توفي اليوم الأربعاء، السياسي الأردني رئيس الديوان الملكي الأسبق عدنان أبو عودة، عن عمر ناهز 89 عاماً، والذي لم تؤثر سنّه المتقدمة على حضوره الدائم النشاطات السياسية والاجتماعية، والاشتباك مع الشأن العام حتى أيامه الأخيرة.
ونعى رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، الوزير أبو عودة، معرباً عن أصدق مشاعر التعزية والمواساة بوفاة الفقيد، مستذكراً خدماته الجليلة وجهوده الكبيرة، وإسهاماته السياسية والفكرية والثقافية على مدى عقود، في مختلف المواقع التي شغلها.
كما نعى رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز الفقيد أبو عودة، مشيداً بمناقبه ودوره في خدمة وطنه في مختلف مواقع العمل العام التي شغلها، وخصوصاً في مجلس الأعيان، مضيفاً "بوفاة أبو عودة يكون الوطن قد خسر أحد رجالاته الأوفياء الذين لهم بصمات كبيرة في مجال العمل السياسي والإعلامي والثقافي وخدمة الأردن".
ومن أبرز المناصب التي تولاها أبو عودة: وزير الثقافة والإعلام 1974-1979، وعضو مجلس الأعيان 1979-1984، وعضو المجلس الوطني الاستشاري 1984-1988، ووزير البلاط الملكي 1988- 1991، والمستشار السياسي للملك 1991-1992، ورئيس الديوان الملكي 1992-1995، ومندوب الأردن لدى الأمم المتحدة 1997، ومستشار الملك عبد الله الثاني.
ولا تقتصر سيرة أبو عودة على إنجازاته الوطنية وامتداداتها العربية، فقد التحق بمركز العلاقات الدولية في جامعة هارفرد باحثًا زائرًا (1975-1976)، وبمعهد السلام الأميركي في واشنطن (1995-1996)، وبمعهد ولسون للعلاقات الدولية ومركز الشؤون الدولية والاستراتيجية في واشنطن (1996-1999). كما كان عضوًا في مجلس أمناء مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل. (2004-2012).
ولد أبو عودة في نابلس عام 1933، ونشأ في كنف عائلة متواضعة في نابلس، حيث كان والده يعمل في مصنع صابون خلال الانتداب البريطاني. كاد أن ينخرط في مهنة صيانة السيارات عندما أغلقت المدارس مدة عام لاستضافة اللاجئين عام 1948، ووالدته سيدة بسيطة، لا تقرأ ولا تكتب، أصرّت على أن يُكمل دراسته بعد أن أظهر نبوغاً دراسياً.
مطلع خمسينيات القرن الماضي، انخرط في العمل السياسي إبان سنوات دراسته الثانوية في نابلس، ثم إلى معهد المعلمين بعمّان ثم التحق بـ"حزب التحرير" قبل الانتقال إلى النقيض بانضمامه لخلايا "الحزب الشيوعي" كردّة فعل ناقمة بسبب حرمانه حينذاك من منحة دراسية في الخارج، بعدما حل سادساً على مستوى المملكة (الضفتان الشرقية والغربية) في ما كان يعرف بامتحان "المترك" الثانوية.
عند اندلاع حرب 1967 كان أبو عودة مبتعثاً لدورة مخابرات في لندن، وإبان أحداث سبتمبر/أيلول 1970 شارك الضابط برتبة رائد في جهاز المخابرات في الحكومة العسكرية التي تشكلت آنذاك، وزيرًا للإعلام، وعاد مجددًا في حكومة أحمد طوقان التي شُكلت في العام نفسه، ثم في حكومة وصفي التل في 1971، ما جعله هدفًا للحرب الكلامية التي شنتها منظمات فدائية ضده. وهي الحقيبة ذاتها التي تولاها في حكومات لاحقة، كانت آخرها عام 1984.
في مطلع الألفية الجديدة، تسببت آراء أبو عودة، بهجوم شرس ضده، باعتباره من المطالبين بما وصفه بالحقوق المنقوصة "للمواطنين الأردنيين من أصول فلسطينية"، مما دفعه إلى الاستقالة من منصبه مستشارًا سياسيًا للملك عبد الله الثاني.
من آراء أبو عودة قوله، "كل من يصل إلى الحكم على ظهر دبابة يغدو بقاؤه الشخصي في الحكم ليس همّه الرئيس فحسب، بل ومحور تفكيره السياسي على الصعيدين الداخلي والخارجي". ومما يذكر عن أبو عودة قوله "من ليس له عدو فهو تافه، يا ريتني طلعت ميكانيكي"، وكذلك "لو لم أكن سياسياً لكنت أكاديمياً".
صدر له عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، كتاب "المستدرك في يوميات عدنان أبو عودة" وكتاب "يوميات عدنان أبو عودة" (1988-1970)، كما صدر له كتاب بعنوان "إشكاليات السلام في الشرق الأوسط: رؤية من الداخل" (2000)، وكتاب آخر باللغة الإنكليزية.