز المخالفين لقراراتها، والهادفة في الأساس إلى ترشيد استهلاك المياه، والحد من العجز الحالي"، مضيفاً "الدولة لديها تطلعات بشأن زراعة ملايين الأفدنة في غرب الدلتا وسيناء، وأماكن أخرى، غير أن ذلك يلزمه توفير كميات مياه إضافية للزراعة تصل إلى 8 مليارات متر مكعب سنوياً".
وختم سويلم بقوله: "من الممكن توفير هذا الكم من المياه مستقبلاً، من خلال معالجة مياه الصرف الصحي والزراعي بالتعاون مع أجهزة الدولة. والوزارة وقعت بروتوكولات تعاون مع الأزهر الشريف، والكنيسة الأرثوذكسية، ووزارتي الأوقاف والتربية والتعليم، من أجل الوصول إلى كافة فئات الشعب المصري، وتوعيتهم بأهمية الحفاظ على كل قطرة مياه من النيل".
وكان رئيس البرلمان حنفي جبالي قد اعترض على حديث أحد النواب بشأن ري الأراضي الزراعية بمياه الصرف الصحي، قائلاً: "الحديث عن ري الأراضي ببعض محافظات الدلتا بمياه الصرف لا يوجد دليل عليه، والحكومة قدمت رداً مفصلاً حوله في جلسات سابقة".
بينما قال النائب محمد هاشم إن لديه دلائل "على ري أراض زراعية بمياه الصرف الصحي، وعلى وجه التحديد في منطقة أراضي الخريجين بمركز سيدي سالم في محافظة كفر الشيخ، وستتم موافاة مجلس النواب بها في وقت قريب".
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، كشف "العربي الجديد" أن "المشروع القومي لتبطين المصارف" يواجه صعوبات فنية ولوجستية ومالية جمة. وهو عبارة عن إكساء السطح الترابي للقناة المائية لمنع تسرب المياه، سواء بطبقة من الأحجار بسمك 30 سنتيمتراً، وفوقه طبقة من الخرسانة العادية بسمك 10 سنتيمترات، أو عن طريق خرسانة مسلحة وأخرى عادية تعلوها طبقة من الرمال المثبتة.
ومشروع تبطين المصارف تكلف في مرحلته الأولى نحو 18 مليار جنيه (606 ملايين دولار)، وكان أحد الحلول التي اقترحتها جهات دولية وإقليمية على مصر، من أجل مواجهة الآثار السلبية لسد النهضة، ومنها مشكلة نقص المياه. ولكن مع تعثر الحكومة في سداد الديون الخارجية المتراكمة، أصبح الإنفاق على المشروع صعباً في الوقت الراهن.
وبعد مرور أقل من عامين على تسلم وزارة الري المصرية للترع المؤهلة، فوجئ المسؤولون في الوزارة بظهور عيوب فنية خطيرة، في وقت أشار فيه مختصون إلى أن الكثير من تلك الترع تم تبطينه بشكل خاطئ، بما يتعارض مع طبيعة الدور الذي تقوم به تلك القنوات في توصيل المياه إلى المزارعين بشكل طبيعي.
وأكد عدد من الفلاحين أن بعض الترع المؤهلة أخيراً تتضمن عيوباً كبيرة في التنفيذ حالت دون وصول المياه إلى الأراضي الزراعية في ظل انخفاض منسوب المياه فيها، وذلك بخلاف ما تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لصور من الواقع خاصة بتشققات كبيرة في جوانب الكثير من الترع المؤهلة.